حافظ آل بشارة
المذابح العشوائية اليومية مستمرة في العراق ، المذابح تجري بنمط ثابت فتقابلها القوات الأمنية بردود فعل متشابهة متكررة ، الموت الجماعي يتكرر كل يوم فيتكرر معه الفشل الدفاعي كل يوم ايضا ، الارهابيون في موضع الهجوم والحكومة في موضع المدافع داخل بلدها وارضها ! الاساليب الفاشلة في مواجهة الأزمة الأمنية تستهلك اموالا وجهودا وارواحا ولا تعود الا بمزيد من التراجع ، كثير من الخبراء والمراقبين ومسؤولي البلد الكبار والصغار يعرفون حقيقة ما يجري ويعرفون اين الخلل وما هو البديل لكنهم يفضلون الصمت ، المعركة مع الارهاب تحتاج الى خطة والخطة تحتاج الى ترتيب اولويات ، ولا تحتاج معرفة الاولويات الى خبرة كبيرة ، فقد اصبح المواطن العراقي من كل الاوساط والمستويات يعرف ما هو المطلوب ، قبل كل شيء يجب عدم السماح للارهابيين بأن يتحولوا الى قوة عسكرية مقاتلة تتقاسم مع اهل البلد المستهدف الارض والموارد ، وهذا لا يتم الا بتطبيق ما يسمونه في الدعاية (تجفيف منابع الارهاب) وهو عنوان عام وعند التفصيل يكون الشيطان كامنا في التفاصيل ، أصبح معروفا ان أهم منابع الارهاب في العراق هي :1. دول في المنطقة تتولى تدريب وتمويل الارهاب في العراق ، ويعد ذلك اعلان حرب عليه ولكن العراق لا يقابل تلك الدول بأي اجراء رادع مع انه قادر على ذلك .2. الحدود المفتوحة التي يتدفق منها الارهابيون الى الداخل ، ولم يعد العراق قادرا على حماية حدوده وهو ما لم يحدث في اي بلد آخر .3. وجود وزراء ونواب ورؤساء احزاب يتولون بشكل علني دعم الارهاب بالمال والسلاح والتخطيط والتنفيذ والتغطية الاعلامية والتعبئة والتحريض ، وتتوفر ادلة واوامر قضائية برفع الحصانة عنهم لكنهم يستمرون في شغل مناصبهم في الدولة بدون اي حساب ، هم مسؤولون عن تلك الجرائم شرعا وقانونا ويشاركهم الجريمة من يعلم بهم ويلوذ بالصمت .4. وجود حواضن محلية شبه علنية للارهاب ، وقد احتلت العصابات المسلحة بعض المناطق في شمال العراق ووسطه وغربه ، واتخذوها اوكارا لهم واتخذوا اهلها اسرى . 5. تعد السجون احد منابع الارهاب وفيها يمارس المجرمون ادارة العمليات الارهابية من داخل السجن وتتوفر لديهم الاتصالات ، ويقومون بتنظيم الشبكات الارهابية داخل السجن ، ويتم تأجيل تنفيذ الاحكام بالمجرمين ثم يتم تهريبهم من السجن .هذه اولويات تقع ضمن صلاحيات الدولة العراقية وهي مقدور عليها ، ولا يمكن القضاء على الارهاب الا بتنفيذ هذه الاولويات ، اما اهمال تلك الاولويات فانه سوف يؤدي الى هيمنة المعسكر الارهابي على البلد تدريجيا . والسؤال الشائع هو : لماذا لا تعمل الدولة العراقية على اساس هذه الاولويات في مواجهة الارهاب ؟ والجواب الحقيقي هو ان العراق لا يستطيع العمل ببعض هذه الاولويات لانها حسب زعم المعنيين تؤدي الى الأسوأ ! وفي الحقيقة لا يوجد اسوأ من الوضع الحالي ، لكنه قد لا يكون الاسوأ لدى المستفيدين من هذه المأساة ، الحقيقة المسكوت عنها ان مصالح بعض القوى الدولية والاقليمية تتطلب ان يبقى العراق ساحة للابادة ، وما على مسؤولي هذا البلد الا الاستجابة لتلك الرغبات ، مصالح الدول الكبرى اهم من حياة الشعب العراق ، وهذا وجه واحد من وجوه الأزمة ولا يوجد اي مبرر آخر لحالة التهاون والفشل وتجاهل هذه الاولويات التي اصبحت على كل لسان .
https://telegram.me/buratha