حسين الركابي
ينتابني شعور بالإحباط، وخيبة الامل حينما ارى الاندفاع، والمواظبة على العمل لدى شعوب أوربا، وباقي البلدان المتقدمة، والتفاني من اجل بلدانهم، والوطنية العالية التي يحملونها ذاتيا، والواضحة على سلوكهم وتعاملهم على كافة الاصعدة؛ فمعظم شعوب العالم لا تتحدث بالوطنية، والحقوق، والواجبات بقدر ما يحملونها ذاتيا، وسلوكا، وتعاملا مع الآخرين. إن الوطنية لا تمنح، ولا تعطى، وإنما ارتباط وثيق بما ينتمي الية الانسان، ويترجم هذا الارتباط على الاخلاص في العمل، والسلوك الصحيح وصفات الذات، والتعامل الصحيح على ارض الواقع؛ حيث تستقي تلك السلوكيات من موارد عدالة القانون السائد في البلد الذي يحدد فيه الحقوق، والواجبات وبعيد عن المصلحة الشخصية، والحزبية، والطائفية، التي اصيبت فيها الانظمة العربية، وصارت اسيرت الترهل، والاسترخاء وكره العمل، والتفريط بالمال العام في بلداننا العربية. اما اليوم لم نجد لهذا تعليلا إلا في ضعف ارتباط الانظمة العربية بعروبتهم، وأوطانهم ذلك التفريط بالانتماء الوطني من قبل احزاب، وعوائل حاكمة غرست بذرت التفريط بالوطن، وأثمرت هذا البؤس في نفوس الشعوب العربية، واضحت تلك الشعوب تعيش في بلدانها لا تشعر بالانتماء اليها، وتتضاعف مشاعر الأسى والبؤس لدا المجتمعات العربية حينما تجد رجال السياسة يعملون وفق سياسات، ومصالح خارجية، وتتوعدهم بالموت، والتهجير من اوطانهم وبلدانهم على المنابر"اليزيدية" ولا تشدهم أي وشائج نحو أوطانهم فكيف إذن تنجح أمة تجتمع خاصتها، وعامتها على البعد عن الأوطان، والعيش في اوطان اخرى تضمن لهم عيشهم، وتؤمن حياتهم ومستقبلهم، وكيف يشعر الفرد بوطنيته وهو مهدد بالخطر ويتجه بحياته نحو المجهول، ولا يجد أي تأمين له او الحفاظ علية، ولا يملك اي مقومات للحياة في وطنه. فمعظم الشعوب العربية اليوم ليس لديها احساس بالوطنية، ولا القومية العربية بسبب تلك الانظمة، والحكومات المتعاقبة على مر التاريخ التي ارتضت إلى نفسها إن تكون ادات إلى دول غربية، وذات مصالح خاصة فلذلك اصبحت الامة العربية اشبة بالجماعات، والفرق، والحلل، والملل. فمنهم من جعل بلاده عبارة عن مصدر للإفتاء والقتل، واستباحة الدماء، والإعراض، ومنهم من ادخل بلادة عدة حروب عبثية وكبد شعبه خسائر بشرية ومادية هائلة. فالوطنية تأتي حينما يشعر الفرد بالأمن والأمان في وطنه، وعندما يكون فردا محترما له حقوق مكفولة، وعليه واجبات فالوطنية لا تكون من تضحيات الشعب وحدة، وإنما من تضحيات المسؤول...
https://telegram.me/buratha