لا شك أن أداء مؤسسات الدولة بمجملها ضعيف ومتخبط، وهذا ليس وفقا لتصورات المتضررين من هذا الضعف والتخبط، وأعني بهم أبناء الشعب؛ بل بشهادات عناصر من داخل تلك المؤسسات؛ ووفقا لتقارير أجهزة تابعة للدولة، معنية بتقييم أداء مؤسسات الدولة ومتابعته، كهيئات النزاهة والرقابة المالية..
ويبدو أن جزءا مهما من أسباب خروج هذه التقييمات الرسمية الى العلن، يكمن في محاولة الدولة أن تتمظهر بمظاهر الشفافية وعدم حجب المعلومات، وذلك لإمتصاص الغضب الشعبي وتحييده ولذر الرماد في العيون، وهي سياسة قديمة سلكها معظم من تعلموا درس الأمير لميكافلي..!
ومثلما تعرفون؛ فإنه وفي قضية الإحتجاجات التي تعالت أصواتها في العام الماضي، بالضد من رغبة الحكومة بالتخلي عن ملف البطاقة التموينية، وتحويله الى مبالغ بأقيام بسيطة تدفع الى المواطن الفقير فقط، من دون توصيف منمط لمن هو الفقير؛ فإن الحكومة أعلنت تراجعها فوراعن هذا المقترح، تحت ضغط الإحتجاجات الشعبية، وزايد عليها مجلس النواب فرفض الفكرة من أساسها؛ لكنها بالحقيقة مضت في مخططها الى نهاية المطاف؛ وتوقفت عمليا عن تجهيز المواطنين بالمواد التموينية المدعومة أو كادت أن تتوقف، بالرغم من أن ميزانية العام الحالي، قد حوت على قيمة تلك المواد، وبالرغم من أن وزارة التجارة إستلمت تلك المبالغ..!
ونفس الأمر ينعكس على موضوع الإحتجاجات المطالبة بإيقاف صرف الرواتب ذات الأرقام التسعة، أي بعشرات الملايين من الدنانير للبرلمانيين وأشباههم، فإن الحكومة سارعت الى إعلان مساندتها لتلك المطالب، وقالت أنها أعدت مشروع قانون بهذا الصدد أرسلته الى مجلس النوايب، ثم ما لبثت أن أرسلت مشروع قانون التقاعد الموحد الى مجلس النوايب، وفي فقرات هذا المشروع الذي سيقر رغم أنوفنا، مايكرس إمتيازت النواب والطبقة العليا من مسؤولي الدولة، بل ويضاعفها مرتين عبر إحتساب سنوات خدمتهم مضاعفة، وبسلم رواتب خاص بهم..
الحقيقة تشي بأننا نعاني من مشكلة تغول الطبقة السياسية على الشعب، وسيتواصل تغولها، ما دامت هذه الترويكا، تواصل نفس الخيارات السياسية والاقتصادية والإدارية التي تصب في مصلحتها، قبل أن تصب في مصلحة الشعب..
كلام قبل السلام:
الترويكا الحاكمة، ولا أقصد الحكومة، بل الدولة كلها بعناصرها الثلاثة المعروفة، القضاء, النواب والحكومة ومؤسسة الرئاسة العقيمة، و"للأسف" لا يجمع بينها فكر أو برنامج، بل ما جمع بينها هو اقتسام كعكة السلطة لا غير، والدليل ما يجري اليوم من أزمات متتالية في العديد من القضايا، ووفي مقدمتها قانون الإنتخابات، لأنهم لم يتفقوا بعد على إقتسام الكعكة..!
سلام..
https://telegram.me/buratha