المقالات

أعرافٌ لا تنصف الفقراء


مديحة الربيعي

هناك الكثير من الأعراف المتوارثة في مجتمعنا العراقي والتي يجد الناس أنفسهم مجبرين على تطبيقها رغم أن معظمها مغلوطة ورغم ذلك فهي لاتزال سارية المفعول الى يومنا هذا بل وأصبح الاهتمام بها أكثر من ذي قبل وأحد هذه العادات والاعراف الموروثة هي الأنفاق على مجالس العزاء بشكلٍ مبالغٍ فيه,حتى كأن الموضوع أصبح سباقا" من سيُنفق بشكل أكبر حتى يظهر عزاؤه بأفضل صورة أمام الناس , وفي الحقيقة فأن ذوي الفقيد مجبرين على ذلك لأن الأعراف تفرض عليهم هذا النوع من الشكليات لأن العزاء الذي لا تظهر فيه صورة من صور البذخ والرفاهية فأنهم يتهمون ذوي الفقيد بعدم مراعاة الأصول وأن فقيدهم ليس له قيمة لديهم .. فقيمة الفقيد من وجهة نظر المجتمع تقاس بمقدار ما ينفق على مجلس عزائه , فيتعدى الموضوع الحضور من باب المواساة وتقديم العزاء الى متابعة مدى الانفاق وتوجيه الانتقادات اللاذعة عند وجود تقصير بسيط , وكأن المثل القائل ( موت وخراب ديار) هو خير معبر عن لسان حال أصحاب مجلس العزاء , فيجدون انفسهم وسط دوامة من المتطلبات والتكاليف التي تثقل كاهلهم وتزيدهم هما" فوق همومهم , وهناك بعض العوائل البسيطة لا تملك المقدرة لمجاراة هذا الاستعراض الفارغ فماذا تفعل حيال ذلك ؟ خصوصا" أن سرادق العزاء لا تكاد تفارق الشوارع العراقية في يوم من الايام وبعض العوائل قد تفجع بأكثر من عزيز في نفس العام , وربما في نفس الشهر او نفس اليوم احيانا" بسبب تدهور الوضع الأمني الذي كتب على العراقيين ان يدفعوا ضريبته ويتساوى في حصته من الموت الغني والفقير فماذا سيصنع الفقراء حيال هذه الاعراف البالية ؟ مما يدفعهم لأنفاق آخر ما لديهم بل وحتى الاقتراض لمجاراة المجتمع وربما يكون المعيل هو من رحل وترك خلفه اطفالا" صغارا" لا يملكون حتى مقدرة الانفاق على العزاء بعد أن كان والدهم يخرج ليؤمن لهم فقط قوت يومهم ولم يترك لهم أية مدخرات تؤمن له العزاء اللائق بعد طالته أحدى السيارات المفخخة فتركت اطفاله يتامى يكابدون مرارة العيش,ألم يكن من باب أولى بالأعراف ان تنصف الفقراء وخصوصا" في مثل هذه الظروف التي يمر بها البلد ؟ ولماذا لا نتخذ من السلف الصالح قدوة خصوصا" أن ابا ذر الغفاري من خيرة صحابة رسول الله( عليه وعلى اله افضل الصلاة والسلام),وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام ) توفي ولم يكن في بيته ثمن الكفن ولم يقلل ذلك من قيمته شيئا" بين الناس ,فبقي أسمه تتناقله الأجيال جيلا" اثر جيل كعلم من أعلام الامة الاسلامية,آن الاوان ان تتغير تلك الاعراف وقوانينها التي لا يجد فيها البسطاء الا الحرج والخجل , ولنرجع الى كتابنا الكريم الذي انزله الله سبحانه وتعالى لأنصاف الفقراء ولنشر العدالة والمساواة,وكذلك سنة رسولنا الاعظم وعترته الطاهرة ( عليه وعليهم افضل الصلاة واتم التسليم) فقد كان دأبهم جميعا" البساطة والتواضع والزهد والابتعاد عن التباهي والاستعراض, فهم اولى بالأتباع من أي عادات وتقاليدمنشور في جريدة المراقب العراقي

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك