.. سعيد البدري
لا يخفى على احد ان الاوضاع في سوريا اخذت تتعقد لدرجة لايمكن معها القول انها مطمئنة او قابلة للحل ما لم تترك اثارا وتحدث متغيرات على الارض ستكون جوهرية وستمتد الى دول المنطقة بما فيها دول الخليج التي وضعت امن اسرائيل نصب عينيها وهي تقنع امريكا بضرورة التدخل في سوريا وازالة نظام الرئيس السوري بشار الاسد الذي يعتبر حليفا قويا لطهران وهو ما يقلقها ويقلق الكيان الاسرائيلي الذي حضر بشكل جيد للالتفاف على ما حدث من ثورات شعبية عبر ادواته السعودية القطرية ليستثمر هذه الفرصة ويحول البوصلة باتجاه سوريا بوصفها ذلك الحليف الستراتيجي لايران اولا ولانه يعتقد ان التاثير الايراني سيكون اكثر اضرارا في حال بقاء الاسد او أي نظام مشابه له في المنطقة لان ثورات الربيع العربي او التي تسمى مجازا هكذا اثبتت ان الانظمة الجديدة التي وصلت الى السلطة بلغت من الضعف مبلغا عظيما جعلها تفاوض وتستجدي قبول الغرب بها لذا فهي صنيعة حلفائه بالرغم من امتلاك الاحزاب الحاكمة كل المؤهلات اللازمة لان تدير امور هذه البلدان لكن ما كان ينقصها فعلا هو غياب الدعم والتمويل اللازمين لعبور تحدي اسمه ادارة الدولة وهو ما سمح لحلفاء الغرب السعوديين والقطريين بالتدخل وفرض اسماء مؤثرة من داخل هذه الاحزاب او الائتلافات لتولي ادارة شؤون البلدان وضمان المصالح الخليجية ومن خلالها ضمان مصالح الدول الغربية المصممة على تأطير ذلك كله بضمان امن الكيان الاسرائيلي المخطط والقائد الفعلي لكل ما جرى ويجري في المنطقة من احداث .. اذن فسوريا تحت الضغط وحكومتها التي انهكت في حرب عصابات طويلة الامد تريد مخرجا مناسبا يجنبها شبح السقوط المدوي الذي سيخل حتما بالتوازنات وفي جهة المقابلة فان هناك تحديا مشابها اكبر حجما وتاثيرا تخوضه ادارة اوباما التي لاتريد خوض حرب خاسرة ترى انها في غنى عنها ان عزمت روسيا وايران وحلفاء الاسد على خوض الحرب والرد على امريكا لان دخول هذه القوى سيسهم في ارغامها على مراجعة حساباتها مطولا كون أي انتكاسة ستكون لها تداعياتها و ستهز الداخل الامريكي وتضر بنظرية الامن التي وضعتها اسرائيل والتي يتبجح عملائها الخليجيين بانهم جزء منها وهم الضامن لجعلها واقعا ملموسا شريطة الحاق ضربات موجعة بايران ومعسكر حلفائها الاقليميين والدوليين واقصد سوريا والعراق وجزء من لبنان واقصد هنا شيعة لبنان مجتمعين وحزب الله بشكل اخص ناهيك عن روسيا والصين التي تقفان ممانعتين حتى الان لاي عمل عسكري احادي او أي هجوم يفتقر لدليل ادانة لحكومة سوريا باستخدام الكيمياوي ضد شعبها وما زلنا في اطار الحديث عن التحالفات فأن الصبغة الطائفية التي سوقت وصور عليها الصراع في سوريا بانها حرب شيعية سنية على اعتبار ان نظام سوريا علوي يقاتل المتمردين السنة او الثائرين السنة فان من غير المعقول ابعاد العراق عن المشهد لان حكومته (الشيعية) تخوض صراعا مريرا مع متطرفين ينسبون ظلما وعدوانا الى الطائفة السنية مع العلم ان راس الحربة في ذلك الصراع هو تنظيم القاعدة الارهابي وفلول البعث المأجور وما يجعل تصديق هذا التصورسهلا هو عمق العلاقات والتي يمكن تسميتها بالتاريخية بين القوى الحاكمة والمؤثرة في العراق بايران ومن ثم سوريا وشيعة لبنان مما يجعلهم في معسكر واحد وكأن من يشوش على الاوضاع يريد القول ان المنطقة تشهد حربا طائفية ولن تستقر ويضمن امن اسرائيل بشكل تام مادام هذا التحالف قائما وهو ما يزيد من صعوبة الموقف العراقي مما جعل الدولة العراقية في حرج كبير ربما هو ما جعل رئيس الحكومة العراقية ان ينتظر فرصة مناسبة لطرح مبادرة سلم شامل في سوريا والتي اطلقت مؤخرا مع اعتقادي بانها منقوصة وتفتقر لقوة التاثير والاقناع بفعل عوامل ابرزها هو عدم وجود زخم سياسي لها وعمل دبلوماسي يسبقها ويمهد لقبولها او تعديل بعض فقراتها ويجعلها محط اهتمام دولي واقليمي اعلاميا على الاقل فضلا عن ان الدبلوماسية العراقية بقيت تراوح مكانها وعجزت عن حل ازمات العراق مع جيرانه والتي تفاقمت خلال السنوات الاخيرة واخذت اشكالا عدة حتى شبهها البعض بالحرب الخفية التي لم يكتم الساسة المتورطين فيها مشاعرهم وقناعاتهم لتتحول الى شتائم ومهاترات اضرت قطعا بالشعوب ومصالح البلدان وهذا ما يمكن ان نشخصه بدقة في علاقة العراق بتركيا وعلاقته بالسعودية وقطر والامارات وغيرها وقد اخذ هذا الشكل لاسباب عدة ابرزها فشل سياسة الاحتواء الداخلي للمشاكل والتي صدرت للخارج وبقيت نارا متقدة تحت الرماد يتاجر فيها الساس الترك والخليجيين معتبرين تدخلهم مشروعا بحكم وصايتهم على سنة العراق كونهم امتداد طبيعي لهم وما برر هذا التدخلات بطبيعة الحال وجود حملة اقليمية ودولية تصور الشيعة والتشيع على انه وجود طارىء وهذه الحملة ليست جديدة وقد بدءت فعلا منذ نجاح الثورة الاسلامية الايرانية في تولي مقاليد الحكم وما ساعد ايضا على تعميق حالة التدخل اعتبار شيعة العراق وهم الاغلبية امتدادا طبيعيا لشيعة ايران وهو امر لايمكن انكاره ولكن لايمكن قبوله ايضا بفعل ان العراق دولة وايران دولة اخرى ولو نظرنا لمقايسسهم واعتمدنا صحة هذا الفرض عند ذاك يجوز لنا تقسيم الدول الخليجية والعربية على اساس انها امتداد للحكم السعودي منطلقين من ان الدور المحوري للسعودية في بث افكار سياسية تعتمد تصديراسلام اخر لهذا الدول يختلف عن ما هو موجود حقا في المجتمعات وهو ما لاتقبله هذه المجتمعات كما لاتقبله حكومات الدول انفسها لانها ترى ان مثل هذا القياس يعد قبوله اعترافا بشرعية ال سعود في قيادة هذه الدول وضربا لقرارها ومؤسساتها !! اذن كيف يمكن لنا ان نقبل نحن كعراقيين وكشيعة على الاقل بمثل هذا التصنيف الذي ينتقص من سيادة بلدنا بدعوى اننا امتداد لايران وان كانت القضية اعمق من ذلك بكثير فعلاقتنا بايران ليست علاقة تابع ومتبوع ولانتعامل مع شيعة ايران الذين هم اخواننا بمثل هذه الطريقة كما لانتعامل مع أي مسلم في مشارق الارض ومغاربها بمثل هذا النفس العنصري الذي يراد تصويرنا عليه . بقي ان اقول ان الديبلوماسية العراقية تحتاج لان تاخذ مساحة اكبر ولن يكون هذا متاحا ما لم يتخلى الساسة في الداخل عن نظرتهم الضيقة لانتمائتهم الحزبية اولا وانتمائتهم الفئوية والقومية والطائفية ثانيا كما ان التفكير بمصلحة البلاد والعباد لابد ان يكون بمستوى التحديات فلسنا مع احد ضد احد وان استعدينا فذلك لاننا لم نقم بواجبنا كما ينبغي كعراقيين في لجم محاولات التدخل بشؤوننا كما ان تصفية الملفات الخلافية لم يعمل عليه كما ينبغي ولو رجعنا قليلا الى الوراء لرأينا ان من اكثر الامور التي جرى التأكيد عليها عبر خطابات شهيد المحراب قدس سره واحاديثه يتمحور حول هذه النقطة بالذات لذا فمن الواجب الالتفات الى ذلك كله والعمل على تجنيب العراق وشعبه تبعات التدخل الخارجي في شؤونه بوضعه في خانة الضعفاء وهذا لن يتحقق الا باتخاذ موقف واضح وصريح مع من يتدخلون في شؤونه لاعادته الى الوراء.
https://telegram.me/buratha