المقالات

قبلنة الدولة..ودولنة القبيلة..!

508 08:31:00 2013-09-14

 

   لم يقصد أبن خلدون عندما تحدث عن العصبية القبلية، ودورها في بناء الدولة والمُلك، بأنها أساس ذلك البناء؛ بل  أن مقصدهمن هذا التناول كان واضحا، بأن القبيلة في هذا النوع من البناء، أداة لحماية السلطان وترصين المُلك، كقوة؛ سيما وأن شكلا منظما مثلما هو في عهدنا للجيوش لم يكن موجودا، بل كانت الجيوش بالحقيقة جيوش قبائل، يستخدمها السلطان في الهيمنة والسيطرة والتوسع والإمساك بمناطق النفوذ..

   الدولة الحديثة عنصر بنائها ليس الكيانات الاجتماعية المصغرة، بل أن مثل هذه الكيانات عوامل إعاقة، لبناء دولة منسجمة مع روح العصر؛ وتتحول الكيانات الاجتماعية الى مصدر لمشكلات معقدة، يصعب مقاربتها لعدم إنسجام مفاهيمها، مع مفاهيم بناء دولة قوية.

   وليس المقصود بالكيانات الاجتماعية المعيقة لبناء دولة قوية، هي فقط تلك الكيانات المبنية على أساس قبلي، فمثل إعاقاتها تنتج أيضا، عن العصبيات المنطلقة من أساس مناطقي، أو إقطاعيات مادية، أو جماعات تمتلك وسائل القوة المسلحة لدوافع عصابية أو طائفية؛ فهذه الأشكال من العصبيات، تشكل موانع حقيقية وخطرة لبناء الدولة القائمة على سيادة القانون، وفي حالات كثيرة تستخدم هذه التجمعات، سيما القبلية منها، الدولة كأداة لتقوية نفوذها؛ وتتحول الدولة حينذاك الى تابع للقبيلة؛ والتاريخ القريب جدا هنا في العراق، قدم لنا نموذجا لسيطرة قبيلة واحدة، هي قبيلة رئيس الدولة صدام حسين على مقاليد الأمور، ثم ما لبثت هذه القبيلة أن إحتاجت الى توسيع نفوذها، فأستخدمت النفوذ المناطقي، الذي بات حاضنا للنفوذ الطائفي بالنتيجة النهائية..

   ولا وجه للمقارنة بين الكيانات الاجتماعية التي ذكرناها، وبين التجمعات السياسية والتنظيمات المهنية، فهي تنظيمات نوعية لا تربطها عصبية، وهي وسيلة فعالة لبناء الدولة، وإثراء وجودها وتقعيد قواعده؛ ولم تكن مثل هذه التنظيمات يوما عامل كبح لبناء الدولة، وحتى في العصور القديمة، كان رؤساء المهن والأصناف وأصحاب الرأي والحكماء، هم أدوات بناء الدولة و المعينين لها دوما على أداء مهامها..

   إن الحقيقة التي يتعين أن يتم التعامل معها بهذه الواقعية، في صلة الدولة بالعشائر والقبائل، هي أنها كيانات محترمة التقاليد والأعراف، إذا لم تتعارض مع مفاهيم بناء الدولة الحديثة؛ وأن تأبى العشائر والقبائل أن تكون أداة بيد الساسة، أو هراوة بيد السلطة، بل كيانات عالية المقام، تحفظ قيم المجتمع وتهتم بالتكافل الإجتماعي، بلا نفوذ يربك القرار السياسي ويعصبه لصالح قبلنة الدولة أو دولنة القبيلة..

   كلام قبل السلام: وأقرأوا معي ما قاله أبن خلدون في مقدمته: (وهذا التغلب هو الملك، وهو أمر زائد على الرئاسة…فهو التغلب والحكم بالقهر، وصاحب العصبية إذا بلغ رتبة طلب ما فوقها)...!

 

سلام....

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
saad al-zaidy
2013-09-17
تشخيص أقل ما يقال بحقه دقيق جدا وهو اكثر من ذلك فهو واقعي قد اللجوء الى غيره يسبب مشكلة
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك