بقلم هيثم الحسني
قد يبدو للناظر سطحيا ان اثنين من مبادى الديمقراطية الاساسية للنظام الحكم في العراق هي "المركزية واللامركزية " وكأنهما متناقضان ، لكن في الواقع انهما عمادان متلازمان يرفعان نظام الحكم الديمقراطي في العراق، ولا يقف البناء الديمقراطية في العراق الا عليهما معا . وذلك ذكر الدستور العراقي مبدا الفدرالية ومبدا اللامركزية الادارية ،و تم تنظيم هذه المبادئ بقوانين هما قانون ( تشكيل الاقاليم و قانون المحافظات الغير مرتبطة بإقليم ) من اجل اشراك الجميع في ادارة البلاد والعباد . وبالفعل تم اجراء الانتخابات لمجالس المحافظات و لدورتين مع تأجيل انتخابات مجالس الاقضية و النواحي لأسباب فنية هكذا يدعون . وانا لا اريد الخوض في نجاح او فشل عمل مجالس المحافظة واثارهم على الموازنة العامة وغيرها . ولكن عند قراءة قانون رقم 21 لسنة 2008 المعدل سنة 2013 الخاص بالمحافظات الغير مرتبطة بإقليم تجد ان هذا القانون قد اعطى صلاحيات كبيرة للمجالس في ادارة شؤونها ، حسب ظروف كل محافظة ، ولها الحق في تشريع القوانين واصدار القرارات والتعليمات بما ينسجم مع الدستور والقوانين العامة، لا بل ان التعديل الاخير للقانون قد منح الكثير من الصلاحيات الوزرات المركزية الى مجالس المحافظات . هنا قد يثار سؤال ما هو قدر تحمل كل من الحكومة المركزية والمحلية مسؤوليتها امام المواطن العراقي, هل حكومة المركز هي تتحمل كل شيء ام ماذا؟ اليس من واجب الحكومة المركزية والمحلية ان توضح قدر مسؤوليتها وادوار كل واحده منهما امام المواطن وان تفصح الحكومات المحلية امام مواطنيها عن المشاريع والخطط التي سينم تنفيذها ضمن عمر هذه الحكومات ،اليس من حق المواطن معرفة ما له في ذمة الحكومة المحلية و ما له في ذمة الحكومة المركزية. في سيبل ان يفهم المواطن كيف يحاسب ، على من يتظاهر . يخرج مواطن بسيط على شاشة التلفزيون هو يحمل الحكومة المركزية مسؤولية كل ما يقع عليه من حيف او ظلم او تقصير ويقول انها تتعامل بازدواجية مع المواطنين ، قد لا تكون الحكومة المركزية هي المسؤولة عن مشاكل هذا المواطن . وقد تكون الحكومة المحلية هي المسؤولة عن جميع مشاكل هذا المواطن الكريم ، وقد يكونان هم السبب معا ،فهما اخطئوا و تجاهلوا و غفلوا عن معالجة اثار النظام السابق الموروثات الاجتماعية في سلوكيات الفرد العراقي في كيفه ادركه او فهمه " للنظام الحكم " ، فانه يعتقد و يقهم ان الامور لا تدار الا من بغداد " المركز ". ، ولهذا اصبح المواطن في حيره من امره ولا يعلم من هو المسؤول عن مشاكله المركز ام المحافظة ، نعم نحن بحاجة الى امرين 1- ان يفهم المواطن " المهام والمسؤوليات والواجبات لكل من الحكومتين " من خلال عقد اللقاءات والمؤتمرات الصحفية المشتركة بينهما امام المواطنين في المحافظة ، ويكون ذلك بخروج الوزير المختص او المسؤول عن الملف ضمن الحكومة المركزية مع المحافظ او المسؤول عن الملف ضمن الحكومة المحلية لتحديد المهام والمسؤوليات كل منهما في الملفات التخصصية بمعنى (الملف الصحي في المحافظة ، يقول الوزير الوزارة المركزية غير مسؤولة عن تنفيذ المشاريع الصحية لهذا العام في المحافظة ، يقول المحافظ ان مسؤوليات الحكومة المحلية ضمن الملف الصحي بناء وتجهيز 2 مستشفى بسعة 400 سرير لهذا العام وبفترة انجاز 6 اشهر ) فعند التقصير او التأخير او الفساد في التنفيذ تكون الحكومة المحلية هي المسؤولة امام المواطن .وهكذا الملف الامني و الملف التربوي ، والملف الاجتماعي ، ووووو . 2- تثقيف المواطنين على قانون رقم 12 الخاص بالمحافظات الغير منتظمة بإقليم من خلال تخصيص الاموال ضمن الموازنة العامة وضع البرامج واشراك منظمات المجتمع المدني والجهات المختصة وتكثيف البرامج التثقيفية الاعلامية حول اهمية هذا القانون في حياة الموطن ، و كذلك ان تنفيذ الفقرة الاولى سيساعد على تثقيف المجتمع وتعريفة بحقوقه بأسرع وقت . ان من واجبات الدستوري والقانوني والاخلاقي للحكومتين حماية وصيانة الفكر المواطن العراقي من غزو المتخلفين و المنحلين والمرتشين ، وعدم تركه سوق دائم لعرض افكارهم ومعتقداتهم ، فهم يعرضون دائماً أسوأ ما فيهم، يعرضونه على انه أسمى رسالة إنسانية ووطنية واخلاقية، يعرضونه على أنه تضحية في سبيل الإنسان تفوق جميع التضحيات ،، يردون قيادة المجتمع بالإكراه وتغيب الدستور وسلبه إرادته في التعبير الحر والنزيه . ومن واجب الحكومتين السعي المتواصل من اجل كسب ثقة المواطن وتفعيل دور الدستور الذي يدعوا الى تحديث المجتمع وتنميته ومنحه الفرصة ليعبر عن إرادته الحرة والنزيهة و ان يكون التواصل السياسي الواعي والعقلاني أو الإقناع الحر هي ثقافة المجتمع العراقي الجديد.
https://telegram.me/buratha