مديحة الربيعي
لاتتعدى طبيعة الوجود الأنساني مسئلة وقتٍ محدد وضعه الخالق جل وعلا لأجل معلوم ليختبر الله الانسان في اختيار طريق الخير او الشر والحق والباطل,والذي بطبيعة الحال سيقوده في نهاية المطاف الى الجنة أو النار بعد أنتهاء الحياةاذن الحياة الدنيا أصلا" لسيت دائمية وانما هي مرحلة انتقالية تحدد مصير الأنسان فيما بعدفي الحياة الأبدية الأخرى,فيكون أما في النعيم أو الجحيم,لذا فأن بحث الأنسان عن الخلود في هذه الحالات أشبه مايكون بالوهم,فلايمكن أن يكون الانسان خالدا" الأ بأفعاله وسيرته,وقلائل هم من تبقى سيرتهم خالدة لاتمحوها السنين,وهكذا صنفٌ من الناس هم من الصفوة ممن غيرت أفعالم ملامح مهمة في التاريخ الانساني, كالأنبياء (عليهم السلام),الذين كرسوا أنفسهم لأرساء قواعد التوحيد,وكذلك الاولياء الصالحين وعلى رأسهم امير المؤمنين علي ابن ابي طالب وذريته وخصوصا سيد الشهداء الحسين بن علي وابنائه واصحابه سلام الله عليهم اجمعين,فهؤلاء قد غيروا مجرى التاريخ وحفروا اسمائهم بحروف من نور وبذلوا الغالي والنفيس في سبيل الله فما كان من الله الأ ان جعل الخلود حكرا عليهم عبر التاريخ ليكونوا مثلا" للصالحين وجعلهم سادة الجنان في آلاخرة,أما من يبحث عن الخلود عن طريق الوجود المادي وليس عن طريق السمو الروحي فهو واهم تماما",أذ لايُخلّد الأنسان القصور أو الصور أوالمناصب,بل تُخلدهُ أفعاله فتكون شاهدا" عليه أمام الله والناس فكم من قصور بقيت خاوية على عروشها,بعد أن أهلك الدهر أصحابها وقصور قوم العاد التي ذكرت في القرآن الكريم خير دليل على ذلك وقصور فرعون وقصور يزيد بن معاوية, وقصور كل الطغاة الذين ظنوا أنهم ملكوا الدنيا لكنها في الواقع قد ملكتهم فاصبحوا عبيدا لها",وحتى المناصب لن تجعل سيرة الشخص تذكرفي مواضع الخير أن لم يكن منصفا" مع شعبه ويسعى لتخليد نفسه في قلوب الناس فكم من حاكم رحل عن الدنيا ترافقه اللعنات وكم من حاكم بقي اسمه خالدا يذكر كلما ذكر المجد في موضع ما,عدا ذلك لن يتمكن أيا" كان من تخليد نفسه مهما حاول أن يضع بصمة في التاريخ أن لم يكن مخلصا" لشعبه ووطنه,مهما كان منصبه أومهما طالت سنوات حكمهقد يسعى البعض الى تخليد نفسه من خلال وضع صوره على الطرقات او في القصور أو حتى على العملة لكي يرضي غروره لدرجة ما,اعتقادا" منه أن هذه الأجراءات ستجعل له مكانا" في التاريخ ويشجعه على ذلك بعضا" من حاشية الطغاة الموجودين في كل زمان ومكان,ممن أتخذوا من التملق مهنة وحرفة,لذا فأنهم يسعون دائما" الى اتقان أدوارهم ويغالون في ضرورة تخليد سادتهم عن طريق طباعة صورهم على العملة أو في الشوارع فهم قد أعتادوا على أن يكونوا خدما" للأقوى,نسوا أوتناسوا أن الصور على العملة لن تكون أكثر من مجرد وجوهٍ على الورق, أما القصور ستخلو من ساكنيها يوما"ما وتصبح ملكا" لغيرهم منشور في جريدة المراقب العراقي
https://telegram.me/buratha