الحاج هادي العكيلي
أبقى متحمسا لمتابعة الحكاية التي تقصها جدتي حتى نهايتها وحتى لو انتهت الحكاية فاني لا استسلم لسلطان النوم بل أضع راسي على مخدة مصنوعة من ريش الطيور مغمض العينين و صورة الطنطل تراودني دون أن تعطيني مجالا كي أغفو قليلا ونتيجة لبلوغ التعب والجهد العقلي مبلغه أغيب نائما على فراشي لكن صورة الطنطل تلازمني في كل أحلامي فكنت أتخيله بعدة أشكال لحيوانات مختلفة او صورة قائد ديكتاتوري يقتل ويعذب شعبه ، أو قوات سوات تضرب المتظاهرين العزل بالهراوات وخراطيم الماء الحار والقنابل المسلية للدموع ، أو وحش كاسر يهاجم السكان في القرى البعيدة عن المدن لقلة الحماية حولها ولكن ليس من المعقول أن يهاجم الطنطل المنطقة الخضراء المحصنة من جميع جهات ليصبح هاجس الخوف والرعب لكل من سكنها خوفاً من ظهور الطنطل بانقلاب عسكري أو سيارة مفخخة بأطنان المتفجرات أو عبوة لاصقة توضع في أحدى السيارات أو اختيال بكاتم الصوت ليصبح طنطل الخضراء محارباً في النهار وشجاعاً في الليل تخاف رجالات الدولة من ظهوره مشددة الحماية ومعلنة الإنذار بأقسى درجاته . الطنطل في العراق له حكايات وروايات يتداولها جميع الناس . وكان من أغلب رواة حكاية الطنطل هم الفلاحين والجنود العراقيين عند واجباتهم في الحدود وأهل الترحال البدو ، ولكن أن يظهر الطنطل في المنطقة الخضراء شيئاً غير معقول ليهدد بالاغتيال بكاتم الصوت أو الانقلاب أو تفجير عبوة أو سيارة مفخخة أمر غير معقول لأنها من أكثر المناطق المحصنة ويخشاها الطنطل من الاقتراب إليها ولكنه وجد النفوس التي تسكنها ضعيفة وخاوية وفاقدة الثقة بالأقرب منها تنتهز الفرصة لكي تحوش وتنهزم ، معلنة استسلامها ولكن (ألبيها ما خليه ) ، حاكية للآخرين همها وتخوفها مما يحيط بها ، ليقول لهم الطنطل عليكم بالرحيل لأنكم دمرتم البلاد وخذلتم العباد وكوشتم الملايين فبقائكم طال والحساب قد نال ، فما عليكم إلا الفرار ، فيوم لا ينفع لا مال لا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم .ومع هذا كنت أتمنى أن أرى طنطل المنطقة الخضراء لأحكي له حكاية الشعب العراقي المظلوم لاقول له أن القتل على الهوية وما من مغيث يغيثهم ، والتهجير والرحيل من البيوت وما من أحد ينصرهم ، والتفجير بسيارات المفخخة ولا من أحد يحميهم ، إلا تنصر المظلومين يا طنطل الخضراء لتزرع الرعب في نفوس هؤلاء لتفرض وجودك في نفوس العراقيين ، ولترهب رجالات المنطقة الخضراء ، فأن للطنطل القديم في قرانا كان الخوف يرهب منه كبار القرية وصغارها ، فأن في تلك المنطقة الخضراء ليس شقاوات بمعنى الكلمة فقط أنهم شقاوات في الإعلام . ومع ازدياد المخاطر حول المنطقة الخضراء من ظهور الطنطل في المنطقة في أي لحظة وتخوف من يسكنها ، يتوهم البعض أن تلك المنطقة مستقرة وبعيدة عن المخاطر لان الذين سكنوا المنطقة قد مارسوا طقس وضع سكين تحت الوسادة كنوع من الحماية بالرغم من أنهم كانوا يسخرون من هذا الطقس وهي ثقافة تتضمن تقديس شخص لا ينفع ولا يضر معتقدة أن هذا الشخص هو ما يمنع عنها الخطر الأسطوري الذي يهددها .
https://telegram.me/buratha