المقالات

تمحيص أم عقاب ؟

809 23:00:00 2013-09-22

بسم الله الرحمن الرحيم

مثلما يتعرض الفرد الى الابتلاءات والامتحانات فان الامة بمجموعها تتعرض للامر ذاته فاما ابتلاء وتمحيص ليميز الله الصابرين ويجزيهم خيرا هذا على صعيد الفرد وليرفع من قدر الامة لو كان الحديث عن امة واما ابتلاء العذاب والعقاب فهو المحق ولا  وجود لفرصة ثانية يستغلها الفرد او الامة قال تعالى "وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ" ومن الاية يُستدل من انه التمحيص خاص بالمؤمنين والمحق خاص بالكافرين .

السؤال الان كيف نشخص الابتلاء الذي نحن فيه بين ان يكون تمحيصا ُ أم محقا ً ؟ ومن نحن ؟ العراقيون .

هل ما نلاقي من امتحانات وابتلاءات  كشعب وامة  هي مما كسبت ايدينا فنعده محقا ً من الله بعد رسمنا خطوطا ً بعيدة عن نهجه ام ان الله جل وعلى يمحصنا ليميز الخبيث من الطيب ؟  ام اننا نجمع الامرين فتمحيصنا كان في زمن صدام اللعين وتمحيقنا بما كسبت ايدينا يجري علينا الان  أم العكس ؟.

هذا التسائل كثيرا ما دار في خاطري وخشيت ان يجري على لساني الا لمن يمكن ان يقدم لي جوابا ً شافي وربما يسائل سائل ان ما الجدوى من الوقوع على العلة ؟ واجد ان الامر مهم فان كان تمحيصا ً كان الصبر الجميل هو خيارنا اما ان كان محقا ً عند ذلك لابد من تفعيل الاية الكريمة " .. ان الله لا  يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم " قبل ان يأتي اليوم الذي لايفيد  ندم النادمين .

وجاء الجواب على لسان امير المؤمنين عليه السلام في خطبته المعروفة بالقاصعة وهي تتكلم عن ذم الكبر و التعصب ويسترسل فيها امير المؤمنين ع من ابليس وقصته مع ادم الى الانبياء والامم السابقة وصولا الى بني اسرائيل كمدخل الى اولاد اسماعيل وفي كل مقطع يبين ما للكبر من اثر في هدم الانفس والحضارات وسأستقطع القسم الذي استشف منه جواباً لسؤالي

قال امير المؤمني عليه السلام " ....................

وَتَدَبَّرُوا أَحْوَالَ الْمَاضِينَ مِنَ الْمُؤمِنِينَ قَبْلَكُمْ، كَيْفَ كَانُوا فِي حَالِ التَّمحِيصِ  وَالْبَلاَءِ. أَلَمْ يَكُونُوا أَثْقَلَ الْخَلاَئِقِ أَعْبَاءً، وَأَجْهَدَ الْعِبَادِ بَلاَءً، وَأَضْيَقَ أَهْلِ الدُّنْيَا حَالاً.اتَّخَذَتْهُمُ الْفَراعِنَةُ عَبِيداً فَسَامُوهُم سُوءَ الْعَذَابِ، وَجَرَّعُوهُمُ الْمُرَارَ ، فَلَمْ تَبْرَحِ الْحَالُ بِهِمْ فِي ذُلِّ الْهَلَكَةِ وَقَهْرِ الْغَلَبَةِ، لاَ يَجِدُونَ حِيلَةً فِي امْتِنَاعٍ، وَلاَ سَبِيلاً إِلَى دِفَاعٍ، حَتَّى إِذَا رَأَى اللهُ جِدَّ الصَّبْرِ مِنْهُمْ عَلَى الْأَذَى فِي مَحَبَّتِهِ، وَ الْإِحْتِمالَ لِلْمَكْرُوهِ مِنْ خَوْفِهِ، جَعَلَ لَهُمْ مِنْ مَضَايِقِ الْبَلاَءِ فَرَجاً، فَأَبْدَلَهُمُ الْعِزَّ مَكَانَ الذُّلِّ، وَ الْأَمْنَ مَكَانَ الْخَوْفِ، فَصَارُوا مُلُوكاً حُكَّاماً، وأَئِمَّةً أَعْلاَماً، وَبَلَغَتِ الْكَرَامَةُ مِنَ اللهِ لَهُمْ مَا لَمْ تَذْهَبِ الْآمَالُ إِلَيْهِ بِهِمْ.فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانُوا حَيْثُ كَانَتِ الْأَمْلاَءُ  مُجْتَمِعَةً، وَ الْأَهْوَاءُ مُؤْتَلِفَةً، وَالْقُلُوبُ مُعْتَدِلَةً، وَ الْأَيْدِي مُتَرَادِفَةً، وَالسُّيُوفُ مُتَنَاصِرَةً، وَالْبَصَائِرُ نَافِذَةً، وَالْعَزَائِمُ وَاحِدَةً، أَلَمْ يَكُونُوا أَرْبَاباً  فِي أَقْطَارِ الْأَرَضِينَ، وَمُلُوكاً عَلَى رِقَابِ الْعَالَمِينَ! فَانْظُرُوا إِلَى مَا صَارُوا إِلَيْهِ فِي آخِرِ أُمُورِهِمْ، حِينَ وَقَعَتِ الْفُرْقَةُ، وَتَشَتَّتَتِ الْأُلْفَةُ، وَاخْتَلَفَتِ الْكَلِمَةُ وَ الْأَفْئِدَةُ، وَتَشَعَّبُوا مُخْتَلِفِينَ، وَتَفَرَّقُوا مُتَحَارِبِينَ، قَدْ خَلَعَ اللهُ عَنْهُمْ لِبَاسَ كَرَامَتِهِ، وَسَلَبَهُمْ غَضَارَةَ نِعْمَتِهِ , وَبَقّى قَصَصَ أَخْبَارِهِمْ فِيكُمْ عِبَراً لِلْمُعْتَبِرِينَ.

من قراءة هذا المقطع توصلت نتائج ان اجتمعت اعطتني جوابا ً لتسائلي ولكني ساحتفظ به حتى يطلعني من يشاركني سطوري القاصرة  رأيه ويبين لي قرائته واستناجاته لهذه السطور النورانية لخطبة امير المؤمنين عليه السلام وكيف يمكن ان تطبق على حالنا نحن كأمة يردي امير المؤمنين منها الاعتبار لان التاريخ يعيد نفسه وااكد  كأمة وليس بصيغة الفرد الواحد .

أنتظر بشوق سطوركم التي دائما ما مدتني بالكثير من رفع الهمة ونسال الله ان يحفظ كل من يجعل نهج البلاغة عنوانا ً لحلقات دراسية ويفيض للناس من هذاالبحر ويشير لنا الى الصرح  الذي يزين مكتباتنا وبالكاد نقلب صفحاته ولولا همتهم ما اظننا نفعل !! فجزاهم الله خير الجزاء على هذا الجهاد .

في العراق اليوم  اجد حفظ هذه الخطبة واجب على كل عراقي وخاصة من يشرف على اخذ مسؤولية بعاتقه حتى تكون له حصن حصين من كرات ابليس وجنوده عليه , اليس كذلك ايها المسؤول ؟ هل اعددت سيفا ً تخرق به رداء الكبر ام انك ستنازع الله في ردائه !

واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد واله الغر الميامين وسلم تسليما ً كثيراُ

بغداد

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
المهندسة بغداد
2013-09-23
سلام عليكم شكرا للمرور الكريم للاستاذ البياتي والاخ مصطفى وكما تفضلتم من ان البلاء وذات البلاء ممكن يكون على شخص تمحيص وعلى شخص اخر بلاء عقاب ولكن كان تسألي عن واقع امةكمجموع وها انا اقدم بين ايديكم نظرتي التي اتمنى ان تكون تشائمية اكثر منها لو كانت واقعية حيث اجد ان العراق وبالتحديد شعبه كان مؤتلف قلبا وقالبا ومتحد سطح المجتمع هادىء ومتناغم حتى حل بلاء صدام فكان بلاء تمحيص وبعد ان خلصنا الله منه بفرجه فُتح باب ابتلائات اخرى كثيرة واظن اذا بان الامر دخل في دائرة العقاب حيث اننا لم نحسن شكر الله باختيار الجيد والافضل ولم نحسن ان نغير مازرعه البعث عنوة في نفوسنا من كراهية لذاك وابتعاد عن دين رغم تمسكنا لكن لابد من بقع البعث ان تكون قد اثرت وسطور امير المؤمنين ع واضحة المعالم من ان العقاب يحصل والمحق حين تقع الفرقة وتتشتت القلوب وتكون الكلمة مختلفة فهذه هي علامات المحق طبعا ً باسثناء المؤمنين ولنا في قصة المدينة المنورة دليل حيث انها بايعت يزيد وتركت ابن رسول الله وحده ومن ثم نفضت البيعة بعد ان عرفت الحقيقة لتستباح المدينة 3 ايام ويحصل فيها ما هو معروف ويجددوا البيعة على انهم عبيد ولاحظ الامر كم هو صعب فاختيارهم للادنى دون الاعلى تسبب في رجعوهم عبيد ! الان كثير منا لا يتعب نفسه في جد الاختيار ولا يعدها مسؤولية حتى واخشى ان نصل الى تلك المرحلة والعياذ بالله وباختصار لا بد من الاقتناع بان في نفوسنا امور لابد ان تتغير فان لم نصل الى تلك القناعة عند ذلك نهاية مجتمع وحضارة اسمها العراق
مصطفى
2013-09-23
اعتقد بأن ما يصيب العراق من بلاء و انعدام للأمن و هذه الامور الغير طبيعيه على كل المستويات هي لتمحيص الناس وغربلتهم حتى يحيى من حيا عن بينة و يظهر المؤمن الحقيقي و الكافر الحقيقي ليمحق الله الكافرين بعدها على يد الامام المهدي (عج)
الاستاذ الدكتور وليد سعيد البياتي
2013-09-22
اختي العزيزة الاستاذة المهندسة بغداد المحترمة مازلت اتابع نشاطك الفكري الرصين وكتاباتك التي تحمل الكثير من تعب الانسان وروحة المتعالية عن الظلم. فعلى الرغم من عدم تعليقي لفترة طويلة الا انني اتابع سيدتي. في تقديري ان ما نمر به الامة الان هو يحمل الجانبين لانه تمحيص لمن يستحق التمحيص لترتفع مرتبته، ويرتقي في عالم العرفان، وعذاب لمن يستحق العذاب بما ارتكب من آثام. فالامة تعيش الحالتين، فبعضها بهذا الشكل وبعضها بذاك. وافر تقديري أ.د. وليد سعيد البياتي
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك