عون الربيعي
من الامور التي ينبغي التركيز عليها بشكل جدي ومعمق هو تحديد علاقة العراق بجيرانه ومحيطه الاقليمي والدولي عموما كما ينبغي ايضا اعادة النظر فيما يتعلق بالسياسة الداخلية والخارجية للبلاد كون العراق يتعاطى ويتأثر سلبا او ايجابا بمحيطه وسط مخاطر وتحديات جمة لايمكن حصرها بالحديث عن حشد الحكومة للقوى السياسية العراقية بهدف كسب التأييد من اجل اقرار هذه المبادرة او تلك في اطار ما يجري اليوم في منطقة الشرق الاوسط التي تشهد غليانا وتهديدات بحرب ربما ينظر اليها باستخفاف على انها حرب قوىارهابية مع حكومة دولة عربية جاره كونها تتعدى هذا الوصف وهي اقرب ما يكون ان اندلعت لاسمح الى الله الى حرب كونية جديدة ستشارك فيها اطراف ودول وقوى كبرى وهو ما نراه في قوة الموقف الروسي والصيني والايراني الذي تقول التقارير السرية انه وصل الى تهديد امريكا بالردع والتصدي ان هي اقدمت على خوض الحرب في سوريا ضد حكومة الرئيس السوري بشار الاسد منفردة دون اللجوء الى مجلس الامن بالمقابل فأن امريكا ومن وراءها حلفائها الغربيين والاقليميين العرب والاتراك ادركت ذلك وعملت على تجنب الاصرار على موقفها ازاء قضية الكيمياوي السوري وما يمثله من تهديد لحليفتها اسرائيل بالرغم من معارضة بعض صغار هولاء الحلفاء الطامحين لتامين عروشهم لانها تعرف جيدا مخاطر هذه الحرب وما ستتبعها من تداعيات ربما ان خسرتها ستكون اكبر من كارثة على بقائها كقوى مهيمنة حتى مع وجود الحلول الوسط بعد ان تلجا للتسويات ان حدث ذلك وهو حديث اختصرته لانه انتهى وهو يحاكي صورة الحرب المفترضة التي اتحدث عنها والتي افضت حسابات الدول التي تقف ورائها لقيام الوضع الحالي والقبول بالمبادرة الروسية بنزع السلاح الكيمياوي من سوريا , اذن ما الذي يجب ان نفهمه ونعرفه ونسير باتجاهه كدولة تشعر بالتهديد وترى انها لازالت غير محصنة وسط تدخلات اقليمية وصلت الى حد التهديد بالابادة والحديث عن التدخل المباشر بتغيير لموازيين القوى في العراق وهو ما نشرته الواشنطن بوست عقب انسحاب القوات الامريكية من العراق على لسان مستشار امني سعودي وتحدث فيه عن ثلاثة نقاط اساسية يمكننا رؤيتها اليوم بوضوح وتتلخص بدعم حالة التمرد السني في شمال وغرب البلاد عن طريق الايحاء بانهم يعيشون حالة التهميش وضياع الحقوق وهي حقوق تاريخية حسبما يدعون الامر الثاني هو تقديم الدعم السياسي والمادي والمعنوي وضخ الاموال فضلا عن تهيئة الارضية في تلك الدول لحشد الدعم العقائدي والذي يؤدي للالتحاق جماعات القتل والجريمة الى العراق لممارسة اعمال الابادة والقتل تحت يافطة هذا الشعور بالتهميش ومكافحة الخطر القادم من العراق وهنا لابد من معالجة واقول معالجة لان الامور باتت خارج السيطرة والحملة في استعار لان اغلاق بوابة التدخل في الشان السوري ان اغلقت فان هناك مسوغات سوف تصطنع لتحويل الهجمة باتجاه العراق باغلبيته الشيعية ومع وجود هذه الملفات فليس لنا الا ان نحلها بهدوء قبل اعلان حالة الحرب وكبح جماح المختبئين وراءها بدل الانغماس في تأويلات والذهاب خلف من يطلقون الوعود دون تحقيق شيء على ارض الواقع من دول وشخصيات لعبوا على اوتار الطائفية وعملوا لكسب الوقت وهدفهم اسقاط بلادنا بنظامها الجديد. ان العمل على حلحلة الاوضاع في سوريا واطلاق مبادرة للحل ودعم الجبهة الداخلية قبلا باطلاق وثيقة ميثاق الشرف والسلم الاجتماعي نظريا هي امور قابيلة للتحقق لكنها تحتاج نوايا حقيقية وجهود صادقة لجعلها واقعا ملموسا طالما اكد عليه قادة البلاد ولعل ما اكده السيد عمار الحكيم في احاديثه عبر الملتقى الثقافي طوال العامين الاخيرين وربما اكثر كان يصب في هذا الاتجاه مع اختلاف التسميات وثبات المضمون وهو ما يقودنا لان نثني على جهوده التي مازالت مستمرة والتي لايريد البعض ذكرها او التعرض لها لاسباب نجهلها وربما تكون منطلقة ممن حساسية تجاه تنامي شعبيته داخليا وخارجيا وهذا ليس حديثنا قطعا لانه يرى ان المصلحة ان ترمم الجبهة الداخلية اولا بما يضمن للعرقي كمواطن ان يعيش حياة هانئة مستقرة وان تحققت بدون ان يشار اليه او يذكر اسمه لان هذا هو الهدف الاسمى الذي يراه ويفكر فيه على الدوام وهذا ليس تملقا كونه حقيقة لايمكن نكرانها تثبتها سلوكياته كقائد ويدعمها ادائه شخصا ومجموعة بوصفه رئيسا للمجلس الاعلى الاسلامي العراقي . عموما ان على العراق ان يستثمر المتغيرات المتسارعة في المنطقة لمصلحته ومصلحة شعبه وشعوب المنطقة ولعل زيارة وزير الخارجية الايراني الى بغداد في هذا الوقت والتي كشفت اهمية موقع العراق في الخارطة الاقليمية تدعونا كدولة لان ننطلق ونمضي قدما في اخذ دورنا بجدية بعد غياب طويل ولعل العلاقات الطيبة التي تربط العراق بايران وسوريا والمجتمع الدولي عموما تتيح لنا لعب هذا الدور مع بذل بعض الجهد وتطوير الاداء الدبلوماسي الذي سيمكننا من مجاراة دول اخرى تعتقد ان بعدنا عن المشهد الاقليمي يمكنها من الاستمرار في تدخلها وهو عين ما تراه السعودية ودول الخليج لذا فمن الطبيعي ان كسر حالة الجمود وبيان قوة التاثير سيدفعان هذه الدول للتفكير الف مرة قبل ان تؤذي شعبنا وتلحق الضرر باوضاعنا الداخلية وقد يقود ذلك الى ان تفكر جديا بفتح صفحة جديدة من العلاقات المبنية على اساس عدم التدخل بالشؤون الداخلية للعراق ان وصل الى مرحلة يوصف فيها بالقوي والقادر على التعامل مع من يتدخلون في شؤونه واعتقد ان ما سيسهم بتقوية موقف العراق متوقف على امرين اولهما نجاح الجهود الرامية لتوحيد الموقف ازاء جميع القضايا التي تهم البلد وثانيهما نجاحه في قرض نفسه كوسيط فاعل لتكريس الحل السلمي في سوريا ويمكن في هذا الاطار الافادة من زيارة رئيس البرلمان اسامة النجيفي الى تركيا وايران من اجل التباحث حول الوضع السوري وهذان البلدان ان اقتنعا يمكنهما ان يفرضها هذا الحل على المنطقة كونهما على علاقة وثيقة بالدول الداعمة والرافضة للحل السلمي وعند ذاك يمكننا القول ان مفاتيح الحل العراقية للازمة السورية (التي تعضد بلا شك جهود دولية متمثلة بالديبلوماسية الروسية الفاعلة) قد اثبتت نجاعتها مستفيدة من علاقات راسخة مع هذه الدول والتي ستبادر قطعا لان تتجه للعراق كدولة للاسهام بحل بعض المشاكل الداخلية التي تعيشها هي وكلنا يعلم بان هذه الدول لديها ما يعيق استقرارها وعندها ملفات داخلية تحتاج الى حلول على المديين القريب والبعيد .ختاما اقول ان وجهة النظر هذه وما فيها من تداخلات وفرضيات حالمة بعيدة ولا يمكن ان تكون واقعية لان العراق يعاني على مدار العقود الثلاثة الاخيرة من مشاكل واعتقد ان كل المشاكل التي نعيشها قابلة للحل وحلولها ممكنة جدا ان توفرت الظروف المناسبة وهذه الظروف ارى انها الانسب لتصفير كل الازمات واسقاط كل الهواجس وتبديد كل المخاوف ان امنا بقدراتنا كبلد يتمتع بكل المقومات التي تمكنه ان يكون فاعلا ومؤثرا وقادرا على صناعة مستقبله وتحديد مصيره دون ان يكون تابعا لمعسكر سين او صاد من دول المنطقة التي هي ليست بافضل حال منا باي حال من الاحوال.
https://telegram.me/buratha