لن أضيع الوقت والجهد في الحديث عن القوى السياسية العراقية، فهي بلا إستثناء تواجه مشكلة الإنكفاء الذاتي؛ وبات من الصعب عليها إيجاد أنصار جدد؛ وبالحقيقة فهي ضعيفة تعاني الهزال، وتحتاج إلى أن تدخل غرفة العناية المركزة..!
وعلى ضوء واقعها المتبل بالعجز، أتسائل تساؤلا حقيقيا هل ثمة بديل عن كلمة (قوى) في هذا المضمار؟..أي هل يصح أن نطلق عليها التسمية المناقضة؟!..ولا أكتمكم القول بأني لم أتمكن من التوصل الى نقيض تسمية قوى، وأستعين بكم وبحصافة المتخصصين منكم، كي يعينونني في الوصول الى هذا النقيض..لكن المعطيات التي في يدي تفيد أن نقيض القوة هو الضعف أو الوهن أو الهزال، ومنها نستطيع أن نقارب التسمية البديلة لـ(قوى)!..
وفي المعطيات فإن العجز الفاضح لهذه التي كان أسمها (قوى) قبل أن تضعف وتهن وتهزل..!.ناتج عن ظرف موضوعي داخلي وخارجي، وعن ترهل ذاتي رجعي، وافتقارها لآليات وبرامج سياسية حقيقية؛ جعلها تتحول إلى تكتلات مفرغة المضمون، غير واعية لمهامها الحقيقية، ولمستحقات هذه المهام، وعاجزة عن تحليل الواقع.
وما يعبر عن عجزها هذا، هو خطابها السطحي الهزيل، الذي ينشغل بقضايا صغيرة ويركز عليها، فيما يترك قادتها وأركانها القضايا الكبيرة بلا مقاربة؛ ليس فقط لأنهم غير قادرين على تفهمها فحسب، بل لأن القضايا الكبيرة أكبر منهم ومن (قواهم السياسي) ومن إمكاناتهم الفكرية واللوجستية والتنظيمية..ولذلك فإن أقصى ما يستطيعونه، هو أنهم باتوا باعة خطابات سياسية في سوق الإعلام؛ يحترفون الندب والردح في هذه السوق، وأدمنوا الانبطاح تكسبا أمام العامل الخارجي..
فكان لهذا العقم السياسي والفكري آثاره الكارثية، على مسار حاضرنا وبناء مستقبلنا، مثل تصاعد الخطاب المتشدد، وترسيخ المخاوف لدى قطاعات مجتمعية واسعة؛ مما أدى إلى تمسكها بدورها كمتفرج على مآلات الصراع.
إن الحقيقة التي يتعين أن تعترف بها معظم (القوى) السياسية أنها لم تعد (قوى)، سيما وأن معلمها الرئيس داخليا، يتمثل بغياب التنظيم السياسي والخطاب السياسي المسؤول.
ولدينا أمثلة لا تحصى على أصحاب الخطاب السياسي اللا مسؤول، والأيام السابقة قدمت نماذج من هذا الخطاب، جميعها لا تتسم بعدم المسؤولية فقط؛ بل أن بعضها يتحدى مشاعر الشعب ومطالبه المشروعة..
وفي هذا السياق، فإن النواب الذين يعلنون صراحة، موقفا مخالفا من قضية المطالب الشعبية بإلغاء الرواتب التقاعدية، التي منحت بطريقة مخالفة للدستور، للنواب والوزراء وكبار مسؤولي الدولة وساسة اللحظة العابرة؛ إنما يقفون في الصف المعادي للشعب، وبوقفتهم هذه، فإنهم لا يعون أنهم يخسرون حتى موطيء القدم الذي يقفون عليه اليوم في الساحة السياسية..
وكمثال واحد فقط لاغير، أسألكم ماذا قدم الألماني الجنسية، غازي عجيل الياور الذي حكم العراق شهرا واحدا، حتى يستحق هو وزوجته نسرين برواري التي كانت وزيرة لعدة أشهر، راتبا تقاعديا يقال أنه يبلغ 120 مليون دينار شهريا..!..
كلام قبل السلام: إنها الفجيعة تتغلغل في العظام، فحتى الهواء الذي نتنفّسهُ يُسرِّب إلينا رسائل مؤلمة.!
سلام....
https://telegram.me/buratha