عبد الله الناصري
لا شك ولا ريب إن حزب الدعوة الإسلامية يعتبر من أقدم الأحزاب الإسلامية الشيعية, وانبثقت بدايته في الفترة الخمسينية من رحم الاحتياج الفعلي لوجود تيار سياسي إسلامي تحت إشراف المرجعية ـ لعدم إمكانية انخراط المرجعية بمباشرة العمل السياسي ـ يقوم هذا التيار بتمثيل الجماهير بصورة فاعلة على مستوى الوطن وخصوصا إن أوضاع العراق في تلك الفترة كانت تشهد تقلبات وتخبطات وعدم وضوح الرؤيا وتزاحم المد القومي والشيوعي في تلك الفترة.بداية الأمر استمد حزب الدعوة قوته من التأييد المرجعي أولا ولكونه الحزب السياسي الشيعي الوحيد في وقتها ولكن التأييد المرجعي لم يستمر طويلا حينما تحول قادته إلى نظرية عدم الاحتياج للمرج واعلنوا فكرا جديدا وهو إن القيادة يجب إن تكون بيد " الأمة ".لا أريد إن أتحدث بالإبعاد التاريخ لتأسيس الدعوة والفترات التي مر بها, ولكن عموما نقول إن حزب الدعوة صار شتاتا بعد هروب قياداته إلى خارج العراق وخبا نجم هذا الحزب خصوصا بعد تكوين الأحزاب الشيعية الإسلامية والعلمانية بعد انتفاضة عام 1991.وخلال التحشيد الأمريكي لغزو العراق والإطاحة بصدام لم يشترك حزب الدعوة بأي مؤتمر للمعارضة سواء ما عقد منها تحت إشراف الولايات المتحدة الأمريكية أم التي عقدتها الأحزاب بصفة ثنائية أو جماعية, بل على العكس كان حزب الدعوة ضد عملية الإطاحة بصدام, وقد مد هذا الحزب جسور الود مع قيادات البعث وهذا ما ظهر من الوثيقة السرية التي بعثها مسئول مكتب الحزب في سوريا إلى القيادة العراقية ولقاءه بطارق عزيز وطه ياسين رمضان وأبدى مكتب سوريا استعداده لوضع يده بيد حزب البعث د أمريكا, وكان مسئول حزب الدعوة في سوريا هو جواد (نوري) المالكي.وخلال تحرك أمريكا ودخولها للعراق لم يشترك حزب الدعوة في إي مؤتمر لقوى المعارضة فلم يتواجد في صلاح الدين ولا في قاعدة الإمام علي في الناصرية.وبعد استتباب الأمر وسقوط صدام انخرط حزب الدعوة وتسلق الهرم لنراه شيئا فشيئا يمسك بزمام القيادة, إن هذه الوصولية لدى هذا الحزب تثير الكثير من التساؤلات عن أيدلوجية هذا الحزب وانقلابه على مفاهيمه وأسسه.وتعدى الأمر إلى أكثر من ذلك, فقد أصبح منظرو الحزب وأعضاءه يرون أنفسهم فوق الجميع وبأنهم من عالم آخر, وان من ينتمي للدعوة منزه عن النقص, في حين ان النقص يعتري أعضاء هذا الحزب, فجل أعضاء هذا الحزب يفتقدون للكاريزما الشخصية ولا يملكون حضورا شعبيا لذا اتخذوا من المالكي رمزا ونهجا يدافعوا عنه ويحاولون تحسين صورته لابقاءه في السلطة, وبالتالي بقائهم لتحقيق مآربهم ومكاسبهم الشخصية.ومن خلال تصريحات بعض أعضاء هذا الحزب وكذلك ائتلاف دولة القانون الوجه الرسمي للدعوة نجد من التأليه والتمجيد للمالكي الشيء العجاب, فالمالكي نفسه يقول "لولا دولة القانون لما بقي هناك عراق" وكذلك تصريح عضو البرلمان العراقي عباس البياتي بذلك التصريح الكارثي حيث قال "حتى لو مات المالكي سنأخذ خلاياه ونستنسخ مالكي آخر", ولعمري أحار في التعبير لوصف هذا الكلام.وكان آخر تصريح الذي هو بمثابة الصدمة الكبرى التي صدمتنا جميعا كعراقيين هو تصريح النائب سامي العسكري والذي قال فيه "إن انجازات المالكي كثيرة وهو من جعل العراق يزدهر ويتطور ويجب تخليد ذكرى هذا الرجل العظيم(المالكي) بان تطبع صورته على العملة العراقية الجديدة كجزء من رد الجميل" ولعمري لا ادري سيادة النائب عن أي منجزات يتحدث.إن اتجاه حزب الدعوة وأعضاءه بهذا الاتجاه لهو مؤشر خطير على صناعة دكتاتور جديد بصبغة إسلامية, فيجب على حزب الدعوة وشورتهِ المركزية التنبه لهذا الأمر وإعادة مسار الحزب إلى اتجاهه الصحيح لكي لا تأتي ساعة ندم و لات حين مندم.
https://telegram.me/buratha