هادي ندا المالكي
لم تنتهي مخاطر توجيه ضربة عسكرية الى سوريا بعد لكنها بكل تأكيد ستكون اقل خطرا وضررا مع أسوء الاحتمالات في ظل التطورات السريعة والمتلاحقة التي شهدتها المنطقة خلال اليوميين الفائتين بعد محادثات موسكو وبغداد والتي تم خلال تعزيز جبهة دول الممانعة مقابل تشظي جبهة العدوان التي تقودها أمريكا وتقف خلفها إسرائيل والسعودية ودول الخليج بقوة بعد موافقة سوريا على إخضاع برنامجها الكيماوي لمراقبة دولية لم يجد اوباما وصقوره بدا من الاعتراف بقيمة العرض وأهمية النظر فيه ودراسته.ويعتبر موقف سوريا إخضاع برنامجها الكيماوي للمراقبة الدولية موقف عقلائي عملت على بلورته روسيا بكل تأكيد من اجل سحب البساط من أمريكا وحليفاتها ومن اجل تجريدهم من أسلحة ومبررات الاعتداء... عززت هذا الموقف تحركات إيران وترصينها لجبهة الممانعة وتوسيع هذه الجبهة بعد ان ضمت العراق الى هذه الجبهة والذي يحاول بدوره ان يقنع تركيا من خلال سفر رئيس مجلس نوابه أسامه النجيفي المعروف بحضوته لدى القادة الأتراك لإقناعهم بالوقوف على الحياد وعدم المشاركة في الهجوم في اضعف حالات الدبلوماسية اذا لم يتم استمالتها برفض العدوان وهذه الاستمالة لها امتيازاتها وحقوقها.على الطرف الأخر فان إسرائيل تعمل جاهدة على الدفع باتجاه توجيه ضربة عسكرية مميتة الى سوريا من اجل الانتهاء من سوريا ومن اجل التخلص من المواجهة مع إيران لان أمريكا ستكون وجها لوجه مع الإيرانيين وهنا تكون قد ضربت دولتين بهجوم واحد لهذا فإنها قامت بإرسال العديد من خبرائها ودبلوماسييها الى واشنطن للمساهمة في إقناع أعضاء الكونكرس الأمريكي بالتصويت على قرار توجيه الضربة العسكرية وليس إسرائيل وحدها من يريد ضرب سوريا بل ان السعودية اشد حماسة ورغبة وبذلا للأموال في توجيه مثل هذه الضربة العسكرية لان هذه الضربة ستمكنها من تنفيذ مخططها الرامي لإسقاط الأسد وأجزاء من المنطقة الغربية في العراق وعدم تنفيذ هذه الضربة سيعقد ملف سوريا بالنسبة لها وستفشل مخططها بالعراق وستضطر أمريكا الى التخلي عن هذا الملف بعد ان فشلت قطر من قبل في إسقاط نظام الأسد رغم الدعم الدولي المادي والإعلامي الكبير وسحب هذا الملف من السعودية يعني بقاء الأسد وانتصار دول الممانعة التي تقودها روسيا وإيران وهذا الامر لم تفكر به السعودية ولا يمكن ان تقبل به،لهذا فان من المتوقع ان تحاول هذه الدول ان تقنع اوباما ومن قبله أعضاء الكونكرس الأمريكي باي طريقة من اجل اتخاذ قرار توجيه الضربة الى سوريا،الأمريكان من جانبهم لم يحسموا امر توجيه الضربة من عدمها وهل ستكون مميتة او تأديبية وهل تستمر ام تتوقف.الواضح ان أمريكا تريد الخروج من هذا المأزق وتحديدا اوباما باي طريقة يمكنه من خلالها حفظ ماء وجهه خاصة بعد تخلي بريطانيا عنه وحالة الرفض الكبيرة في الشارع الأمريكي لشن هجوم على سوريا، شرط ان يكون في هذا الخروج الحفاظ ولو على الشيء القليل من هيبة أمريكا وسطوتها وهذا ما وفرته موسكو لواشنطن عندما أقنعت دمشق بالموافقة على قبول الرقابة على برنامجها الكيماوي.الشيء المؤكد ان روسيا وإيران نجحتا في لجم الغرور الأمريكي إلى حد بعيد وواقفا إشعال فتيل حرب إقليمية في المنطقة إلى حد ما لكن المخاوف لا زالت قائمة من ان تقدم واشنطن على عمل أهوج تدفعها السعودية وإسرائيل دون ان تأخذ عواقب هذا الفعل على محمل الجد.
https://telegram.me/buratha