المقالات

أوباما يقرر قلب الطاولة ؟!

554 18:07:00 2013-09-09

محمد حسن الساعدي

الشعوب العربية وحتى الاسلاميه منها ، خلال تاريخها الطويل، لم تعرف حالات من الاضطراب والتشويش تماثل الحال التي تعانيها منذ ثلاث سنوات، فنلاحظ الصراع الدائر في عموم المنطقه العربيه ، من حرب في مصر ، الى تمزيق في تونس ، والى ضياع في ليبيا ، واسرائل مومنه وهادئه ، فليس قرار باراك اوباما بإعلان الحرب على سوريا صاعقة في سماء صافية بل هو تعبير عن مجموعة من العوامل التي تستدعي من موقعه محاولة أخيرة لتلافي مأزق خطير للإمبراطورية الأميركية ولهيمنتها الأحادية على العالم والمنطقة وهو ما يتصل عضويا بمأزق إسرائيلي متفاقم نتيجة تعاظم قوى الردع الإقليمية لدى منظومة المقاومة التي تمثل سوريا محورها المركزي وهذا ما يقصده أوباما بالكلام عن الأمن القومي الأميركي في ترويجه لقرار الحرب ..ان خطة توجيه ضربة موضعية محدودة ضد سورية من حيث الأهداف التكتيكية والمدة الزمنية المخصصة لها، بدعوى تأديب النظام في دمشق بسبب استعماله للسلاح الكيماوي ضد شعبه، ومنعه من أن يلجأ إلى مثل هذا الخيار المحرم دوليا مستقبلا، لم تقنع أحدا في العالم، ساسة وشعوبا، بما في ذلك الشعب الأمريكي والكونجرس نفسه.ومعلوم أن مثل هذه الخطة، وفق الصلاحيات التي يمنحها الدستور لرئيس الولايات المتحدة، لا تتطلب تفويضا خاصا من ممثلي الأمة، وبإمكان أوباما تنفيذها من دون العودة إلى الكونجرس، ما دامت المدة التي يفترض أن تتم فيها الضربة لا تتجاوز 3 أيام وفق ما صرح به ‘أوباما' فلماذا أصر ‘أوباما' على الذهاب إلى الكونجرس إذن؟خطة أوباما هذه، لم تكن مبررة من الناحية الشرعية لجهة استحالة استصدار قرار من مجلس الأمن يفوضه استعمال القوة ضد دولة ذات سيادة عضو في الأمم المتحدة، ما دفع بالرئيس الأمريكي، كما جرت العادة، للبحث عن تحالف دولي يشارك أمريكا أهدافها ويحجز له حصة من الغنائم والمكاسب المرجو تحقيقها من العدوان. وهو ما فشل فيه في هذه المرحلة المبكرة بسبب الغموض الذي يلف الخطة نفسها بسبب سرية الأهداف واستحالة الإعلان عنها في هذه المرحلة الحساسة، حتى لا تفقد عامل المفاجأة الحاسم. لذلك لاحظنا أن حتى الحلفاء طرحوا مجموعة تسائلات عن بداهة مثل هذا القرار من ناحية الجدوى بميزان الكلفة والنتائج المتوقعة (المردودية).لكن، وهذا أمر حقا مريب، لاحظنا عدم اهتمام الكونجرس الأمريكي خلال جلسة استماع لوزير الخارجية ‘جون كيري' و وزير الدفاع ‘شاك هاغل'، بمعرفة مدى صدقية تقارير الإستخبارات المركزية حول مسؤولية النظام السوري عن استعمال السلاح الكيماوي، وهو ما يكشف أن لا أحد يصدق هذه الذريعة، لكن في ذات الوقت، لا أحد اعترض عليها أو شكك في مصداقية التقارير الإستخباراتية، وهو ما يؤكد بوضوح، أن الهدف من الضربة ليس تأديب الرئيس الأسد لأسباب إنسانية تتعلق بحماية المدنيين من أسلحة الدمار الشامل كما زعم الرئيس الأمريكي كذبا، بل حماية أمن إسرائيل، وهو ما عبرعنه صراحة ‘جون كيري' بقوله: "نذهب للحرب لحماية إسرائيل".اليوم العدوان المباشر على سوريا بات هو الطريق الوحيد والأخير لاختبار القدرة الأميركية على قلب الطاولة وحماية الهيمنة الأحادية والتنصل من موجبات الشراكة في الواقع الدولي لأن انهيار الهيمنة الأحادية يعني التضحية بجميع المكاسب والامتيازات والمصالح الأميركية التي أتيح لواشنطن ان تراكمها خلال ربع قرن كقوة وحيدة مسيطرة في الواقع الدولي منذ انهيار الاتحاد السوفيتي بينما التسليم بالتوازنات العالمية الجديدة سيقود إلى ثورة شاملة في العلاقات الدولية وإلى فرض تغيير نوعي وكبير في بنية الأمم المتحدة ودورها العالمي الذي تحكمت به واشنطن طيلة العقدين الماضيين وجعلت من المنظمة الدولية واجهة لخدمة مصالحها ولحماية إسرائيل.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك