نقرأ في أدبيات السياسة عن تعبير مخيف الى حد ما، وأعني به تعبير "دولة داخل الدولة"، والذي أتخذناه عنوانا لمقاربتنا هذه.
ومع أنه معنى يستحق أن يجري التعمق به بحثا ودراسة، إلا أن ما يعنينا هنا من هذا المفهوم، هو أثره المباشر علينا ودلالاته وكيف نتلمسه!
ولا ريب أننا نتحسسه من خلال عدم قدرة الدولة الممسكة بمقاليد الأمور، على محاسبة مسؤول ما، بالرغم من إرتكابه أخطاءا فادحة، وقيامه بمخالفات جسيمة، بعضها يتعلق بمصائر الناس، وبعضها الآخر ينطوي على إستيلائه على الأموال العامة، أو حصوله على أموال بطرق غير مشروعة.
ولأننا بلد فيه فسحة من الديمقراطية وحرية التعبير، فإن مثل هذه الحالات يتم تسليط الضوء عليها من قبل وسائل الإعلام، وأحيانا تجري محاسبة رسمية خجولة على مثل هذه الخلفيات..
لكن النتيجة تنتهي ـ عادة ـ الى لا شيء، بل الى تطييب خاطر هذا المسؤول أما بترقيته الى منصب أعلى، أو إناطة مسؤولية جديدة به، تبعده عن الأقاويل التي كانت تحيط به في موقعه السابق، وتتيح له الشروع مجددا في بناء إمبراطورية بديلة، يمارس فيها هوايته الأثيرة بالإستيلاء مرة أخرى على المال العام، أو بالإنتفاع اللا مشروع..
مثل هذه الحالات ليست حالات فردية، وهي تمارس بشكل منظم وموجه ومسيطر عليه، وعلى نطاق واسع..مما يعزز الآراء التي ترى أن ثمة دولة أخرى داخل الدولة..
أي أن في بينتنا المؤسسية دولتين، واحدة هذه الدولة المتهرئة التي تطفو على السطح، والثانية هي دولة في العمق، وهي الدولة التي تحمي مئآت الحالات المشابهة للتي وصفنا آنفا شكلا من أشكالها..
11/5/13911
https://telegram.me/buratha