هادي ندا المالكي
رغم ان العراق ديمقراطيا من الشمال الى الجنوب الا ان ديمقراطية الشمال تختلف كليا عن ديمقراطية الوسط والجنوب والمنطقة الغربية التي تأخرت ديمقراطيتها نوعا ما في انتخابات مجالس المحافظات الأخيرة لأسباب تعود في كثير من دوافعها الى الاستقرار الأمني والانتعاش الاقتصادي الذي يتعزز في الشمال ويتراجع في الجنوب.هذه الديمقراطية الفتية برمتها كشفت ان انتخابات إقليم كردستان النيابية التي اختتمت قبل أسبوع تقريبا وأعلنت نتائجها الأولية بتقدم الحزب الحاكم عن جملة من المؤشرات الايجابية والتي تستحق الدراسة من بغداد خاصة فيما يتعلق بنسبة المشاركة والانسيابية وحرية التعبير وتوفير المناخات الملائمة البعيدة عن التأثير المباشر وغير المباشر و قلة الخروقات وحتى التزوير.وقبل التحدث عن مزايا انتخابات إقليم كردستان الايجابية علينا ان نعترف أولا ان اي انتخابات في الكون وفي أرقى الديمقراطيات تحدث فيها خروقات وأخطاء ولكن بنسب ليست ذات أهمية او تأثير كما هو الحال في انتخابات الديمقراطيات الناشئة حيث تكون الأخطاء كارثية وتحدث انقلابا في نتائج الفرقاء المشاركين في الممارسة الديمقراطية وعادة ما تكون الخروقات من جانب الأطراف التي تسيطر على السلطة والمال.وللامانة فان انتخابات اربيل سجلت نقاط وعلامات فارقة في طريق تجذير العملية الديمقراطية والمحافظة عليها عندما سجلت معدلات عالية في نسبة المشاركة تجاوزت في اجمالي المحافظات الكردستانية الثلاث أكثر من 73% وهي نسبة عالية تعادل ضعفين ونصف عما سجلته بغداد في انتخابات مجالس المحافظات التي جرت مطلع العام الحالي عندما بلغت نسبة المشاركة 30% في أعلى مستوى لها في جانب الكرخ المعبأ بالتحدي الطائفي والسياسي،ولم تكن نسبة المشاركة هي العلامة الفارقة الوحيدة التي حظيت بالتأييد الدولي في انتخابات الشمال إنما دخلت على خط التميز انسيابية العملية الديمقراطية وسلاستها وابتعادها عن الاحتقان والشد والتهديد والسعي إلى التزوير إضافة إلى توفير المناخات الملائمة للاقتراع من قبل الحكومة والمفوضية والقوات الأمنية.وواضح إن ارتفاع نسبة المشاركة في انتخابات الإقليم لم تكن بسبب الدعاية الانتخابية او نوعية الأشخاص المرشحين إنما بسبب قدرة الإقليم على توفير احتياجات المواطن الأساسية والتي تتركز في الجوانب الأمنية والاقتصادية والخدمية وهذه العوامل لم تنجح الحكومة المركزية في بغداد من توفيرها لهذا فان أبناء اربيل خرجوا للتعبير عن تمسكهم بما وفرته لهم حكومة الإقليم بينما امتنع أبناء بغداد عن المشاركة في الانتخابات المحلية بسبب عجز الحكومة المركزية عن توفير الاحتياجات الأساسية وخاصة الأمنية والخدمية والاقتصادية.إن امتناع أبناء بغداد عن المشاركة في الانتخابات ليس هو الحل الأفضل للتعبير عن سخطهم لسوء أداء الحكومة المركزية والحكومات المحلية لان عدم المشاركة تمثل مكافئة للفاشلين أما المشاركة الواسعة فتعني الرغبة في التغيير والتخلص من الفاشلين والتمسك بالخيار الديمقراطي والمجيء بالأكفأ والعناصر الجيدة القادرة على إحداث التغيير وتعني ايضا التمسك بما تحقق من نجاح واستقرار وتقدم. الشيء الأهم في العملية الانتخابية هو إن نسبة المشاركة تعني إن جمهور الناخبين يرى في الممارسة الديمقراطية الاختيار الوحيد للتغيير وهذا المعنى تمسك به جمهور اربيل بينما تخلى عنه جمهور العاصمة بغداد.
https://telegram.me/buratha