علي الكاتب
دائما ما تكون ولادة القوانين ومشاريع النصوص التشريعية لمختبرات البرلمان العراقي في النسخة السياسية العراقية ما بعد 2003, أملاءات تنطلق من كينونة سلطوية لا جماهيرية , يكون أساس حراكها وحركتها في الكثير من المفاصل البحث عن إسقاط تشريع فوق المتداول والمتناول في أيديهم من اجل إضفاء الغطاء الشرعي لمغتنمات الراعي دون الوقوف او التوقف عند ذمم الرعية التي في رقابهم, وخصوصا ما يتعلق بمرتكزات الواقع البنيوي في هيكلية بناء الدولة او ما يلتصق بنظم ودساتير جوهرية متعلقة في تنشأة الذات البشرية عبر إقرار مضامين حقوقها المدنية والإنسانية , وحتى لايفهم من الحديث على انه قذف في المحظور او طعنا في المقدس, غير ان الشواهد العينية كثيرة ولعل اوضحها ما انفجر على السطح الجماهيري حول الارقام الفلكية لرواتب أعضاء مجلس الحكم والبرلمانين والرئاسات الثلاث وعلى مدار اكثر من ثمان سنوات رئاسية , لولا الارادات الشعبية وبعض مواقف الكتل السياسية لبقيت الارقام الثقيلة في خزائن رواد السلطة السياسية العراقية, وحقيقة ان هذا الأمر هو ما يفسر طبيعة العقل الحاكم في مديات التعامل والتعاطي في ادارة حقوق الوطن والمواطن , فأذا كانت القوى السياسية المؤثرة في القرار العراقي جادة في ترسيم خارطة حقوقية فوق ارض الواقع فلماذا لم تلتفت الى مهلكات ميزانية الفقراء جراء الرواتب العالية طوال عقد من الزمن الا بعد ان اكتظت ساحات التظاهر بمطالب التقليص ؟؟. عموما نتمنى ان ماحدث سابقا ورقة اسقطت من ملف الاداء الحكومي على أمل عدم التكرار في القادم الأتي , ومع أننا نستبشر خيرا او بالاحرى نستبشر"وطنا" في ماحدث من اقرار بعض القوانين المهمة المتعلقة بتلك المخالفات الاجرائية والتي كان اخرها اقرار قانون التقاعد الموحد لسنة 2013 وبالرغم انه أتى بعملية قيصيرية ألا انه يؤشر الى بداية حقيقة لانطلاق وطن معطل .قانون التقاعد الذي بني على اثنى عشر فصلا وبواقع اثنين واربعين مادة , قد ترجم في البعض من مضامينه عن ما يرغب المواطن اليه , وخصوصا مايتعلق بتسكين رواتب النخبة السياسية البرلمانية مع أنني كم كنت اتمنى ان تحسب سنوات الخدمة لهم وفق عدد ساعات الحضور في قبة البرلمان وليس بمنطق دورة برلمانية لمدة اربعة سنوات تعطيهم خدمة خمسة عشر عاما, وبعيدا عن التفاصيل في جزئيات القانون التقاعدي فأنه بشكل عام قد اسهم في دفع الكثير من كوابيس القلق والاحتمالات المرهقة عن مخيلة الموظف العراقي , مع جل الامنيات ان تردف هذه الخطوات بخطوات تشريعية لاحقة كقوانين سياسية متعلقة بالحريات كقانون الاحزاب وقانون الصحافة وغيرها , او كقوانين اقتصادية كفيلة لعودة العراق الى العمق الاقتصادي متعافيا من شلل المنتج الاجنبي , او كقوانين انسانية متعلقة بتوفر جاهزية التعليم المجاني المنضبط علميا ومهنيا الكفيل في تخريج ترسانة شبابية علمية كدروع فكرية لسور الوطن .حقيقة ما اوقفني في قانون التقاعد العام فقرة تعنونت في المادة الاربعين من الفصل الثاني عشر , والتي تنص على منح راتب شهري قدره مليون دينار الى الرموز الوطنية الذين يمتلكون رواتب تقاعدية دون المليون دينار, على ان ينظم ذلك بقانون يوضح من يقع عليه تسمية الرمز الوطني , والتسأول ينطلق من "بيت" تلك المادة القانونية , من هم الرموز الوطنية؟؟.احترام الرموز الوطنية هو احترام للتأريخ وتثبيت للابداع ومنطلق للمستقبل غير ان الملفت في الأمر , اليس بالاحرى ان نخلد شهداءنا في قاموس الرمز والرمزية , وهم يرفلون كل يوم بالعشرات نحو السماء جراء الوباء التكفيري الذي باتت اذرعته قابضة لارواح الكثير من العراقين بفعل التناحروالتخبط السياسي العراقي الذي وفر اسباب المداد والحياة لهم , فأذا ما لم يكن الشهيد العراقي قادر على نيل "اللقب" فأي جواب سيكون شافيا ومقنعا لعوائل ذويهم؟؟
https://telegram.me/buratha