المقالات

جهود المرجعية الدينية و وظيفة الناس

842 00:41:00 2013-10-02

عبد الناصر السهلاني

بسم الله الرحمن الرحيم

هذا الموضوع اعرضه بخدمة الاخوة والاخوات الكرام الهدف منه ازالة بعض الالتباسات التي تحدث في اذهان البعض من الناس وافترض بهم حسن النية كما اني اعلم ذلك من بعظهم يقينا، عسى ان يساهم في رفع شيئا من هذه الالتباسات والله الموفق وأسأل الجميع الدعاء .

جهود المرجعية الدينية ووظيفة الناس__________________________

الحمد لله رب العالمين وصلى الله على رسوله الكريم وعلى آله الطاهرين وبعد ..

ان من مهام علماء الدين هو حفظ الشريعة والدين الاسلامي من الاندراس وما يعبر عنه بـ (الدفاع عن بيضة الاسلام) بل هي وظيفتهم الرئيسية وذلك بالترويج له والدفاع عنه ورد الشبهات التي تواجهه، وعندما نقول (دين اسلامي) يعني منظومة متكاملة للسير بالانسان الى الحقيقة والسعادة الابدية .اذن فمهمة العلماء مهمة انسانية جليلة فيها كل معاني النبل، واذا اردنا ان نستعرض الامثلة على ما بذله علماؤنا ومراجعنا الكرام (من الهجرة والغربة وضنك العيش وقلة ذات اليد والمخاطر التي تعرضوا لها في هذا السبيل حتى وصل الامر في بعض الاحيان الى استشهادهم) لاحتجنا الى مجلدات .ولهذا فان العلماء بذلوا ومازالوا يبذلون كل ما باستطاعتهم من اجل هداية الناس وارشادهم الى دينهم وتعريفهم به ورفع الجهل والحيرة عنهم، وقد اختلفت ادوارهم وطرقهم في تحصيل هذا الهدف بحسب الازمنة والامكنة التي مروا بها والظروف التي حكمت تحركاتهم وعملهم . وما يهمنا الآن ان نرى في عصرنا الحاضر ما هي الطرق التي اتبعتها المرجعية الدينية في سبيل هداية الناس ورفع الجهل عنهم، لكي يتضح للبعض ما خفي عنه حتى يكون لديه علم قبل اي علامة استفهام يسجلها على عمل المرجعية الدينية. ان عمل المرجعية الدينية يمكن ان نرى فيه جانبين وهما العمل الفردي والعمل الجماعي :

الجانب الاول :__________وهو العمل الفردي الذي يتم من خلال الوكلاء والمعتمدين المنتشرين في كل المناطق وهذا العمل يكون على قسمين رئيسيين هما :

1- ان كل واحد من هؤلاء المعتمدين والوكلاء في مختلف المناطق لديه مجموعة من العوائل الفقيرة التي يوصل اليها رواتب شهرية، اضافة الى مساعدات عاجلة لتغطية اجور المرضى واجراء العمليات الجراحية وغيرها من الامور الانسانية وبالتالي فان هناك سد لفراغ بقدر ما .

2- ان هؤلاء المعتمدين والوكلاء اكثرهم ان لم يكن كلهم هم ائمة مساجد، وبالتاكيد هناك مجموعة من الناس عند كل معتمد يسمعون له ويستفيدون من توجيهاته ويسئلونه عندما يحتاجون للجواب على مسالة تواجههم او تكون في معرض ابتلائهم، وهذا العمل سد لفراغ آخر مهم في المجتمع .فاذا تصورنا ان هذين الامرين اعلاه غير متوفرين ترى ماذا سيكون حال المجتمع فانه ان كان سيئا فانه سيزيد سوءا مع انعدام هذين المجهودين .اذن فهناك دور كبير تؤديه المرجعية في المجتمع وفق امكاناتها وقدراتها المسموحة، ولكن هذا الدور غير منظور مع الاسف الشديد عند المنتقدين لان الانصاف عند اكثرهم مفقود او انه يصيبه العطل عندما يبدا بالتحدث عن المرجية الدينية !! هذا من جانب عمل المعتمدين والوكلاء الرئيسي والا هناك اعمال اجتماعيه اخرى كفض الخصومات والسعي في تشجيع اعمال الخير المفيده للناس وماشابه ذلك.

الجانب الثاني_________وهو العمل الجماعي المتمثل بالعمل المؤسساتي المرتبط بالمرجعية الدينية الذي يقوم ببث الثقافة الاسلامية في المجتمع بمختلف الاساليب التي منها :

1- طباعة الكتب والمجلات والنشرات بصورة مستمرة وتوفيرها بصورة مجانية وذلك باهدائها الى المكتبات العامة او مكتبات المساجد او مكتبات العتبات المقدسة او حتى الى الافراد وخصوصا في ايام المواسم العبادية كشهري رمضان ومحرم وغيرها.

2- افتتاح كم هائل من المواقع الالكترونية على شبكة الانترنت التي تحتوي على مختلف المعارف الاسلامية، والاجابة على مختلف الاسئلة الدينية التي يرغب الناس بتوجيهها وفي مختلف الاختصاصات.

3- دعم التجمعات والمؤتمرات ومجالس الوعظ وبعض المحطات الفضائية التي تقوم بدور كبير في توجيه الناس ورد الشبهات المثارة من قبل خصوم الدين .ثم ان هناك مؤسسات خيرية كالمستشفيات مثلا التي قام ويقوم المراجع الكرام بانشائها لمساعدة الفقراء بحسب الامكانيات المتاحة.

فبعد كل هذه الجهود التي استعرضناها في الجانبين الفردي والجماعي هل يمكن ان نتصور وجود جاهل قاصر بين الناس لا يمكنه ان يتعلم او يحصل معلوماته الدينية بيسر وسهولة ؟ فالانسان اليوم وهو في بيته يستطيع ان يطلع على مختلف المعارف الدينية من خلال التلفزيون والانترنت وحتى جهاز الموبايل الذي صممت له برامج فيها كل ما يريده المسلم من معرفة دينيه، ثم ان هناك معتمد من قبل المرجعية في منطقته وهناك مسجد وهناك كتاب يستطيع من خلاله معرفة ما يحتاجه من مسائل دينه. فبعد كل هذا هل تبقى حجة لجاهل؟

ومن المستغرب والمؤلم في نفس الوقت ان هناك طبقة من الناس تدعي الثقافة والحضارة والتطور وهي لا تريد ان تعلم شيئا عن دينها عن عمد وتقصير وتحمل تقصيرها الى العلماء والمؤسسة الدينية، وترميها بعدم الاهتمام بالمجتمع مع كل جهودها المبذولة فاذا لم يكن مثل هؤلاء جهلاء مقصرون فمن هو اذن الجاهل المقصر ؟!!!! فهذا البعض لا يريد ان يخطو خطوة واحدة اتجاه الدين والعلماء، فهل نجرهم بالحبال ام ماذا ؟

ثم ان هناك امرا عجيبا وهو ان كل حالة سلبية تحدث في المجتمع يراد من المؤسسة الدينية التصدي لها وحدها وتغييرها بعصا سحرية مع ان السلبيات في اي مجتمع يكون التصدي لها مسؤولية الجميع كل بحسبه، ولكن اهم شيء مشاركة الجميع وان لا يقف احد موقف المتفرج البريء من كل شيء، ((فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته)) هذا حديث شريف حفظناه من الدراسة الابتدائية فلماذا لا يلتفت اليه اصحاب العقول المثقفة النيرة المتحضرة ...الخ وهو من ارقى ما جادت به البشرية على لسان خاتم الانبياء (صلى الله عليه وآله)، فالمؤسسة الدينية لا تمتلك جيشا عسكريا لكي تقضي على السلبيات بالقوة، لا تملك الا ان ترشد الناس الى الصواب سواء كانوا حكاما او محكومين فهذه هي قدرتها بل وواجبها التي كلفت به من قبل الشرع المقدس.

اذن فالناس مكلفون بالتعلم والسعي لمعرفة احكام دينهم، وما ايسره في هذا العصر، عصر التكنولوجيا وجعل العالم عبارة عن قرية صغيرة، فلا يوجد عذر لجاهل مع توفر كل هذه التسهيلات وهي من نعم الله الكبيرة - المنسية لدى البعض- مقارنة مع العصور السابقة التي كان الناس يعانون فيها معاناة كبيرة في تحصيل احكام دينهم .وهناك امر آخر وهو التسرع بالاحكام الجائرة على المرجعية الدينية بدون فحص او تحري او تفكير عن سبب اتخاذ المرجعية القرار (أ) مثلا او القرار (ب)، وهنا لا نريد ان نقول بان المرجعية الدينية تتمتع بالعصمة وانه لا يحق لاحد الاستفهام عن اعمال وقرارات هذه المؤسسة ولكن ينبغي ان يكون النقد موضوعيا، فيه انصاف ويجب ان يكون عن اطلاع وفحص وبعيد عن التسرع لان المؤسسة الدينية تأخذ حيزا في مشاعر الناس وتحظى باحترام كبير ويعتبرونها قيادة روحية لهم فتضعيف هذه المؤسسة في نظر الناس من خلال التسرع في الاحكام عليها ونقدها المستمر بغير دليل فهو عمل غير انساني قبل ان يكون غير شرعي لان الله جل وعلا لا يرضى بالظلم كما هو معلوم، فللمرجعية تقديرها الخاص للموقف المناسب والوقت المناسب، وهناك من يستشيره المرجع من ذوي الاختصاصات، فمواقف المرجعية مواقف مدروسة وليست ارتجالية، ترى فيها الصالح العام بما يمليه عليها تكليفها الشرعي وليس بالضرورة ان يوافق جميع امزجة الناس لان هذا من الامور المستحيلة. فالمصلحة العامة فوق المصالح الشخصية او الفئوية.

وهناك مثال لعدم معرفة بعض الناس بالصالح العام الا بعد حين، هذا المثال استفدته من احد اساتذتنا (حفظه الله) حيث ذكر قضية الامام الصادق (عليه السلام) والفرصة المؤاتية التي جاءت له لاستلام الحكم، فمن المعلوم ان اتباع اهل البيت (عليهم السلام) قد لاقوا الأمرين بعد استشهاد الامام الحسين (عليه السلام) من القتل والتنكيل والترهيب، واذا بالفرصة تحين لرفع الحيف والظلم عنهم واسترجاع حقوقهم المسلوبة باستلام الحكم، وذلك في عصر انهيار الدولة الاموية وبداية الدولة العباسية حيث شهدت هذه الفترة هرجا ومرجا وانفلاتا وكان باستطاعة الامام (عليه السلام) ان يسيطر على الحكم خصوصا مع عرض الامر عليه من قبل قائد عسكري لديه جيوش مثل (ابو مسلم الخراساني)، وبهذا تنتهي مآسي اهل البيت (عليهم السلام) واتباعهم، ولكن المفاجيء ان الامام الصادق (عليه السلام) توجه الى المنبر وبدء ببث علوم الشريعة والاحاديث الشريفة وتعليم الناس دينهم، هذا المشروع الذي بدأه والده الامام الباقر (عليه السلام) ولكن تبلور وقوي في عهد الامام الصادق (عليه السلام)، لذا فان اكثر الاحاديث الواردة عند الشيعة هي من طريق الامامين الباقر والصادق (عليهما السلام) .فلو عاش الامام الصادق (عليه السلام) في عصرنا هذا وقام بهذا العمل ماذا كنا سنقول عليه ؟!! وكم منا سيعذره ؟ ولكن قد علمنا نحن في هذا العصر ان لولا تصدي الامامين الباقر والصادق (عليهما السلام) لبث احاديث النبي وآله (صلوات الله عليهم) وعلوم الشريعة ومعارف القرآن لما وصل الينا شيئا من احكام الدين ولاصبح حالنا كله استحسانات وتخبطات ربما يبعدنا عن الاحكام الواقعية بمسافة كبيرة وربما تخالفها ب 180 درجة .فبعض ما يقوم به علماؤنا الاجلاء في هذا العصر ربما فيه مصالح غير بادية لنا الآن فلا نتسرع بالاحكام ونكون غير منصفين هذا اذا لم نعرف هدف المرجع من بعض قراراته، ولكن بحمد الله ان الامور واضحة لدى كل منصف .

هذا ولم نتعرض للجهود الكبيره التي بذلتها المرجعية الدينية في الجانب السياسي خصوصا في العراق والتي لولا تدخلها في بعض الامور الخطيرة لكان الوضع غير الوضع ولربما ما استطعنا ان نجلس ونتحدث مع الاحبه في هذا المنفذ الثقافي الاجتماعي ، هذه المرجعية الحكيمة تلمس حكمتها وانحنى لها كبار الرموز في العالم ولكن الاقربون لم يشعروا بها مع الاسف الشديد .

(وظلم ذوي القربي أشدّ مضاضة ** على المرء من وقع الحسام المهندِ)

والحمد لله اولا وآخرا وصلى الله على نبينا وآله ابدا.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
كريم البغدادي
2013-10-02
كثير ماسمع من الذين التقي بهم عندما يحتدم النقاش عن الامور السياسيه والوضع العام في البلد اجد في بعضهم مثل قصة تنابلة هارون الرشيد يريد كل شيء ان تحققه له المرجعيه الرشيده في اصدار فتاوي على مزاجه بتغير هذا الحاكم والوزير الفلاني القائد العسكري العلاني وهو في حالة سكون واسترخاء وماعليه فقط ان يتثاوب لانه لايعرف كيف يغير الواقع ومن المفروض يخرج للشارع للمسؤول لسماع صوته والمطالبه بحقه واخضاع الفاسد للحق وتغيير هذا الحاكم اوذاك بالتحرك بمايستطيع من قوه
عمر
2013-10-02
اللهم احفظ المرجعية صمام امان العراق
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك