عباس المرياني
قبل أسبوع تقريبا وبناءا على دعوة من رئاسة الجمهورية وقع زعماء العراق على وثيقة أطلق عليها وثيقة الشرف والسلم الاجتماعي وحضر التوقيع عدد من الزعماء والمسؤولين وأناب قسم أخر من يمثله بينما غاب وامتنع البعض عن الحضور والتوقيع بحجة عدم جدوى هذه الوثيقة او قدرتها على وقف التداعيات التي تشهدها الساحة السياسية العراقية وعلى مختلف الأصعدة. وواضح ان الرؤية الجامعة للإطراف التي حضرت المؤتمر للتوقيع على وثيقة الشرف والسلم الاجتماعي والأطراف المعارضة للتوقيع على الوثيقة تتفق على ان المرحلة الحالية والمستقبلية مرحلة حساسة وخطرة لدرجة يمكن معها تهديد بناء الدولة والنسيج الاجتماعي والوطني للمجتمع العراقي الا ان مخرجات الحلول بالنسبة للطرفين"المؤيد والمعارض"ربما تلتقي وتتعارض في بعض النقاط والمواقع الا ان نقاط التعارض اكبر من نقاط الالتقاء وهذا يمثل مشكلة لا تقل خطورة عن مدخلات الأزمة وتصاعد وتيرتها.ان إطلاق وثيقة الشرف الوطني للسلم الاجتماعي من قبل نائب رئيس الجمهورية خضير الخزاعي لم تكن بمعزل عن المبادرات الجادة التي سبقتها من قبل بعض القادة والزعماء الوطنيين وتحديدا المبادرات ومواثيق الشرف التي دعا إليها زعيم المجلس الأعلى الإسلامي العراقي السيد عمار الحكيم والتي كان أخرها وثيقة الشرف التي تحرم سفك الدم العراقي والتي وقع عليها شيوخ العشائر وكذلك الاجتماع الرمزي للقادة والزعماء الذي انهى قطيعة طويلة بين رئيس مجلس الوزراء نوري المالكي ورئيس البرلمان العراقي أسامة النجيفي والذي ترك اكثر من رسالة ايجابية لدى الشارع العراقي وكذلك أعاد دورة الحياة للتعاون والتعامل بين السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية وكذلك ميثاق الشرف الذي دعا اليه زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر قبل فترة ليست بالقليلة.وبالمحصلة فان إطلاق المبادرات والدعوات من قبل جهات سياسية وحكومية للتوقيع عليها انما ينطلق من شعور عال بالمسؤولية وتشخيص حقيقي للوضع الهش القابل للتمزق سواء على الصعيد السياسي والامني او الاجتماعي والذي يكاد يعصف بكل استحقاقات المرحلة وتضحياتها وثمارها لكن السؤال الاهم في وثيقة الشرف الوطني للسلم الاجتماعي باعتبار ان اعلى سلطة حكومية دعت اليها يكمن في كيفية تحديد أولويات المرحلة واليات تطبيق هذه الأولويات وهل ان جميع البواب مهيأة لان تنفتح باتجاه تحقيق تطبيق ما يتم تشخيصه بما يضمن الامن الوطني والتعايش السلمي لابناء الشعب العراقي بعيدا عن التقاطعات والانتماءات الضيقة وحتى لا نذهب بعيدا في تفسير ما هو من الأولويات وما هو ليس منها علينا ان نتفق ان اهم الاولويات والضرورات في المرحلة الحالية الحرجة هي المرتكزات الأساسية والتي من اهمها حفظ هيبة الدولة وكيانها واستمراريتها وتجذير وتثبيت العملية السياسية الديمقراطية الفتية إضافة الى القضاء على الإرهاب والإرهابيين. ان التوقيع على ميثاق الشرف والسلم الاجتماعي انما يعني تطويق الأخطار الحقيقية التي يخلفها الإرهاب الطائفي العابر للحدود والمحمي من قبل اطراف سياسية معينة وتفعيل القضاء واستقلاليته والقضاء على الفساد المالي والاداري وكذلك تغيير المنهج والفكر في ادارة الدولة والقبول بحق الطرف الاخر في المشاركة وبحقيقة التغيير والايمان به والعمل على ترسيخه وتجذيره ونبذ كل انواع العنف ووقفه وتجريم لغة الوعيد والتهديد وفوق هذا العمل على جعل العراق قطبا اساسيا وليس محورا يدور في افلاك دول الجوار والدول الاقليمية والعالمية المتصارعة وتحصين الحدود وتفعيل الاتفاقات الامنية الثنائية والاقليمية مع اهمية وجود رؤية كاملة في بناء الدولة والتأسيس لحكومة قوية يتم بنائها ضمن أسس صحيحة تنتج دولة مدنية عادلة ينتمي اليها الجميع ويتساوى فيها الجميع في الحقوق والواجبات،وحتى نصل الى هذه الحكومة الموصلة الى الدولة المدنية العادلة لا بد من وجود برنامج حكومي حقيقي ورؤية واضحة لتنفيذ هذا البرنامج وفق طريقة علمية متكاملة تتوفر فيها الأدوات الفاعلة والإمكانات الداعمة إضافة إلى توفر الإرادة المخلصة القادرة على تجذير وتبني فعل الخير لجميع ابناء الشعب العراقي ودون تمايز.،وقد يكون تشخيص السيد الحكيم في كلمته خلال توقيع وثيقة الشرف هو الابلغ في تحديد الأولويات عندما قال اننا نحتاج الى قناعة راسخة بأننا نعيش معاً وسنبقى معا بأذن الله وليس ان نقضي وقتاً ونحرق مراحلاً لتهيأ الساحة لجولة اخرى من التدافع على مساحات القوة والسلطة والنفوذ. انا شخصيا لن اذهب بعيدا في أمنيات نجاح ميثاق الشرف والسلم الاجتماعي وتحقيق الاهداف التي عقد من اجلها ووقف التداعي والتدهور في المجال الامني وتمزق النسيج الاجتماعي لان القوم سيوفهم واحدة وقلوبهم شتى ولم يقتنعوا بعد من ان العراق هو المحور والقطب وان كل المشاكل والهموم يجب ان تتكسر على مساحاته وبين سهوله واهواره وجباله وانا ربما قد لا اضيف شيئا على ما قاله السيد عمار الحكيم في كلمته خلال التوقيع على وثيقة الشرف عندما قال" من انه ليس واثقا من ان الجميع مستعد كي يتوحد خلف رؤية واحدة متفق عليها لنعبر بسفينة هذا الوطن الى بر الامان ، ولكن الشيئ المؤكد هو ان الفشل سيكون وبالا على الجميع دون استثناء ،وسيحرق الجميع في الحاضر والمستقبل".
https://telegram.me/buratha