الحاج هادي العكيلي
ظهر استخدام هذه الكلمة بعد أحداث عام 2003 في العراق ، وهي كلمة عامية تطلق على الشخص الذي يقوم بنقل الإخبار عن شخص أخر إلى الجماعات الإرهابية لتقتله أو تخطفه . فما أكثر الذين علسوا في هذا البلد وخاصة في أحداث عام 2004 - 2007 مما أدى إلى مقتلهم أو فقدانهم وعدم معرفة مصيرهم إلى ألان . عندما كنت أذهب إلى مدينة بغداد تزداد توصية الأهل والأصدقاء بالاحتراز من العلاسة وخاصة عندما أركب سيارة للأجرة . قد يصادفك أحد العلاسة ليسلمك إلى أحدى جماعات الإرهابية الذي متفق معهم ليقبض منهم ثمن عنك ، فهم أما يقتلونك وأما يساومون عليك أهلك ليقبضوا الآلاف الدولارات .فكان الذهاب إلى بغداد محفوف بالمغامرة والمخاطر اتجاه نفسك عندما كان الآمن غير مستتب والإحداث الطائفية مشتعلة والدولة بهذا الاتجاه ضعيفة . ولكن عندما قوة الدولة استطاعة أن تقضي على أغلب المجاميع الإرهابية ويصبح العلاسة خارج تلك المنظومة الإرهابية ويتخلص الشارع البغدادي من العلاسة المجهول الهوية والنسب ولتبدأ روح الاطمئنان تزرع في زائر بغداد ليتجول في جميع مناطقها بعيداً عن غدر العلاسة . أن إفلاس علاسة الشوارع والسيارات بالبيع بمقدرات المواطنين وأرواحهم جعل منهم ظاهرة سجلها التاريخ على وفق التاريخ الأسود في العراق لتنمحي من الممارسة . ولكن البعض لم يتركها في عمله ليجعلها حلقة وصل يريد منها تحقيق مأربه الدنيئة وغاياته المزرية للإطاحة بالآخرين .وبعد أن مَنَ الله علينا بنعمة التغيير وحرية التعبير مكفولة بالدستور الجديد وتوفير أنواع الاتصالات الحديثة بعد أن كان الشعب محروماً منها . فتنفس الشعب حرية الرأي والتعبير نحو المطالبة بالحقوق وفق قواعد القوانين والتعليمات ، ليشترك كل منا في شبكة الانترنيت ويكون على مواصلة مع الأحبة والأصدقاء لتبادل الأفكار والآراء بزيادة التعليقات والمشاركات ليحمل كل منا همومه في مختلف المجالات . ولكن وظيفة العلاس ظهرت في أغلب مجالات الحياة لتأخذ بعداً أخر في العلس ، والعلس في اللغة علس اللقمة لتسهيل هضمها وبلعها والهدف من ذلك ليس اللقمة وإنما صيد الأشخاص لغرض الاختطاف أو القتل أو السرقة ، وغالباً ما يكون العلاس معروفاً للضحية للحصول على المعلومات كافية ، وبعضهم عند الاختطاف يكون وسيطاً أو مساوماً وأغلبهم بارعين في تمثيل دور الحزن والقهر على الضحية .لقد سمعت وقرأت كثيراً عن أنواع العلس ، فعلاس البابا أو علاس الماما أو علاس الصف وأغرب ما قرأت عن علاس عزرائيل ، ولتشهد هذه الأيام وعلى نطاق واسع في دوائرنا الحكومية نوع من الخيانة المعجون في أنفسهم وذواتهم لهولاء العلاسة من أجل الحصول على منصب أعلى أو بعض الامتيازات ، ومع زيادة الشعب بالمطالبة بحقوقه عن طريق التظاهر أو القيام بحملات إعلامية عن طريق الانترنيت بدواعي التواصل وحمل المطالب إلى المسئولين ليفاجئ الموظف بأن هناك من يتربص به حول تعليقاته ومنشوراته ومشاركاته ليستنسخها ويقدمها إلى مديره بالصورة بأن الموظف فلان قد شارك بهذه الصورة وان الموظف فلان كان تعليقه هذا ليكون من علاسة الفيس بوك . وما على المدير إلا أن ينطلق نحو الأفق العدائي مكشراً أنيابه ، رافعاً سيفه ، مهرولا ً نحو المحاكم ليقيم الدعاوي بحجة القذف والتشهير ، معلناً العقوبة الإدارية أو النقل معبراً عن حقده الدفين ، والهدف من ذلك كله إسكات تلك الأصوات التي تطالب بالتغيير نحو الأفضل .أن ظهور تلك الظاهرة في وزاراتنا ودوائرنا الحكومية من متابعة الموظف من أبداء رأيه خارج نطاق العمل عن بعض القضايا هو محاصرته وقمع حريته وخاصة حرية التعبير والرأي وهي سابقة خطيرة تؤسس إلى بناء نظام ديكتاتوري يقمع الحريات التي كفلها الدستور .ولكي نقضي على تلك الظاهرة كما تم القضاء على علاسة المجاميع الإرهابية فان على الجهات التشريعية والتنفيذية أن تتخذ الإجراءات المناسبة للحد من الظاهرة التي تولد إلى مشاكل كثيرة مستقبلاً لا يحمد عقبها .
https://telegram.me/buratha