نور الحربي
في الوقت الذي يعيش فيه العراق حالة من التقارب السياسي المشوب بعدم الثقة بين اطراف السلطة على اختلاف مشاربهم كان لابد من ان ينهض بعض من يدرك الحقيقة ويتعامل معها على اساس انها حقيقة لاتحتمل المجاملة ليضع الاطر الصحيحة في طريقة التعاطي مع المواطن الذي لاتهمه احيانا تفاصيل الاختلافات السياسية الناتجة عن تفكير غير متزن سببه سعي الزعامات والكتل لتحقيق المصالح الذاتية البعيدة عن ما يريده هذا المواطن والذي طالما كشف عن تمسكه بخيار الانتماء للوطن بما هو وطن للجميع يريد ان يراه ملاذا امنا له ولعائلته وجماعته التي يعيش في وسطها كما انه يحلم بان يتوفر الحد الادنى من الخدمات وسبل العيش الكريم دون فرض وتضييق بحكم انه عاش تجارب قاسية امتدت لعقود وجد نفسه فيها خارج حسابات الانظمة وربما لازال الحال كذلك عدا انه اشترك ولو بشكل اجمالي في اختيار السلطة وممثلين ينوبون عنه في اتخاذ القرار وربما هذا لايعد كافيا في ظل تنكر الطبقة السياسية له وابتعادها عن همومه وانشغالها بمصالحها على حساب الوطن عموما وعلى حساب المواطن الذي يصرح بانه مغبون وانه حقوقه تنتهك وتصادر من خلال قرارات تمييزية مرتبطة في اغلب الاحيان بمزاج المسؤول سين او السلطة صاد وهو ما يعيدنا الى الكشف عن سلوك سياسي بالاتجاه المضاد نشط على طول الخط وعمل على ان تسترد الحقوق المهدورة للعراقيين عبر ترشيد اداء المسؤول وتوجيهه بالشكل الذي يتناغم وينسجم مع مايريده الشعب وهو القوة الوحيدة التي فوضت هذا المسؤول ودفعت به لممارسة السلطة بوصفه ممثلا عنه , وقد يدرك الكثير من العراقيين ان ما يقوم به المجلس الاعلى الاسلامي ورئيسه السيد عمار الحكيم والذي طالما تحدث بلسان الحريص وتصرف بدافع الحفاظ على الحقوق والمكتسبات والمصلحة العامة تعامل بهذا الشكل وانحاز للمواطن في مجمل حركته لا تقوده المصلحة الخاصة سواء كانت مصلحة شخصية فردية او مصلحة فئوية تفرضها عليه طبيعة المشهد السياسي وخارطة التحالفات التي بنيت في اعمها على مبدا التغانم والمحاصصة والفوز بالنصيب الاوفر من مواقع الحكم والسلطة ليكون بذلك استثناءا يمكن معه القول انه ممانع وغير منساق وراء نمط سائد يطغى على اداء غيره من الشخصيات والقوى التي تسعى للقبض على مقاليد الحكم بشتى السبل والوسائل وهذا لايتعارض طبعا مع ان المجلس الاعلى يسعى للسلطة ويبحث عن تحقيق مكان له في العملية السياسية لان السلطة وسيلة لخدمة الناس والزهد فيها مقبول حين لاتكون معبرة وممثلة للناس ومصالحهم وربما الزهد فيها والابتعاد عنها امتثالا لامر اعلى على غرار ما قام به نائب رئيس الجمهورية المستقيل الدكتور عادل عبد المهدي يمثل رسالة مهمة تؤكد طاعة هذا التيار وقادته للمرجعية التي ارادت ان تقول وتؤكد ان ثقافة الاستقالة تحتاج رجالا لا تمنعهم المغريات من اداء دورهم في خدمة الامة وهم بالنتيجة يتحلون بالشجاعة لقبولهم بالتخلي عنها لان المرحلة تتطلب ذلك مسجلين موقفهم بكل ثقة مطلقين في الوقت عينه رسالة احتجاج على ما وصلت اليه الامور من فساد ومحسوبية مبرهنين على ان موقع الحكم ليس تشريفيا وان غاية الشرف هو حينما يقترن التنظير بالموقف والاداء العملي على الارض وتتحول الشعارات الى حقائق ملموسة وهذا مثال رائع ضربه المجلسيون في تعاطيهم مع جمهورهم وقواعدهم وابناء شعبهم وقبل ذلك مع مبادئهم وايمانهم بصوابية راي مرجعيتهم طبعا وكل ذلك في ظروف استثنائية ابعدوا فيها عن التاثير وحاول مناؤيهم تصوير المشهد على انه رد فعل غير محسوب لكنه كان في الحقيقة موقف شجاع يحسب لهم وضربة موجعة لكل من تاجر بالشعارات وبقيت اقواله مجرد كلمات باردة لاتمثل الحقيقة في شيء مع وجود عشرات المسؤولين الذين يرى المواطن انهم بحاجة الى الاقالة والابعاد عن المشهد كونهم غير جديرين بهذه المواقع التي تمس حياة الناس وقوتهم ومصيرهم , من هنا جاء تأكيد السيد الحكيم على اهمية ان يقف المسؤول على باب المواطن ليعرف منه ويسمع همومه ويتحسس ألامه ويستشعر معاناته وهو امر لابد من التعرف على فوائده والوقوف عند حيثياته ولو ان التراث الكبير للامم والشعوب اجاب بشكل دقيق وتفصيلي عن تساؤلات الكثيرين منا لكن لابأس بالتذكير بموقف وسلوك سياسي واجتماعي انتهجه السلف الصالح ممثلا بحكومة الامام امير المؤمنين علي ابن ابي طالب عليه السلام وكيف تعامل مع رعيته وولاته لان فيه العبرة والعظة وهو بالنتيجة القدوة والمثل الاعلى ومن يخرج عن هذا الاطار ولا يحمل هم امته وشعبه ولا يفكر كيف يطور ادائه للمستوى الذي يجعل منه ادائا مقبولا على اقل تقدير فاعتقد انه غير جدير بموقع خدمة المواطنين وهذا هاجس طالما عبر عنه الحكيم وهو يحاسب ويراقب ويتتبع ويحث المسؤوليين ممن فازوا بثقة العراقيين في مختلف محافظات البلاد ضمن قائمة كتلة المواطن واعتقد انه سلوك فريد لابد من ان يعيه المسؤول ليفهم حجم التحدي الذي يعيشه وليكون مستقبلا القدوة الحسنة لغيره واعتقد ان ما خلفه رجال ينتمون لهذا المشروع في محافظات النجف والناصرية والسماوة والديوانية وغيرها من ذكر حسن وسيرة طيبة وهم يتركون مواقعهم لاخرين جعل اولئك الاخرين تحت ضغط كبير واظهر تقصير بعضهم حين يقارنون باسماء وشخصيات كان همها العمل الجاد المخلص المثابر امثال عزيز العكيلي وعبد الحسين عبطان والخضري والشهيد الحساني رحمه الله وقد نالوا هذه المرتبة برايي لانهم كانوا يفهمون معنى القرب من الناس والاخلاص لهم والعمل على خدمتهم بوصفهم خداما لا اصحاب مناصب يمارسون فيها الامر والنهي فقط من هنا فنحن نبارك هذه الخطوة التي اقدم عليها السيد عمار الحكيم والمجلس الاعلى في تأكيد حالة المراقبة والحساب والحث على تقديم الافضل للمواطن وبيان حسنات ان يتحرك المسؤول في دائرة المواطن وليس خارجها ليضمن النجاح عبر الشعور بما يريده ويحتاجه لان المسؤول واقعيا هو خادم المواطن وممثله والمعبر عن طموحاته فشكرا نقولها للحكيم ولرفاقه بملىء الفم متمنين ان يلتفت غيرهم ويتخذوا خطوات شجاعة تعيد للعراقي ثقته المفقودة بسياسة الحكومة ومن يمثلونها لان الحال لايحتمل اكثر من هذا التقاعس عن خدمة جميع العراقيين لا الابتعاد عنهم كونهم مصدر السلطة وعماد بنيانها وحجر الزاوية في نجاح المشروع الوطني المؤمن بالسلم والتعايش ونيل الحقوق على اساس المواطنة لا غير ...
https://telegram.me/buratha