اعداد: قسم الدراسات والبحوث في مؤسسة وطنيون الاعلامية
"العملية السياسية تحتاج الى أكثر من ائتلاف وأكثر من تكتل ليتسنى للناخب اختيار الأصلح للتعبير عن توجهاته السياسية". علي الأديببرلماني وقيادي في حزب الدعوة الإسلامية
توطئةان الخوض في تفاصيل ائتلاف دولة القانون , هو حديث عن أرقام سلطوية ثقيلة الوزن الرئاسي , فضلا عن قوى سياسية مؤثرة في مخرجات الناتج السياسي للعملية السياسية في العراق، ولعله طيلة اكثر من ثمان سنوات بدءا من الانطلاقة من غطاء الائتلاف العراقي الموحد ووصولا إلى تشكيل العنوان الرئيسي كمسمى سياسي لها بائتلاف دولة القانون في عام 2009, ومع طبيعة المناكفات التي تطفو فوق سطح المشهد العراقي من حراكات واتجاهات كتلوية وحزبية للكثير من القوى الداخلة في البناء المؤسساتي بغية السباق والتسابق للوصول إلى باحة السلطة, بات أئتلاف دولة القانون المنعطف والعلامة الشاخصة في البيت الشيعي السياسي خصوصا وفي المعادلة الوطنية عموما, فالكثير من الإحداث والأزمات التي نفذت من ماكنة التجربة العراقية السياسية ما بعد 2003 , كان ائتلاف دولة القانون حاضرا في مضامينها وسببا في تفاعلاتها, وخصوصا نحن نتكلم عن ولايتين رئاسيتين بهوية حزب الدعوة الإسلامية والذي هو صاحب الحظوة والثقل والتأسيس في ائتلاف دولة القانون, وهو في الوقت ذاته احد الأقطاب الهامة في خيمة التحالف الوطني الذي يضم في جنباته الائتلاف الوطني.
مع اقتراب الانتخابات البرلمانية القادمة المقررة في شهر نيسان 2014, تقترب الهواجس وتتزاحم المشاريع الحزبية في مسعى التحرك باتجاه حجز المقاعد النيابية , غير ان ما يضع الجميع من قوى وكيانات سياسية عراقية في مجهر القلق , هو عودة ائتلاف دولة القانون الى الكرسي الرئاسي بنسخة رئيس الوزراء الحالي نوري المالكي, الذي بات جملة غير مرغوب فيها لدى اغلب الكيانات السياسية سواء من أبناء جلدته, أو من الشركاء الآخرين.
ومن تلك التقاطعات في اتجاه الحركة السياسية والكيفية التي سيحط بها رجال ائتلاف دولة القانون في المستقبل السياسي القادم ,ننطلق بتحليلنا مع التوقف عند بعض التسأولات كمدخل في أرضية البحث والاستنتاج.
• ما هي الأسباب والمسببات لتشكل ائتلاف دولة القانون؟• هل نجح دولة القانون في إدارة مقاليد الامور في البلاد؟• ما هو الأثر المترتب على القاعدة الجماهيرية الشيعية جراء ولايتين رئاسيتين لدولة القانون؟• هل سيشق ائتلاف دولة القانون خيمة التحالف الوطني؟• ائتلاف دولة القانون.. الحظوظ والثقل في قادم الايام؟• نوري المالكي ..ولاية ثالثة ام نهاية المشوار الرئاسي؟؟
قراءات ومواقف
حتى نستطيع الوقوف على تصورات واضحة على طاولة البحث والتحليل فيما يخص موضوعة ائتلاف دولة القانون لابد من الالتفات الى بعض التصريحات والمواقف السياسية لبعض الكتل والمسميات المهمة والتي من خلالها تتوضح طبيعة العلاقات والتفاعلات التي تكتنف واقع المشهد السياسي وبما يخص ائتلاف دولة القانون على وجه الخصوص.
• النائب في ائتلاف دولة القانون حنان الفتلاوي : تقول "ان الانتخابات النيابية على الأبواب وأنا أدعو العراقيين جميعا إلى منح ثقتهم لدولة القانون وللسيد المالكي وإلا سنخسر مثل هذه الشخصية العظيمة التي انقذت العراق".
• زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر : "أن رجال القانون والدولة في العراق لا يحتاجون الآن إلى الأصوات السنية كما عبروا بهم في المرحلة السابقة من الانتخابات بل يريدون جمع الاصوات الطائفية ليكونوا "مناراً للطائفيين".
• القائمة العراقية : "ان رئيس مجلس الوزراء يستمر بالتفرد في اتخاذ القرارات والاستهانة بوزراء حكومة الشراكة الوطنية المزعومة بشكل عام، ووزراء العراقية بشكل خاص، والتي يفترض انها أكبر شريك له".
• المتحدث باسم التحالف الوطني الكردستاني مؤيد الطيب : يقول "نحن نؤكد أن حكومة الشراكة لم تكن فاشلة، بل إن عدم التزام دولة القانون بتحقيق هذه الشراكة هو الذي قاد إلى الأزمة السياسية الحالية، أي أن المشكلة ليست في حكومة الشراكة، بل في عدم التزام دولة القانون، وهي أحد الأطراف الأساسية للأزمة".
• عضو ائتلاف دولة القانون, سعد المطلبي : يقول "ان الائتلاف يسعى الى الانفتاح على قوى من خارج البيت الشيعي ومن خارج الاطراف السياسية المعروفة حاليا لتشكيل ائتلاف موسع لتشكيل حكومة اغلبية سياسية بعد الانتخابات التشريعية 2014".دولة القانون ..الوصول والبقاء
ان ائتلاف دولة القانون هو ولادة من رحم حزب الدعوة الإسلامية, وبالتالي فانه وان اتسعت عناوين المنضوين فيه , الا انه يبقى في طابعه العام ائتلاف ذو صبغة إسلامية , غير ان ظروف التشكل والتشكيل فيه انطلقت بوادرها من ظرفيات سياسية ومناخات انتخابية, وعليه فان حزب الدعوة الإسلامية (المقر العام وتنظيم العراق) وهم صناع دولة القانون, قد بدأوا مشوارهم السياسي ما بعد 2003, بعباءة الائتلاف العراقي الموحد وهو الائتلاف الشيعي الاكبر , والذي تشكل عام 2004, قبيل الانتخابات البرلمانية عام 2005 , التي احرز فيها الائتلاف العراقي الموحد 128 مقعدا, وكان نصيب الدعوة منها لايتجاوز الثلاثين مقعدا, فيما بعد فقد اسهم وصول نوري المالكي المرشح عن حزب الدعوة الى رئاسة الوزراء عام 2006, في الولاية الرئاسية الأولى, عن قلب موازين القوى داخل البيت الشيعي السياسي العراقي من جهة, ومن جهة أخرى وضعت تحديات جديدة في المسار السياسي العراقي بشكل عام, فحزب الدعوة الإسلامية السلطة والتأثير والقاعدة السياسية, قد بدأ مع بدايات 2007, في ظل التحديات التي كانت تعصف بالبلاد من حرب طائفية أبان الاحتلال الأمريكي آنذاك, مع ارتفاع متواصل في الخط البياني للتأييد الشعبي لهم, ليقطع حزب الدعوة الطريق امام انتخابات مجالس المحافظات لعام 2009, بعد ان اختاروا لأنفسهم عنوانا جديدا يختزل عناوين الدعوة فيه إضافة الى بعض القوى السياسية الأخرى التي ائتلفت معهم, فأطلق عليه "ائتلاف دولة القانون",
وكقراءة واستراتيجية في داخل بيت الدعوة, فقد وجدوا ان في الرصيد الجماهيري والسلطوي لهم خزينا كافيا لانشقاق وتشقق البيت االشيعي المتمثل بالائتلاف الوطني الذي تأسس عام 2009, وهو المنحدر من إطلال الائتلاف العراقي الموحد, وقد أسهمت نتائج الانتخابات التي نجح ائتلاف دولة القانون فيها بالحصول على 126 مقعدا, والتي كان نصيب حزب الدعوة منها أكثر من 80 مقعدا, في تعزيز فرص الدخول في الانتخابات البرلمانية لعام 2010, بعربة ائتلاف دولة القانون, لينهي مشوار الانتخابات البرلمانية 2010 , بـ89 مقعدا, وهو الفائز الثاني الأكبر بعد القائمة العراقية التي أحرزت 91 مقعدا, مما دفع بشخصيات القانون بالدخول في تحالف مع الائتلاف الوطني صاحب الـ 70 مقعدا, تحت عباءة التحالف الوطني , من اجل فض الرهان وامتلاك الرقم الكافي في تفعيل الكابينة الوزارية, بعد ذلك ومع حصول التأشيرة لولاية ثانية لرئيس الوزراء نوري المالكي , تفاقمت فرص الاختلاف في بيت التحالف الوطني حول الأداء المؤسساتي لائتلاف دولة القانون , بعد ان اختلفت اطراف التحالف الوطني حول سياسات رئيس الوزراء في التعامل مع الكثير من الملفات الحكومية, مما أسهم ذلك وبشكل كبير في تشظي السور واهتزاز الأرضية التي يقف عليها التحالف الشيعي, ومع تلك الإحداث والأزمات وصلنا الى انتخابات مجالس المحافظات 2013, والتي غيرت في خارطة وعناوين الاصطفافات المؤتلفة, فدولة القانون استطاعت تشذيب وقضم الشريك معها في التحالف الوطني,الائتلاف الوطني , بعد ان أمسى الأخير قائم الركائز على المجلس الأعلى والتيار الصدري وبعض القوى الأخرى غير المؤثرة حسابيا في ارض الواقع, لتصبح قافلة ائتلاف دولة القانون أكثر سمنة واكبر تأثيرا بعد انضمام بدر والفضيلة وتيار الاصلاح لها, لتحط راحلة انتخابات مجالس المحافظات بأكثر من 110 مقعدا لائتلاف دولة القانون.
دولة القانون... المسار والاستمرار
حقيقة ان الولاية الثالثة هي المنطلق والرغبة المتبقية في استراتيجية ائتلاف دولة القانون, بيد ان المشهد السياسي ألان قد اضعف الكثير من مقومات الوصول إلى كرسي السلطة بثلاثة أشواط, وكما قلنا أنفا ان ائتلاف دولة القانون كنقطة انطلاق من حزب الدعوة الإسلامية بشقيه تنظيم العراق والمركز العام,لم يستطع استهلال مشواره الرئاسي في عام 2006, لولا اشتعال الضوء الأخضر له من منصة الائتلاف العراقي الموحد آنذاك, وعلى الرغم من التجارب التي خاضها دولة القانون فيما بعد , من مجالس محافظات 2009. وانتخابات تشريعية 2010 , إلا انه لم يستطيع بلوغ الغايات الا برعاية التحالف الوطني, غير ان تعامل ائتلاف دولة القانون مع السلطة وطبيعة التحديات التي تحيط بالعملية السياسية من عراقيل داخلية او خارجية, وضع شركاء الأمس من بقية التحالف الوطني في مراجعة وتراجع عن المضي باتجاه الإمضاء والتوقيع على صك المرور لائتلاف دولة القانون, يضاف الى ذلك ان مقومات البقاء لدولة القانون بعنوان الرئيس قد بدأت بالتراجع والانحدار وهو ما افرزته نتائج انتخابات مجالس المحافظات الأخيرة 2013, وعلى الرغم من حصوله على أكثر من 110 مقعدا, الا أنها تقرأ خسارة بعنوان رابح, فحزب الدعوة صاحب الهوية الرئيسية في ائتلاف دولة القانون لم يحرز أكثر من 32 مقعدا, وهو ما يؤشر لبداية انتهاء عصر الولاية الثالثة , مع صعود حظوظ الشركاء الآخرين من البيت الشيعي (المجلس الأعلى والتيار الصدري), إضافة الى ذلك ان ما أضيف من أحزاب وقوى الى ائتلاف القانون قبيل انتخابات نيسان 2013, هي اصطفافات لذائذية تميل مع الأقوى وليس مع الأصلح وبالتالي فأنه اذا ما قرأت تلك الكيانات المنضوية تحت لواء القانون,ضعف الائتلاف وتراجع الحظوظ فحتما ستبحث عن البديل الأقوى.
من خلال ماسبق يمكن التوقف عند بعض القراءات والاحتمالات في المسار السياسي لائتلاف دولة القانون.
• ائتلاف دولة القانون هو نتاج لرغبة حزبية توافرت لها حظوظ انتخابية ثقيلة الحساب, مما أسفرت عن الخروج من طاعة البيت الأم(الائتلاف العراقي الموحد,الائتلاف الوطني , التحالف الوطني), وبالتالي فأنها تدخل في المعادلة السياسية بمنطق الأرقام لا بثقافة قوة العنوان الشيعي.
• الولايتين الرئاسيتين , كانتا بمثابة خطوط الإمهال وليست الإهمال , فتربع حزب الدعوة على كرسي العراق لدورتين متتاليتين, قد وضع العراق في أعناق الأزمات المتوالية, وهو ما يجعل فرص وحظوظ ما غظ النظر عليه فيما مضى , حاضرا في سجل الكثير من الناخبين في الانتخابات التشريعية القادمة.
• ابرز انجازات ائتلاف دولة القانون قد بنيت أهرامها في فترة الاحتلال الأمريكي للعراق وهو ما يسحب البساط من مصداقية الأداء الحكومي في تحمل المسؤليات وإدارة البلاد مابعد جلاء قوات الاحتلال نهاية عام 2011.
• نتائج مجالس المحافظات الأخيرة افرزت قراءات جديدة لما سيكون عليه ائتلاف دولة القانون في عام 2014, فالنتائج قد أشرت لتراجع الخط البياني الجماهيري لائتلاف دولة القانون.
• قوة ائتلاف دولة القانون , تكمن في جانبين اساسيين وهما , امتلاك السلطة ورمزية رئيس الوزراء نوري المالكي, غير ان ذلك في المرحلة المقبلة لايكفي لمرور قافلة الدعوة الى رئاسة الوزراء مجددا.
• اختلاف الابناء في داخل بيت التحالف الوطني, قد اسهم بابتعاد صناع الرئاسة عن ركن دولة القانون, فالمجلس الأعلى والتيار الصدري ركنين اساسسين في تدوير العجلة وإعطاء العناوين.
• المرحلة القادمة ستأتي بحظوظ انتخابية ثقيلة الصوت والتصويت لائتلاف دولة القانون, وهو امر متوقع , غير ان موازين القوى ستتغير في خارطة التشكيل, فربما سيدخل ائتلاف دولة القانون مفاوضا على استحقاقات وزارية وليس على رئاسة وزارية جديدة.
https://telegram.me/buratha