الحاج هادي العكيلي
كثيراً ما يستخدم العراقيون البخور في منازلهم بشكل دائم وفي بعض المناسبات الاجتماعية والدينية كالزواج والولادة والمأتم ، كما يستخدم بعض أنواعه في المساجد والحسينيات ، والقاسم المشترك بين جميع أنواع البخور هو الاستفادة منها في تطيب المكان أكان منزلاً أو مسجداً أو مكان عام بالرائحة الزكية التي تخرج من البخور بعد وضعه فوق جمر يوضع في وعاء صغير معد لهذا الغرض يطلق عليها المبخرة أو يكون على شكل أعواد يتم إشعالها بواسطة عود الثقاب لتعطي رائحة زكية تعطر بها المكان ولطرد الأرواح الشريرة .تلك أعواد البخور كانت تحملها الطفلة زهراء بائعة البخور البالغة من العمر 13 عام لتطوف بها شوارع بغداد من أجل أن تبيعها لتكسب لقمة العيش لها والى أخوتها الثلاث التي تعليهم لكونها يتيمة الأب والأم .لقد وجدت زهراء ضالتها في مأتم العزاء المقام في مدينة الصدر لتبيع بضاعتها التي لم تستطع في ذلك اليوم من البيع ولا قطعة من البخور ، وتنتظر توزيع وجبة العشاء لان بيتها يخلو من الطعام لتجلب لإخوتها من الطعام الذي يوزع على ثواب المتوفى ، ولكن لم تعرف إن الأرواح الشريرة باقية تحوم حول سرادق المأتم لتزرع عبوة ناسفة على الرغم من إشعال البخور يعطي رائحة زكية ويطرد الأرواح الشريرة من المكان ، فحدث التفجيرات الإجرامية التي استهدفت مجلس العزاء لتتحول رائحة المجلس إلى رائحة الدم والأرواح الشريرة تحصد المئات من أبناء مدينة الصدر وكانت زهراء من بينهم .لقد صعدت روح زهراء مع الأرواح التي استشهدت في مجلس العزاء إلى ربها ، فنعم الرب الرحيم بعباده ، فما كان من أولياء المستشهدين إلا أن نقلوا جثمان المستشهدين وبقية جثمان الطفلة زهراء لم يقم أحد بنقل جثمانها لتدفن بالقرب من أميرها علي بن أبي طالب عليه السلام والد أمامها الحسين بن علي عليه السلام التي كانت مواظبة على زيارته مشياً على الإقدام مرتدية العباءة والحجاب ، وتجيد بصوتها الشجي أحياء الذكرى لأنها يتيمة الأب والأم بقية بدون دفن ليذكرنا هذا الموقف بفاجعة كربلاء .كانت زهراء تجوب شوارع بغداد لتطلق بصوتها الشجي (( بخور ... بخور )) عسى أحد أن يرحمها ويشتري منها عود بخور بعد ان فقدت الرحمة من حكومتها التي ميزانيتها تقدر باكثر من 100 مليار دولار دون أن تضع ميزانية لأيتام العراق وترعاهم بقدر ما ترعى الفاسدين وتحميهم وتهربهم إلى الخارج لكي يعيشوا بأمن وأمان ورفاهية ، ومثل زهراء يتسكعون في الشوارع يبحثون عن لقمة العيش وعن مجالس العزاء عسى منهم أن يحصلوا على الطعام لسد جوعهم ، وكأنها ليست طفلة عراقية لها حقوقها التي اغتصبت من قبل زمر المفسدين الحراميه الذين نهبوا ثروة العراق وجعلوا زهراء وإخوتها أن يبحثوا عن لقمة العيش . لم تكن زهراء الطفلة الأخيرة في طريق الشهادة ، بل ستكون العشرات من أمثال زهراء على هذا الطريق ، بسبب عدم قدرة الحكومة على تأمين العيش الكريم لأبناء هذا الوطن وتوفير الآمن والأمان لأبنائه ، فان المسؤولية تقع على عاتق الحكومة بشكل الرئيسي على رعاية مثل هؤلاء الأطفال وتوفير العيش الكريم لهم وتهيئة فرص التعليم والتعلم لا على حساب الدعاية الانتخابية التي انطلقت هذه الأيام بتوزيع سندات تمليك للعوائل الفقيرة بعد أن حرموا من توفير سكن لهم خلال ثماني سنوات الماضية ليجعلوا منها دعاية انتخابية رخصيه . فقد عرف الشعب تلك الأمور لأنها مرة عليه سابقاً وكان يطلق عليها (( هدية الرئيس القائد )) . علينا أن نشعل عود بخور واحد في كل بيت وفي كل محل وفي أي مكان من العراق ، لتذكير بأرواح الشهداء الذين سقطوا في مدينة الصدر ومن ضمنهم الطفلة زهراء بائعة البخور لنعطي للعراق رائحة زكية بعيدة عن رائحة الدم ، ولنطرد الأرواح الشريرة التي تحوم حول العراق من تنظيمات الإرهابية وتنظيم القاعدة والزمر المفسدة والحراميه ليصبح العراق بلد المحبة والتعايش السلمي بين أطيافه بعيداً عن القتل والتشرد والإرهاب .
https://telegram.me/buratha