المقالات

نزاع «الأفضل»


وليد غالب

يسألني بحرقة، عن الدم الذي يسيل في العراق، وعن القسوة التي فيه.. يقول: أليست أكثريتنا الساحقة مسلمة؟صديقي "مُحمّد" متدين معتدل، غادر العراق إلى الغرب منذ عشرين سنة، يُعيد عليّ هذا السؤال كل يوم تقريباً، عندما نلتقي ليلا في "فيس بوك"..يسأل ويقارن بين المسلمين في أوروبا وبين مسلمي العراق، وكيف أنهم في "بلاد الكفار" أكثر تسامحا وصدقا منا.يخبرني عن جاره البوذي، الذي يسكن في شقة أمامه، وكيف كلما رآه تذكر قول الإمام علي "أو نظير لك في الخلق" فالإنسان هو القيمة العليا فقط..أتذكرُ "محمدا" في التسعينات، كان مصدري الأول للكتب الدينية، وكان أيضاً من أكثر الناس سماحة، يكره كلّ شيء له علاقة بالتطرف، ويقرأ كل كتاب.. كنت أراه صوفيا باحثا عن الحقيقة.. الحقيقة التي كنت مؤمناً أنه سيجدها يوماً ما.أكثر ما كان يزعجه، هو المناظرات الطائفية، كان يعتقد أنها لم تكن سوى "استعراض عضلات" بين مذاهب تريد أن تنتصر بأي ثمن.. وأن الاقتتال على "الأفضل" لا قيمة له أبدا، فهو مضيعة للعُمر.لقد ضاع العمر يا "مُحمّد"...أقول له إن "بلاد الكفر" التي يسكنها لا يوجد فيها من "يسبيه" بالخطب الدينية المحرّضة، وأنه "خلصان" من دوخة الرأس هذه، فالخطيب الشيعي ما زال حتى الآن يسرد علينا تاريخا قديما، مليئا بالغدر والقتل، وأن الخليفة الفلاني عذّب أهل البيت، وكسر بابهم.. ومازال الخطيب السنّي أيضا، يحشو آذان جماعته بأن الشيعة يسبون الصحابة، بل انهم ليسوا مسلمين أصلا!خطب تجعلني أتساءل: وما دخلي أنا في صراع قديم؟أخبره أيضا، أن جمهور "الخطيبين" بالأغلب سيكون، مشحونا على الطرف الآخر، وأفكار "الانتقام" التي تُبثّ في الأدمغة، لا يمكن القضاء عليها، فالفكرة لا تُقتل، حتى وإن قُتل صاحبها.والقتل أو الانتقام هو النتيجة الحتمية لضغط "خطباء الدين"، الذين هم في العراق أكثر من الهم على القلب.مشكلتنا يا صديقي أيضاً أن "الخطباء" يمكنهم اقناع من قضى عمره وهو غير مطبّق لتعاليم الدين الأساسية، بأن الله سيرضى عنه لو فجّر نفسه على من يخالفه في المذهب، أو لو سار على قدميه لزيارة إمام، وكأن رضا الله مرتبط بهذين الطريقين، حتى وإن كنا نفعل أسوأ الأعمال.. والقليل منهم يتحدث عن زرع الأخلاق في المجتمع.هل تتذكر خطب الوائلي أو الشيخ محمد متولي الشعراوي؟نحن ما زالنا على "حطت إيدك" يا صديقي.. نتعارك بسبب نزاع "الأفضل".. ما زلنا كما تركتنا يا مُحمّد..هل أجبتك؟

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك