بسم الله الرحمن الرحيم
مثلما يتعرض الفرد الى الابتلاءات والامتحانات فان الامة بمجموعها تتعرض للامر ذاته فاما ابتلاء وتمحيص ليميز الله الصابرين ويجزيهم خيرا هذا على صعيد الفرد وليرفع من قدر الامة لو كان الحديث عن امة واما ابتلاء العذاب والعقاب فهو المحق ولا وجود لفرصة ثانية يستغلها الفرد او الامة قال تعالى "وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ" ومن الاية يُستدل من انه التمحيص خاص بالمؤمنين والمحق خاص بالكافرين .
السؤال الان كيف نشخص الابتلاء الذي نحن فيه بين ان يكون تمحيصا ُ أم محقا ً ؟ ومن نحن ؟ العراقيون .
هل ما نلاقي من امتحانات وابتلاءات كشعب وامة هي مما كسبت ايدينا فنعده محقا ً من الله بعد رسمنا خطوطا ً بعيدة عن نهجه ام ان الله جل وعلى يمحصنا ليميز الخبيث من الطيب ؟ ام اننا نجمع الامرين فتمحيصنا كان في زمن صدام اللعين وتمحيقنا بما كسبت ايدينا يجري علينا الان أم العكس ؟.
هذا التسائل كثيرا ما دار في خاطري وخشيت ان يجري على لساني الا لمن يمكن ان يقدم لي جوابا ً شافي وربما يسائل سائل ان ما الجدوى من الوقوع على العلة ؟ واجد ان الامر مهم فان كان تمحيصا ً كان الصبر الجميل هو خيارنا اما ان كان محقا ً عند ذلك لابد من تفعيل الاية الكريمة " .. ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم " قبل ان يأتي اليوم الذي لايفيد ندم النادمين .
وجاء الجواب على لسان امير المؤمنين عليه السلام في خطبته المعروفة بالقاصعة وهي تتكلم عن ذم الكبر و التعصب ويسترسل فيها امير المؤمنين ع من ابليس وقصته مع ادم الى الانبياء والامم السابقة وصولا الى بني اسرائيل كمدخل الى اولاد اسماعيل وفي كل مقطع يبين ما للكبر من اثر في هدم الانفس والحضارات وسأستقطع القسم الذي استشف منه جواباً لسؤالي
قال امير المؤمني عليه السلام " ....................
وَتَدَبَّرُوا أَحْوَالَ الْمَاضِينَ مِنَ الْمُؤمِنِينَ قَبْلَكُمْ، كَيْفَ كَانُوا فِي حَالِ التَّمحِيصِ وَالْبَلاَءِ. أَلَمْ يَكُونُوا أَثْقَلَ الْخَلاَئِقِ أَعْبَاءً، وَأَجْهَدَ الْعِبَادِ بَلاَءً، وَأَضْيَقَ أَهْلِ الدُّنْيَا حَالاً.اتَّخَذَتْهُمُ الْفَراعِنَةُ عَبِيداً فَسَامُوهُم سُوءَ الْعَذَابِ، وَجَرَّعُوهُمُ الْمُرَارَ ، فَلَمْ تَبْرَحِ الْحَالُ بِهِمْ فِي ذُلِّ الْهَلَكَةِ وَقَهْرِ الْغَلَبَةِ، لاَ يَجِدُونَ حِيلَةً فِي امْتِنَاعٍ، وَلاَ سَبِيلاً إِلَى دِفَاعٍ، حَتَّى إِذَا رَأَى اللهُ جِدَّ الصَّبْرِ مِنْهُمْ عَلَى الْأَذَى فِي مَحَبَّتِهِ، وَ الْإِحْتِمالَ لِلْمَكْرُوهِ مِنْ خَوْفِهِ، جَعَلَ لَهُمْ مِنْ مَضَايِقِ الْبَلاَءِ فَرَجاً، فَأَبْدَلَهُمُ الْعِزَّ مَكَانَ الذُّلِّ، وَ الْأَمْنَ مَكَانَ الْخَوْفِ، فَصَارُوا مُلُوكاً حُكَّاماً، وأَئِمَّةً أَعْلاَماً، وَبَلَغَتِ الْكَرَامَةُ مِنَ اللهِ لَهُمْ مَا لَمْ تَذْهَبِ الْآمَالُ إِلَيْهِ بِهِمْ.فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانُوا حَيْثُ كَانَتِ الْأَمْلاَءُ مُجْتَمِعَةً، وَ الْأَهْوَاءُ مُؤْتَلِفَةً، وَالْقُلُوبُ مُعْتَدِلَةً، وَ الْأَيْدِي مُتَرَادِفَةً، وَالسُّيُوفُ مُتَنَاصِرَةً، وَالْبَصَائِرُ نَافِذَةً، وَالْعَزَائِمُ وَاحِدَةً، أَلَمْ يَكُونُوا أَرْبَاباً فِي أَقْطَارِ الْأَرَضِينَ، وَمُلُوكاً عَلَى رِقَابِ الْعَالَمِينَ! فَانْظُرُوا إِلَى مَا صَارُوا إِلَيْهِ فِي آخِرِ أُمُورِهِمْ، حِينَ وَقَعَتِ الْفُرْقَةُ، وَتَشَتَّتَتِ الْأُلْفَةُ، وَاخْتَلَفَتِ الْكَلِمَةُ وَ الْأَفْئِدَةُ، وَتَشَعَّبُوا مُخْتَلِفِينَ، وَتَفَرَّقُوا مُتَحَارِبِينَ، قَدْ خَلَعَ اللهُ عَنْهُمْ لِبَاسَ كَرَامَتِهِ، وَسَلَبَهُمْ غَضَارَةَ نِعْمَتِهِ , وَبَقّى قَصَصَ أَخْبَارِهِمْ فِيكُمْ عِبَراً لِلْمُعْتَبِرِينَ.
من قراءة هذا المقطع توصلت نتائج ان اجتمعت اعطتني جوابا ً لتسائلي ولكني ساحتفظ به حتى يطلعني من يشاركني سطوري القاصرة رأيه ويبين لي قرائته واستناجاته لهذه السطور النورانية لخطبة امير المؤمنين عليه السلام وكيف يمكن ان تطبق على حالنا نحن كأمة يردي امير المؤمنين منها الاعتبار لان التاريخ يعيد نفسه وااكد كأمة وليس بصيغة الفرد الواحد .
أنتظر بشوق سطوركم التي دائما ما مدتني بالكثير من رفع الهمة ونسال الله ان يحفظ كل من يجعل نهج البلاغة عنوانا ً لحلقات دراسية ويفيض للناس من هذاالبحر ويشير لنا الى الصرح الذي يزين مكتباتنا وبالكاد نقلب صفحاته ولولا همتهم ما اظننا نفعل !! فجزاهم الله خير الجزاء على هذا الجهاد .
في العراق اليوم اجد حفظ هذه الخطبة واجب على كل عراقي وخاصة من يشرف على اخذ مسؤولية بعاتقه حتى تكون له حصن حصين من كرات ابليس وجنوده عليه , اليس كذلك ايها المسؤول ؟ هل اعددت سيفا ً تخرق به رداء الكبر ام انك ستنازع الله في ردائه !
واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد واله الغر الميامين وسلم تسليما ً كثيراُ
بغداد
https://telegram.me/buratha