المقالات

عندما تعجز السياسة يتكلم القلم


واثق الجابري

بالفطرة تعلم الإنسان الكلام وأخترع الحرف وأمسك بالقلم وتعلم الكتابة, وعبر عن نفسه بلغات مختلفة فرضتها الطبيعة, وبلا إرادة وجدت مكانة الحروف التي تعبر عن ذاته واعماقه وشكل الحرف ونبرة الكلام للتعبير عن نفسه وحقوقه وقضاياه, شرّع القوانين من البيت الى القرية والمدنية فالدولة بأعراف ودساتير, فيما حاربته إنظمة الدكتاتوريات والإستبداد التي لا تعطي الحق الاّ للحاكم ويحرم الأخرين من الرأي وتمنع حرية الإتصال, وجوهر التواصل بين المجتمعات لإيصال الأيدلوجية أعلام عن حقائق تعبر عن رأي يراد نقله للأخر لتحقيق الأهداف, وفي عصر الإتصالات والمواصلات له تأثير طاغي يصعب تجنبه, يصنع الرأي ويؤثر على العقول بيغير توجهات الأشخاص, ولم يعد فقط ناقلاً للحدث بل يشترك او يكون صانعه وسلاح ذو حدين, قادر على ان يقدم الشعوب للأمام بصفته التنويرية الإنسانية, أو يعيدهم للتراجع والإنغلاق والظلامية والتحجر, وحمل العدائية والتلاعب بمقدرات الشعوب ونواياها الوطنية والإنسانية. الإعلام في عصرنا أسرع الوسائل في توسيع الحدود الإدراكية, يقف بالمنتصف من التنوير والتصحيح وبين الضياع الفكري والخواء الوجداني . الشعوب اليوم تعاني من ضغوط هائلة من ألاف الشاشات الملونة والصحف والصفحات الالكترونية ومواقع التواصل الإجتماعي والإعلانات المستهدفة لها, أدواته اخطر من الإسلحة بالتأثير والإنتشار وتبدأ او تنتهي بقرار سياسي, او يبدأ ويتنهي بها القرار السياسي, قوة اصبحت اكثر فتكاً من البندقية والمدفع التي تصيب الأعضاء ولا تحدث الموت احياناً, ولكن الإعلام موجه للعقل يدخل من السمع والبصر والتشوه العقلي أشد ضرراً من التشوه الجسماني, حرب ناعمة لا يُدرك مداخلها وسبل مقاومتها. للإعلام في العصور الحديثة مدارس وماكنة ضخمة تدير حروبها النفسية مؤوسسات كبيرة بعضها قذرة جداّ تحاول تغيير البوصلة الفكرية نحو الشذوذ والإنحراف والتعامل بالسلبية دون وعي , وكما قال(غوبلر) الإعلامي النازي (( أعطني اعلاماً بلا ضمير, أعطيك شعب بلا وعي )) , ولكن حقيته أقدس المهام في صناعة الوعي والتعريف بالحقوق وسلطة رابعة رقيبة على السياسات والمؤوسسات, ينقل الحقائق بعيد عن التضليل صادق مع نفسه وجمهوره لا يتلاعب بالأساليب, وسيلة سامية لهدف نبيل ومن يفقد فيه ضميره يفقد شرفه المهني والإنساني, وينحرف تجاه إتباع المكر والخداع ودهاء السياسة وترك جوانب توعية المجتمع.مهنة الإعلام في العراق تسودها الضبابية والتشويه وشراء الأقلام والذمم, بسبب حلقة مفقودة في المجتمع لم تتكامل سلسة التعرف بالحقوق الأنسانية ومفاهيم الديموقراطية, طاردها الإرهاب ومخالب الطائفية والأموال وضيق العيش ومطالب العائلة, أثرت على المعلومة وأعطت منطلقات مختلفة, يوازي ذلك تحديات كبرى من الترغيب والترهيب, وهذا ما يدعي وجود حصانة ومقومات وتخطيط ستراتيجي لمعالجة الأزمات الشخصية التي يعاني منها الإعلامي كونه احد اعضاء المجتمع, من فقدان الشعور بالإنتماء نتيجة كم الأفكار الموروثة والوافدة والفساد الذي أصبح من الطبائع الاجتماعية ويشجع عليها كتقليد إحترام المال والثراء ومقاييس السمو بالمال والجاه والسطوة والقوة, سواء كانت مشروعة او بالغش والكذب, في وقت يفتقد السكن وتقل فرص العمل والبيئة المناسبة لتوحيد الخطاب والكلمة الصادقة, البعيدة عن التأثيرات والمعوقات, وتجعل الإعلامي كبقية أفراد المجتمعات متفرغ لأداء مهمته بحماية وحصانة كاملة ومشروعه الدفاع عن وطنه وشعبه, يصان مستواه المعيشي وتمكينه الوسائل التي تضمن حريته وأستقلالية تفكيره, ودوره كمقاتل مجهول من تشخيص وإنتقاده بناء يضع اليد على الجراح وتثقيف المجتمع للدفاع عن الوطن ووحدة الكلمة, ويشعر كل مواطن رغم معاناته بالإنتماء الى وطنه وإنه اروع واجمل الأوطان.

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك