واثق الجابري
لا يكاد يمر يوم دون ان نستيقض على أصوات صافرات النجدة والإسعاف, وأهتزاز الجدران ونشعرإنها تقترب شيئاً فشيئاً لنا, لا نستطيع احصاء عدد المفخخات والكواتم والقتل العشوائي, وحقائق ما يعلن منها لا يعني إنها الحقيقة, والكثير منها في الظروف الغامضة, أجساد أغتالها الإرهاب بأبشع صور الترويع وقصص من الخيال نسجها من جعل من دمائنا قربان مبارك يصل به الى اعلى درجات السفالة والنذالة والإنحطاط, تكالب علينا ذئاب الخارج وأفاعي الداخل, شعب أعزل لم يجني من الخلافات السياسية الاّ التحول الى رماد حرائق من يعتقد ان الوطنية طول اللسان وعلو الأصوات, ولا سبيل الاّ الطرق الملتوية لنيل النفوذ والسلطة, والكل وصل الى مرحلة من القناعة ان الحلول لا تأتي الاّ بالحوار المباشر.المؤتمر او الإجتماع اواللقاء الوطني مسميات كثيرة ومبادرات من شخصيات وطنية مختلفة لم يكتب لها النجاح, من الرئيس الطالباني والمالكي والمطلك والصدر والخزاعي والنجيفي, وكلها كانت بحسن النية ولكن لم يكتب لها التوفيق بسبب إطالة الوقت والمماطلة والمساومات والشروط المسبقة, ولم ينجح منها سوى لقاء الحكيم الرمزي وتحت شعار العراق اولاً, ولعل التوقيت والسرعة وغياب الشروط من اهم الأسباب لإنعاد المؤتمر, وكان في أخطر المراحل حيث يتبارى الإعلام ومنابر الخطابة بسباق غير نبيل للحصول على المكاسب وكسب الود الطائفي, أنعقد المؤتمر في وقت كنا نشهد 42 بين مفخخة وعبوة ناسفة , وسألت احد اصداقائي اين وقعت الانفجارات لكونه مراسل انباء في التاسعة صباحاً, قال لا أجيب بل اقول بغداد إحترقت, وصل في تلك الفترة التقاطع علناً بين السلطات وكبار القادة وأنذر بالحرب الأهلية والتقسيم والإبادة الجماعية, ولكن المبادرة الرمزية التي اطلقها الحكيم في حينها أذابت الجليد, وجلس بين شركاء انقطع بينهم حتى السلام, وما هي الاّ دقائق حتى ارتفعت الاصوات بالتبريك والتهليل والشكروالفرح الغامر, على وجوه الحاضرين وقلوب كل العراقيين الاّ من كان يحمل في داخله السوء للعراق. اليوم وكأن الكرّة تعاد مرة أخرى وترتفع وتيرة العنف المتناسبة مع ما يحدث عالمياً واقليمياً , وكأن العراق يقف في منتصف عاصفة الخرائط العالمية الجديدة وصراعاتها, والمرحلة لا تتطلب التأني والإنتظار والمقامرة بما تبقى من الأيام, والواقع بحاجة لقراءة مستفيضة واقعية بعيدة عن المزايدات والمكاسب الإنتخابية, لابد من اخذ العبرة, وإن التوتر في العلاقات السياسية يفقد الجماهير الثقة بالنخبة ويقطع الجسور وكما حدث من عزوف عن الانتخابات وخاصة في بغداد, والتمسك بالمواقف الصلبة لا ينفع إنتخابياً, وإنها بدأت تميل للإعتدال والوسطية وروح الحوار, وتنفتح على نفسها وتدرك الخطر القادم. المجتمع لا يريد العيش في بلد مثل دويلات متحاربة, وسياسة اليوم بحاجة للنضج والرشد السياسي, والجميع عليهم ادراك إنهم في مركب واحد في بحر متلاطم الأمواج وثقب واحد يغرقهم جميعاً, وليس المهم من يمسك دفة القيادة او يحصل على مكاسب اكبر بل من ينجح بالجميع, القوى السياسية اليوم بحاجة للإلتفاف حول الحكيم, وما ننتظره من قنبلة موقوته وصراع عالمي جديد وتحالفات على حساب الشعوب تتطلب من الجميع ان يكونوا يداً واحدة, والسعي للتلاحم والحوار والأخذ بجدية اللقاءت التي يقيمها بين مختلف القادة لتعزيز المشتركات الوطنية, والتنزلات المتبادلة للإرادة الشعبية, وعلى الجميع إدراك ان تقوية جبهتنا الداخلية يمنع الاختراقات والتدخلات الخارجية, وإننا في خطر ووطننا بلا ابواب.
https://telegram.me/buratha