بالرغم من أن قناعات الرجال تتشكل من خلال بنية تستند الى ماضيهم، لتستقر في عمق تفكيرهم، إلا أن هذه القناعات نتاج عملية معقدة تتصادم فيها الوقائع مع المعطيات مع العقائد، لكن بالنتيجة تتشكل تلك القناعة التي تمثل بالمحصلة المسار الذي ينهجه الرجال..
وتكون لتلك القناعات تأثيراتها المهمة إذا لامست الشأن الوطني، ففي هذه الحالة يتماهى الذاتي بالوطني، حتى تتحول الوطنية الى سلوك وثوابت..
إلا أن هناك من أحترف تقطيع تلك الثوابت بمقص أعمى, أما لتحقيق مآرب ذاتية مريضة قوامها أنا ومن بعدي الطوفان! أو لأنه تحول الى كماشة نار بيد لاعب مؤثر عرف من أين يمسك بالتلابيب!.. ومن الغريب فعلا وربما لفشله في فهم معنى الوطنية، أو لتقديمه الذاتي على الوطني، فإن صاحب المقص أعمى يقوم بتقطيع حبال كل الجسور، بضمنها الجسر الذي يقف هو عليه!! وتلك عملية إنتحار سياسية من طراز خاص.. وفي قضية عضو مجلس محافظة البصرة عن كتلة المواطن الشيخ أحمد السليطي، فإن قرار سماحة السيد عمار الحكيم بقطع علاقته بالكتلة وفصله منها، يقدم نموذجا للتفكير السياسي الذي يقدم مصلحة الوطن والشأن العام، على كل الإعتبارات، وبضمنها الإعتبارات الشخصية..
فلا ريب أن للشيخ السليطي مكانته المحترمة في كتلة المواطن، ولا ريب أنه أصبح عضوا فيها لأنه قدم ما يدل على إيمانه بمتبنياتها، وكان ذلك محل إعتبار من قيادة الكتلة، فدعمته ووظفت إمكاناتها التعبوية لكي يعاد إنتخابه عضوا في مجلس البصرة، بعد أن كانت إعادة إنتخابه مسألة موضع شك، بلحاظ أن ثمة رغبة واسعة بتغيير أطقم المجالس السابقة نظرا لتعثر أدائها، وهذا ما أكدته نتائج الإنتخابات في عموم العراق..
بيد أن الشيخ السليطي فهم الأمور بالمقلوب، وزانت له السنوات الأربع المنصرمة أن يمعن في الخاص على حساب العام، فكان أن قدمه على مصلحة أمن البصريين في قضية تنحية قائد شرطتها اللواء فيصل العبادي، على خلفية الخروقات الأمنية المتكررة في المحافظة وفشله في أداءه...
وبدلا من أن يقف الشيخ السليطي الى جانب دماء البصريين، وقف الى جانب قناعاته الشخصية، فكان أن قطع حبال الجسر الذي يقف عليه بيده..!
29/5/13917
https://telegram.me/buratha