المقالات

الخدمة والسلطة


عبدالله الجيزاني

عقود من الزمن عاشها الشعب العراقي تحت نير الظلم والديكتاتورية، عانى خلالها من التهميش والتجهيل وسواهما، وفي عين الوقت لم يهن ولم يستكين أمام سلطة البعث الغاشمة، فقد سطر ملاحم وأمجاد في مواجهة الطغيان والهمجية، وقد برز هذا بوضوح لدى الأغلبية والكورد، وبعد التغيير ودخول القوات المحتلة الأراضي العراقية، تقبل الكثير من أبناء الشعب الأمر على مضض ، رغم العلم المسبق أن تلك القوات جاءت محتلة وليس فاتحه، لكن وعلى طريقة ( شجابرك على المر..).توقع الشعب أن يلتقط أنفاسه ولو لفترة مؤقتة، لحين المواجهة الآتية التي لا ريب فيها، وتم أطلاق العملية السياسية في العراق، وكانت بدايتها تحقق الأقل من طموحات الشعب، ناهيك عن وجود بصيص أمل بتطويرها لتستوعب معظم تلك الطموحات، وكان المشروع الوطني ينمو بوضوح، وشكلت القوى الممثلة للأغلبية ائتلاف قاد بكفاءة العملية السياسية، وقطع أشواط كبيرة باتجاه الأعداد للمواجهة مع المحتل على الصعيد السلمي، وأيضاً كان من الممكن خوض المواجهة العسكرية في حالة إصرار المحتل على البقاء، لكن وفق ظروف أكثر مناسبة وملائمة لتلك المواجهة.لكن بعد عام 2006 تقريبا تغيرت الأمور باتجاه الانحدار والانهيار وأصبح المشروع الوطني في حالة تراجع، لعدة أسباب أبرزها الانفراد وحب السيطرة وتهميش مكونات الائتلاف لبعضها، مما جعله يمثل أحزاب أو حتى شخوص على حساب أغلبية الشعب العراقي، وانشطر الائتلاف إلى قائمتين في حالة عبرت بوضوح عن الجهل بالهدف من تشكيل هكذا ائتلاف، والغاية الأسمى منه، وهي حالة ردة انعكست بشكل كبير عن المسار الذي كانت الأغلبية تمني النفس فيه، وغدى مشروع الخدمة الذي كان يرفع مشروع سلطة، لا يختلف كثيرا عن ما سبقه من نظام حكم، الآمر الذي أصاب الأغلبية بحالة من اليأس أدت إلى تراجع التفاعل مع مجريات العملية السياسية، وكانت ابرز نتائج ذلك وضوح هي نسب المشاركة المتدنية في الانتخابات المحلية، وأيضاً التذمر الذي ساد الشارع الشيعي، وانعكس على مذهب التشيع برمته، حيث تناست الطبقة السياسية التي تمثل الأغلبية أن تشكيل الائتلاف كان لتمثيل الأغلبية وإعادة حقوقها المغتصبة منذ عشرات السنين، ولم يكن ائتلاف الغرض منه تحكيم الأحزاب أو الشخوص، وتَنَعم البعض بخيرات العراق بفضل أصوات الشيعة، وهذا ما حصل، والآن أصبحت الأغلبية أكثر المكونات تشرذم وضياع، في ظل صعود طبقة من الانتهازيين والفاسدين مقاليد الأمور في الطبقة العليا من الحكم، وهذا يؤكد أن الأغلبية الآن بحاجة ماسة إلى البحث عن مشروع جديد تكون الخدمة عنوان أساسي له، ويرفع عنوان واضح وليس شعار من خلال برامج مكتوبة، تتم مراقبتها بشكل دقيق من الشعب والطبقة المثقفة الواعية، وإلا فان المشروع الوطني لا يمكن أن ينموا أو يتقدم للأمام، وأما ردود الأفعال الغير منتجة فلن تؤدي إلا إلى المزيد من الانهيار والتراجع، مع الأخذ بلحاظ أن التاريخ يحدثنا عن استغلال الانتماء لمذهب التشيع في صناعة إمبراطوريات لأشخاص أو قبائل، وتاريخ بني العباس واضح وشاهد، ويشابه بشكل كبير ما يمر به العراق اليوم....

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك