احمد عبد راضي
العراق بلد الفجائع ، لا شك ولا ريب ، بلد تمخض بالدماء واختلطت فيه صيحات الارامل بصيحات الانتحاريين ، كلاهما يكبّر ، مع اختلاف ماهية التكبير ، الله اكبر ، يعقبها دوي انفجار ، دماء واشلاء تتناثر وارواح تصعد الى بارئها ، تستغيث وتشتكي ولسان حالها يقول "بأي ذنب ...." ، الله اكبر تعقبها حصيلة اولية ثم حصيلة نهائية ولاشيء بعد ذلك .. بعض الاجساد اختفت ، تلاشت فلم تكن ضمن الحصيلتين ، البعض الاخر من الاجساد جمعوه في كيس بقالة ، لم يشاهده اطفاله ، ايتامه ، لم يودعوه الوداع الاخير ، جل ما شاهدوه هو كيس اسود لا يعلمون ما الذي بداخله ، الله اكبر ، وبعدها امتلأ المكان بدخان اسود بلون البغض ورائحة الحقد ، تلاشت اصوات الابرياء ، تناهت الى انين ، ثم الى صمت وسكون، كل من كان موجودا تغير حاله ،"فمنهم من قضى نحبه ومنهم من يحتضر وما بدلوا تبديلا" ، منهم من بترت ساقه ومنهم من بترت يده ، ومنهم من بترت روحه ، " تعددت الاسباب والبتر واحد " .الناس تعتقد ان الموت واحد وان تعددت اسبابه وتغير مكانه وزمانه ، انهم مخطئون ، فالموت في بلدي لا يشبهه أي موت ولا يضاهيه حرقة وألم ، لا شك ان عزرائيل عليه السلام سيموت حزنا عندما يرى اما عراقية تحتضن ولدها المتفحم على سرير الموت ، ستبيضّ عيناه من الحزن عندما يرى حقيبته المدرسية الجديدة وقميصه الابيض ولم يرتديه بعد ، سيبكيه حتما بدل الدموع دما .الله اكبر ، صيحة ارملة تركها زوجها الذي قتل على يد انتحاري كبّر وفجّر نفسه ، الله اكبر يعقبها فقر وجوع واهمال ، فقد ترك لها زوجها ستة اطفال ، زوجها الذي لم يجدوا له اثرا غير اشلاء جمعت في كيس بقالة ، لم يكن موظفا حكوميا ، كان يعمل بأجر يومي ، عندما قتل لم يجدوا في جيبه شيئا ، لانهم لم يعثروا له على جثة ، ترك لهم ذكريات مؤلمة ، وعلبة سجائر و بطاقة احوال مدنية ، وبعض الصور ، لم يكن يملك غير اجره اليومي وبعض الادوية وكثير من الحنان ، اطفاله اليوم يفتقدون كل شيء ، حنانه ووجوده ويتفقدون ادويته ويسلّون انفسهم بالصور . الله اكبر اخيره على من طغى وتجبر، من قتل وفجّر ، من افتى وكفّر ، وعلي الذين بايعوا وتايعوا ونصروا وعلى من سمع بذلك فرضي به .
https://telegram.me/buratha