هادي ندا المالكي
لازال الموت يحصد يوميا ارواح عشرات الابرياء من الاطفال والنساء والرجال ولازال الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية وعمليات بغداد لم يعلن بعد عن عدد الضحايا الذين يتساقطون يوميا في بغداد وفي المحافظات القريبة والبعيدة رغم كل الإجراءات والاحترازات التي قامت بها الاجهزة الامنية من قبيل الزوجي والفردي وغلق منافذ المدن والاستنجاد ببطاقة السكن. وسجلت الايام الفائتة خروقات امنية كبيرة في بغداد وديالى وكركوك والموصل راح ضحيتها المئات من الشهداء واكثر منهم جرحى ومرعوبين في آلية جديدة وجد الارهابيين طريقهم اليها وهي استخدام الانتحاريين والاحزمة الناسفة بدل السيارات المفخخة.ولعل البعض يعتبر مناورة الارهابيين وتخليهم عن وسائلهم المعهودة والتي تتمثل في السيارات المفخخة واعتمادهم على الانتحاريين يسجل نجاحا للاجهزة الامنية والالية الجديدة القديمة المتبعة في التفتيش وتطبيق الزوجي والفردي ولتقيم هذا الحديث فان الوقت لازال مبكرا وان النجاح في جانب لا يعني نجاحا في الجوانب الاخرى في ظل وجود خروقات في جانب اخر تحصد ارواح بمقدار ما تحصده المفخخات بل اكثر لان المفخخات في بعض الاحوال لا تحقق اهدافها اما الانتحاري فيكون دائما في نقطة الارتكاز وهذا اسوء بكثير... وهذا التبدل في الاستراتيجية الارهابية يعني ان خطة عسكرة الشارع نجحت في الحد من السيارات المفخخة لكنها فشلت في الجوانب الاستخبارية بدليل ان المناطق المطوقة عسكريا هي الاكثر اختراقا من قبل الانتحاريين واحزمتهم الناسفة. ان لجوء المجاميع الارهابية الى الاحزمة الناسفة وتجنيد الانتحاريين والاستعانة بالعبوات والكاتم والتخلي عن المفخخات ولو مؤقتا يعني ان هذه الجماعات لا تزال تحضا بفرص اكبر للاقناع والنجاح في توفير المتطوعين الراغبين بالذهاب الى الجنة والغداء او العشاء مع الرسول على الطرف الاخر فان هذا النجاح يمثل فشلا في برامج الحكومة وخططها الرامية الى التوعية والترويج والاقناع ،الشيء الاكثر اهمية هو ان ايجاد وتوفير الانتحاريين يمثل خيارا صعبا للمجاميع الإرهابية على عكس تفخيخ السيارات وتفجيرها لان الحصول على السيارة وتفخيخها امر يسير بينما يمثل اقناع انتحاري امر صعب فالأول يمكن الحصول عليه بالمال اما الثاني فبالفكر الا ان الإرهابيين نجحوا في هذا الملف وفشلت الحكومة. ان تمكن المجاميع الإرهابية من المناورة وتغيير الأساليب التي تتبعها في استهداف العزل والأبرياء والقوات الحكومية على حد سواء وايقاع خسائر كبيرة ومفجعة فيهم يمثل تطورا ونجاحا في اسلوب تعامل هذه المجاميع مع الإحداث على الأرض وعدم الانتظار بل ان المبادرة دائما ما تكون بيد المجاميع الإرهابية والعصابات الإجرامية بينما تتعامل الاجهزة الأمنية وفق نظرية ردات الفعل وعسكرة الشارع وقطع الطرق وهذه الإجراءات أصبحت من الخطط البالية التي اكل وشرب وبال الإرهاب عليها.ان تبدل الخيارات من قبل المجاميع الإرهابية يعني اما ان وراء هذه المجاميع مؤسسات دولية لديها من الإمكانات المادية والمالية والطاقات البشرية ما يتفوقون فيها على إمكانيات الحكومة واجهزنها الامنية او ان الإمكانيات التي لدى الإرهابيين ليست خارقة الا ان بؤس الخطط وتخلف العقلية الامنية هي من تقف وراء هذا التفوق.
https://telegram.me/buratha