ليلى الخفاجي
احببت ووفاءا لزينبيات مضين بصمت وفي هدأة الليل ان احكي بلساني القاصر بعض مما جرى
سابدأ بقصة زيد وامه
ببرائته يشده اليك لا بجماله ,رغم روعة ملامحه ولكنها لاشئ قياسا بهذه البراءة التي ارغمت لتكون بين اربعة جدران في زنزانة وحيدا مع امه .
اصبحت امه عالمه الوحيد بعد ان انفصل قسرا عن عائلته المكونة من ثلاث اخوات واخوين - فتعلقه باذيال امه لحظة اعتقالها هو الذي جاء به الى هنا اذ لم تنفع صرخات الجلادين ورجالات الامن في فصله عنها وكأنه اصر الا ان يواسيها في وحدتها ومحنتها , وكأنه كان يعلم ويقرأ في قسماتهم انهم سوف لن يرجعوها اليه وان كل وعودهم كاذبة.
آ ه آه قلتها مرارا كلما رايته لصيقا بها - ماذا جنى ليكون هذا جزاءه؟ اصبح صوت المفتاح الذي تديره السجانة في باب غرفة امه يرعبه --- يخيل الي انه لمس بفطرته بان عزله وامه في غر فة منعزلة وتقفل عليهم معناه امر بيت بليل به وبامه - كل قسماته تفصح عن انه يدرك اليتم الذي ينتظره بفقدان امه قريبا وقريبا جدا.
انا متيقنة بانه لم يفهم من جلسة المرافعة في محكمة الثورة شيئا ولم يدرك ما معنى حكم الاعدام الذي صدر بحق امه ولكن غريزته دفعته للتشبث بها عندما قرأ الفزع في قسماتها .جاء معها الى السجن تمشي سنواته الثلاث امام امه , فهي لايتجاوز عمرها الخامسة والعشرون, جمالها روحي ملائكي , لم تستطع قساوة المعتقل والسجن ان تنال من شفافية روحها التي تنعكس من خلال ابتتسامتها وهدوءها ورصانتها.
لم ار رباطة جأش كالتي تتحلى بها هذه المرأة , اذ ان سنوات ولدها الثلاث التي تمشي معها كظلها لم تستطيع ان تجعل للانكسار والحزن نافذه الى محياها . وجدتها تتعامل معه وتلاطفه وتداعبه غير آبهة بحكم الاعدام الصادر بحقها . تعلم بانهم سيأخذون منها فلذة كبدها وسلوة روحها باي لحظة شاءوا ولكنها وبفضل يقينها بربها تعيش ما تبقى لها من ايام سعيدة راضية بما اختاره الله لها.
استطعت ان اكسر حاجز الصمت الذي طوقت به نفسها من خلال مداعبتي لولدها وبدأت حديثي معها , فانا تواقة للاقتراب منها لاجعل روحي تستشف ما امكن من هكذا نماذج روحانية .جلسنا نقر أ القرآن سوية وابنها يلعب في الغرفة ويراقب عن كثب وحذر فهو لايريد ان تفارق امه عينيه ولو للحظة واحدة وكانه تيقن بان مهلته معها قليلة وقد عزم العزم على ان يتزود منها ليلا ونهارا ليتمه الذي ينتظره والذي ذخره له صدام وبيته له بليل اسود.
قالت بان زوجها كان ممن يساعد المؤمنين المطلوبين لصدام على الفرار وبانها كانت تعلم بنشاطاته وانها مؤمنة انه يعمل وفق ما يمليه عليه ايمانه فهي ليست آسفة ولا نادمة على ما جرى لها ولزوجها وان الاسلام عليها عزيز كما بيتها واسرتها ...... وانسابت الدموع على وجنتيها وهي تنظر الى ولدها الذي قالت بانه تشبث بها عندما داهمهم المجرمون الصداميين من جلاوزة النظام لاعتقالها ولم تنفع صراخاتهم بان يفصلوه عن امه فاضطروا الى ان يصطحبوه معها خوفا من الضجيج في الشارع والتفات الناس وتجمعهم - وتركت خلفها خمسة اخوته اخرين في البيت.تساءلت ببراءة والدموع في عينيها - من لهؤلاء ؟؟ وهي تحاول ان تستنهض الجواب من اعماقها ولكنها تريده بصوت غيرها هكذا قرأت في نظراتها -
اجبتها بعد اطراقة وصمت - لهم الذي خلقهم فهو يرعاهم , فهل انت اكثر عطفا عليهم من بارئهم ؟ قالت : كلا ولكنهم صغار فاجبتها بان لهم في رسول الله اسوة حسنة ولقد كان صلوات الله عليه واله يتيم الام والب منذ صغره .
قالت هذا صحيح وارتاحت واطمأنت نفسها بهذا القدر البسسط واستمرت بقراءة القرآن - كانت تفرح وهي ترى تآلفه مع بنات السجن ممن ااتى بهن الجلاد للانتقام من العنفوان الواعي فهو لايرغب الا بالشباب المبتذل المعروض في اسواق النخاسة - اما الشباب الواعي الملتزم المؤمن بمبادئ الاسلام فمكانه ((( اصلاحية النساء ))) ليكون مصداقا لقول امير المؤمنين اذ اصبح في عرف الطاغوت المعروف منكرا يجب اصلاحه في اصلاحيات الفراعنة والمتكبرين - ويجب اذلاله في سراديب سجونهم ومطاميرهم - فها هي العفة والحجاب والتمسك بدروس زينب والحسين اصبحت منكرات يراد اصلاحها في مدرسة السجان في سجن الرشاد ولكن هيهات هيهات منا الذلة.التتمة في الحلقة القادمة
https://telegram.me/buratha