الشيخ عبد الحافظ البغدادي الخزاعي
قبل الحديث عن موقف الشيعة العراقيين من سوريا أحب أن اذكر رأيا إنسانيا هو إن الأخ والصديق ممكن أن نختلف معه .. يمكن أن يؤذيك أخوك أو زميلك زمنا معينا ... غير إن الاختلاف في الفكر نتائجه سيئة جدا كارثية ولا يمكن أن تتلاءم معه مدى الدهر .. لا يمكن أن يتفق اثنان ويعيشا سويا واحدهما يحمل فكرا تكفيريا ضد أخيه .. صحيح إن لسوريا موقف من التفجيرات بعد تغيير النظام في العراق كلفنا دماء وأموالا وجهدً ، ولكن الخطر الداهم الآن لثوابت الأمة ومستقبلها وحياتها وأموالها يحتم علينا موقفا إسلاميا وإنسانيا .لأنه لو نجح فانه سيهدد مستقبل الأمة برمتها شيعة وسنة ونصارى وصابئة ..العراق كله مرهون بموقف لا بد لكل عراقي أن يحدده سواء اختلفنا أو اتفقنا...يبدو إن اللعبة السياسية التي تقودها أمريكا كبيرة جدا وأوسع من قدراتنا الفكرية على مستوى النتائج المستقبلية ، فهي في الوقت الذي تحارب فيه الإرهاب كما تدعي ، وتقف موقفا معاديا لتنظيم القاعدة "سياسيا" فأنها اليوم توعز لأقزامها في قطر والسعودية وتركيا والأردن بمساعدة الأجنحة العسكرية المرتبطة بتنظيم القاعدة ، وكلنا نعرف إن الدول المذكورة لا يمكنها أن تعين فراشا في مجلس وزرائها إلا بموافقة أمريكا ناهيك عن المليارات والدعم اللوجستي والإعلامي والدورات القتالية التي تقدمها كل هذه الدول لطالبان وتنظيم القاعدة ، فهو ليس بعيد عن تحريك خيوط المسالة من أمريكا ..المقابل ظهرت في القرن الحادي والعشرين دولة إيران من العالم الإسلامي كقوة ثانية في العالم لها أمكانية عسكرية وسياسية وشعبية تمكنت أن تثبت نديتها لأمريكا ، من خلال سرعة بناء الدولة وتقدمها بكل القطاعات ، حتى شعرت أمريكا أن إيران النووية أصبحت بديلا للاتحاد السوفيتي ، رغم إنها لا تمتلك حاملة طائرات ولكنها تمتلك قواعد بشرية في كل مدن العالم يمكن أن تهدد أمريكا وحلفاءها بتلك القواعد , إضافة للسعة الجغرافية والموارد الاقتصادية ، هذه الأمور يضاف لها قيادة واعية للدولة الإسلامية ، فوتت فرص كثيرة على أمريكا وربيبتها في المنطقة ، وشكلت مع سوريا وحزب الله في لبنان وبعض الفصائل الفلسطينية والعراقية محورا يهدد مصالح أمريكا في المنطقة .وبعد الربيع " العربي الإسلامي" كشرت أمريكا عن أنيابها في المنطقة ، وأسقطت الأنظمة المتهرئة لتأتي بحكومات كارتونية تسيرها بالري موت كنترول ، فتطلبت الحاجة تغيير القوة في منطقة الشرق الأوسط لصالح أمريكا وحلفاءها , هذا يستلزم ضرب حلقة مهمة من دول الممانعة وعزلها من منظومة الكفاح المسلح ضد الكيان الصهيوني المهدد من هذه الدول والحركات ... هذه مقدمة سريعة للمخططات الأمريكية في المنطقة ، يضاف لها موقف الاتحاد السوفيتي المشرف من المؤامرة التي تجري في سوريا اليوم.. وبعيدا عن تأثير الضربة الأمريكية لو حدثت أم لم تحدث حاليا لان أمريكا ستخلق سببا جديدا لشن الحرب ضد سوريا حتى لو وضعت الأخيرة ترسانتها الكيماوية تحت تصرف مجلس الأمن الدولي , ولو سقط النظام السوري لا قدر الله ، فما هي النتائج المتوقعة بعد حلول الكارثة ..؟؟أقول إن الفترة الجديدة من الصراع بحاجة إلى " فرمتة المواقف القديمة" وعدم ربطها بواقع الصراع الذي يجري اليوم ، لان الخاسر الأكبر هو الشعب العراقي ، وبصراحة الشيعة في العراق والمنطقة ، والضرر الذي سيلحق ببقية الأديان والمذاهب ليس اقل شانا ، ولكن الشيعة سيتحملون الوزر الأكبر ، لان هدف أمريكا ليس نشر الديمقراطية, وهي لا تأتي ببارجاتها لأجل عيون جيش النصرة أو جيش الحر أو فلان قتل بالكيماوي عددا من الأطفال.... لأمريكا مصالح ثابتة تقاتل بدماء أبناءها من اجله ، وهي {المصالح الأمريكية في المنطقة } والمعروف إن الشيعة يمثلون العمود الفقري هذه الفترة للمقاومة الأمريكية والإسرائيلية ، ولو نجحت أمريكا وإسرائيل والدول السائرة بركابها ، ستكون الإدارة والقيادة الشيعية والحوزات العلمية تدار من قبل الأمريكان بواسطة عملاء بما يتفق وسياسة البيت الأبيض ، وسيتكون القيادات المستقبلية عند الشيعة انتهازية تخرج من الخط الذي سار عليه أهل البيت {ع} ويتحول الشيعة الأمريكيون الجدد إلى أداة قمع وقهر الشعوب المستضعفة كما تفعل الآن طالبان وتنظيم القاعدة ، وستصدر الحوزات الشيعية الأمريكية كأختها الحوزات الوهابية السعودية فتاوى تؤيد أمريكا وإسرائيل وتقتل وتفخخ وتفجر الأسواق والمقاهي وسيكون عندنا عالم شيعي كالقرضاوي والعرعور ، لا قدر الله ، فأي خسارة هذه لو حدثت ..هذه عينه من عينات الإسلام الأمريكي الجديد .
https://telegram.me/buratha