عباس المرياني
شهدت مدينة الصدر مدينة الفقراء والمكافحين والكادحين والأدباء والمفكرين والأطباء والمهندسين واللاعبين والإعلاميين والشعراء والمعدمين قبل يومين أسوء كارثة تكون قد حلت بها عندما قرر الإرهاب الانتقام منها وبطريقة وحشية تترفع عنها كل الأديان والعبادات وحتى الحيوانات لأنها إذا تمكنت عفت الا هؤلاء الأنجاس الذين لا هم لهم سوى قتل اكبر عدد من العراقيين راح ضحيته المئات بين شهيد وجريح إضافة الى الأضرار المادية والمعنوية.واستهداف المدينة المتعبة ليس استهدافا مجردا أبو بعيدا عن الحسابات السياسية والطائفية انما هو مخطط وضع بدقة رسمت له مساحات بعيدا قد تكون بغداد والمحافظات الأخرى ساحة وملعبا لهذا التخطيط وهذا الاستهداف وهو الغاية الأكبر التي يسعى لها الإرهاب والإرهابيين وهو الحرب الأهلية والمخطط لها ان تكون انطلاقتها من مدينة الأبطال مدينة الصدر المجاهدة لكل عناوين الظلم والإذلال والتعدي. وإذا ما أردنا قراءة امتدادات وتداعيات تفجيرات مدينة الصدر فإننا بكل الأحوال لا يمكننا ان نقرئها بمعزل عن تداعيات الأحداث الأمنية التي تشهدها الساحة العراقية بل ان هذه التفجيرات لا تذهب بعيدا عن القتل العشوائي وتهجير العوائل المتبادل في محافظات البصرة والناصرية والموصل وديالى وربما في الايام المقبلة سيمتد الامر الى محافظات اخرى،وهنا وفي مفصل التهجير تحديدا يجب ان نتوقف مليا لمراجعة الاحداث السابقة وخاصة ما جرى في عامي 2005 و2006 وحتى عام 2007 عندما تعرض ابناء الاكثرية الى التهجير والقتل على الهوية والتمثيل بهم في محافظات الموصل وديالى وكركوك والانبار والمناطق المتداخلة في بغداد واسط وبابل بينما لم يتم تهجير عائلة واحدة من انفسنا السنة في محافظات البصرة والناصرية وبغداد والمناطق الاخرى وفي وقت كانت الهجمة اشد واخطر وافتك اذا كيف يعقل ان يقوم ابناء الاكثرية بمثل هذه الافعال الغير اخلاقية والتي لا تنتمي الى المنظومة الفكرية والاخلاقية والعقائدية لاتباع الامام جعفر ابن محمد الصادق (عليهم السلام) في وقت لم تصل ذروة الاحداث الى ما وصلت اليه الاحداث في الاعوام السابقة عليه فان ابناء الاكثرية لن ولم يقوموا بمثل هذه الافعال ولو كانوا يريدون تهجير اهلنا واخوتنا السنة لفعلوها في الاعوام السابقة ولم يتاخروا الى الان الا ان مثل هذا الامر غير وارد لذا فان من يريد من ابناء مدينة الصدر حمل السلاح واعلان التمرد والدخول في حرب مع الطرف الاخر وهو يقوم بتفخيخ وتفجير سرادق العزاء هو نفسه من يقوم بتهجير العوائل في المحافظات المذكورة ولنفس السبب وهو الفوضى وجر البلاد والعباد الى حرب طائفية.ان من الامور الغريبة والعجيبة انه في ظل هذا الاستهداف المتكرر للأبرياء وللمناطق الشعبية التي تنتمي الى الأغلبية يختفي اثر الدولة ودورها ودور أجهزتها الأمنية لان مثل هذا الأمر من صميم الأجهزة الأمنية وليس من صميم العوائل وأصحاب مجالس العزاء وهذا الاختفاء ربما يكون تحصيل حاصل بسبب ضعف هذه الأجهزة واختراقها من قبل المجاميع الإرهابية وفسادها وعدم فاعليتها وفساد العقلية الامنية المتسلطة وفي هذا المعنى يتحتم على قادة الأجهزة الأمنية الاعتراف بالفشل والتقصير من اجل إحداث التغيير وتحميل المسؤولية الى إطراف أخرى الا ان مثل هذا الاعتراف بالتقصير امر غير وارد وكل ما يمكن ان تحصل عليه من الأجهزة الأمنية هو قطع الطرق والشوارع والتعامل الفض الغليظ مع المواطنين المغلوب على امرهم وترك الحبل على الغارب،ومثل هذه التصرفات تؤدي الى طريق واحد وهو استمرار مسلسل الاستهداف سواء بعلم او بدون علم الأجهزة الأمنية والنتيجة واحدة وربما سنكون محل تشكيك واتهام اذا ما قلنا ان قادة الاجهزة الامنية يحوكون على نفس منوال العصابات الإرهابية التكفيرية لان كل طرف يسعى الى هدف لا يمكن الوصول اليه الا من خلال الحرب الطائفية وقتل الابرياء.ان على الحكومة وأجهزتها الأمنية ان تفصل نفسها عن المجاميع الإرهابية وان توسع المسافة وان لا تعمل معها بخندق واحد لان الرؤية وفرز المواقف لم تعد واضحة وعندها فان ما يقال عن العصابات والمجاميع الإرهابية التكفيرية سيقال عن الحكومة وأجهزتها الأمنية والا فان الحكومة شريك اساس في كل ما يجري من استهداف للأبرياء خاصة في ظل مواقف وتصريحات مريبة من قبل الحكومة تحاول من خلالها قلب الطاولة وخلط الأوراق والالتفاف على الدستور واعلان حالة الطوارئ من اجل إعادة لملمة اوراقها والتهيء للانتخابات النيابية بروح اكثر وزمن اكبر خاصة في ظل تراجع حظوظ الحزب الحاكم سواء في انتخابات مجالس المحافظات او ما تبعها من تدهور على جميع المستويات.ان ما حدث في مدينة الصدر ربما سيتكرر في الايام المقبلة وبطريقة اقسى وامض في نفس المدينة او في المدن ذات الغالبية الشيعية العشائرية لان مثل هذا الاستهداف سيترك اكثر من اثر وسيطلق رسائل اخرى وسيعزز نظرية الحرب الطائفية لان تكرار الاستهداف ولمثل هذه الاماكن التي تعتبر من الرموز والمقدسات عند العشائر وهي مجالس العزاء سيولد ردات فعل ربما لا يمكن السيطرة عليها وهذا هو المطلوب الا ان مثل هذا الانفلات هل يحدث ..الامر متروك للايام وللحكومة ولاجهزتها الامنية.
ان مدينة الصدر مدينة مهيئة لان تقلب عاليها سافلها ومهيأة لان تسحب البساط من تحت الحكومة واجهزتها الامنية لانها دولة بمفردها في كل ما للدولة من معناً وبإمكانها ان ترد المعتدي وتدافع عن نفسها لكنها لازالت صابرة محتسبة ملتزمة بأوامر مرجعيتها وقادتها لكن استمرار مسلسل الاستهداف وبوحشية وغياب الرادع الحكومي والامني ربما سيجعل ابناء المدينة يدافعون عن انفسهم ويردون المعتدي دون التجاوز على الاخرين.
https://telegram.me/buratha