هادي ندا المالكي
لا اتمنى لاي شخص ان يكون من مريدي مدينة الطب ومراجعيها في ظل ظروف البؤس والتخلف التي تعاني منها هذه المؤسسة الطبية العريقة التي كانت من اهم المراكز الطبية في الشرق الاوسط في يوم من الايام وكانت محطا وملاذا لمرضى العديد من الدول العربية ودول الجوار الا ان واقع هذه المدينة يخبر عن بقايا صرح تهاوى كل شيء فيه حتى المصعد الكهربائي الوحيد المخصص لنقل المراجعين واصحاب العمليات الجراحية ومن الغرابة ان يتم الاعتماد على مصعد واحد رغم وجود العدد الكبير من المصاعد الاخرى العاطلة ،فكان من يريد ان يزور مريضا في احد طوابق المدينة الطبية عليه ان ينتظر ساعة او اكثر حتى ياتيه الفرج ولا اعلم كم الوقت الذي يحتاجه صاحب العملية الجراحية لتشرفه بالصعود الى غرفته.وحكاية مصعد مدينة الطب ليست هي الهدف المقصود حتى يتم التركيز عليها الا انها ترسم صورة حقيقية عن الواقع الصحي ومن خلال اعرق مؤسسة صحية كونها تفتقر الى ابسط مقومات عملها حتى ان وجودها في قلب العاصمة بغداد لم يشفع لها ان تحضا بالاهتمام او القيمة المعنوية التي تتميز بها وجريا على هذا الواقع يمكن للمرء ان يتخيل واقع المؤسسات الصحية في المحافظات وفي الاقضية والنواحي دون المرور على قلة الكادر الطبي وغلظته في التعامل مع المراجعين وشحت الأدوية وفسادها وانتشار الرشوة وتفشي الفساد المالي والاداري والتجاوز على الكوادر وهجرة الكفاءات الطبية وانعدام الانسانية والمتاجرة بالام وهموم الفقراء والمعدمين وغيرها من المشاكل التي لم تعالج وليس في النية ان تعالج؟.ان الواقع الصحي في البلاد يمثل حالة يصعب وصفها لانها حالة فريدة ولا يوجد ما يماثلها في اي دولة من دول العالم فاذا قلنا واقع متخلف فهذا الوصف يميزها وان قلنا واقع بائس فبكل تاكيد ليس هو الوصف الدقيق وان قلنا مزري ومخيف فلا يمكن ان يلامس حقيقة الواقع ومع كل ما يمكن وصفه فان حقيقة الامر ان كل معاني البؤس والتخلف والرعب يمكن ان تتضمنها حقيقة الواقع الصحي في العراق فالمستشفيات ترسم لك وضعا يعود بك الى العصور المظلمة من خلال مشاهدات تجول الكلاب السائبة والقطط والجرذان وهي تتخذ من هذه الاماكن مرتع وملعب لها بينما تمثل الغرف والممرات بقايا اثار تركت ذكرياتها لمن مروا بها وذهبوا الى دار الاخرة من مرضى وعاجزين قد قامت قيامتهم ولن يكون امر المراكز الصحية بافضل مما هو في المستشفيات الكبيرة.ان الواقع الصحي تعرض للاهمال المزمن رغم اهميته وتماسه المباشر بحياة المواطن بل ان الواقع الصحي يمثل رمزا من رموز الوعي والحضارة والثقافة والشعور بقيمة الانسان وكل هذه المفردات والعناوين لا تجد لها مكانا في عراقنا الجديد وفي عراق ام المعارك وعراق ما قبل 2003.ان عجز الحكومات التي جاءت بعد عام 2003 من بناء مؤسسة صحية واحدة في البلاد يمثل اسوء معاني احتقار الانسان وهدر كرامته ..بل كيف يمكن لحكومة ان تبني مؤسسات صحية متطورة وهي عاجزة عن توفير او تصليح مصاعد عاطلة منذ سنوات عديدة وربما مثل سقوط مصعد مدينة الطب صدمة للسيد المالكي لانه لم يكن يعتقد ان المؤسسات الصحية في العراق تعتمد على المصاعد طالما ان من يصاب بجلطة او وعكة او تخمة يعالج خارج العراق او في اقليم كردستان اما وزير الصحة فقد يكون محظوظا لان لا احد يعلم ان في حكومتنا الحالية وزيرا للصحة.في دول الجوار قامت حكوماتها بتوفير مصاعد وشوارع سيارة في المطارات وفي الاسواق وفي المتنزهات من اجل توفير الراحة والفرجة للجميع وفي بلدي لا يوجد مصعد في اعرق مؤسسة صحية يمكن من خلاله نقل المريض من غرفة العمليات الى سرير رقوده.
https://telegram.me/buratha