قاسم العجرش
لعل من سعود طالعنا ـ كدعاة للحرية ـ في هذا الزمان الأغبر، أن صحوة الشعوب الراهنة أو ما أطلق عليه أسم الربيع العربي خطأ، قد كشفت مستور تيارات وأبواق وأفواه، لطالما سمعناها تعزف ألحان الحرية على وقع تضحياتنا؛ ولكن عندما يُطلب منها التضحية والفداء، أو على الأقل مشاركتنا آلامنا ـ ولو بمراسم العزاءـ تجدهم يهيمون في أبراجهم العاجية البعيدة عن أحلام البسطاء, وقد أصبحت الحرية في خيالهم المطلي بصبغة سوداء؛ مثل ما وصفنا: ترف أو نزق يمارسه الشعب....
فالحرية وفقا لسكنة الأبراج العاجية من ساسة زماننا الأغبر "ترف" لا يجب مقاربته من قبل الشعب، وإن قاربه "بعض" هذا الشعب فإن التهم جاهزة: العمالة والخيانة والارتباط بـ " أجندة" خارجية، لأن من يطالب بالحريات؛ لابد أن تكون أصابع أجنبية قد حركته، وفقا لخيال ساسة هذا الزمان الأغبر ..! أما من يكتب عن الحرية أو ينظر لها، فإنه مستورد لنظرية غربية لا تتلائم مع "خصوصياتنا" و" تراثنا" و"مبادئنا" و" واقعنا"..!
ساسة هذا الزمن الأغبر عبأوا رؤوسنا قبل أن يعتلوا ظهورنا، بأحاديث دسوا بينها مفردات عائمة هائمة..الأمجاد..المواقف...القيم..الثوابت الوطنية..التضحيات من أجل الأوطان..حب الوطن من الإيمان......(إستطراد ليس مزعجا على أية حال): لا أعرف لم تذكرت للتو وصايا صدام حسين، ومنها وصيته العجيبة: "عملك شرفك فمن لا عمل له لا شرف له"..حينها كان البلد كما هو اليوم، يعج بالعاطلين!!..لاحقا عرفنا أن الرجل كان يقصد بالعمل خدمة النظام وطاعته..
ساسة هذا الزمان الأغبر "يطالبون" بتحقيق الأحلام، ويفترض أنهم الأولى بـ " السعي" لتحقيق تلك الأحلام..لكنهم متدرعين بمتاريس وآهاب فشلهم الذي ألبسوه ثيابا رسمية، جالسين في أماكنهم، منشغلين بأنفسهم لا يبحثون عن صناعة أمجاد حقيقية تعبر عن جسارتهم, لا ينظرون للواقع الذي نحياه..وببساطة أشد أنهم لا يمتلكون آمالا حقيقية، وحتى إهتماماتهم لا هوية لها...
ساسة هذا الزمان الأغبر هم وليس غيرهم، وليس من سبب آخر قطعا، سبب تعاستنا، ولعلهم يعرفون ذلك، بل من المؤكد أنهم يعرفون...لكن الذي لا يعرفونه أو ـ ربما ـ يعرفون ولكن إعلان المعرفة يرعبهم، أنهم إن عاجلا أم آجلا ستسقط أوراقهم كما تسقط أوراق الشجر في الخريف..
كلام قبل السلام: أوراق الأشجار التي تسقط في الخريف تنزل الى الأرض دائما...
سلام....
https://telegram.me/buratha