* بقلم - جميل ظاهري
هواجس الخوف والقلق والفزع لا تزال تخيم على المحور العربي - الاسرائيلي بسبب الزيارة التي قام بها الرئيس الايراني الدكتور حسن روحاني وما تمخض عنها من تطورات ايجابية في العلاقة بين الغرب وايران خاصة من قبل الولايات المتحدة الاميركية .وكان الاتصال الهاتفي الذي أجراه الرئيس الاميركي "باراك اوباما" مع نظيره الايراني الشيخ روحاني في وقت كان الأخير عازماً نحو مطار "جون إف كينيدي" الدولي لمغادرة نيويورك، قد زاد من استياء حكام تل ابيب والعديد من العواصم العربية وغضبها من التقارب الاميركي - الايراني وأحست أن ذلك سيدفع بحكامها "عرب الردة" نحو زاوية العزلة الدولية والاقليمية وسيصبحون لاعبي احتياط بعد أن حققت الزيارة الكثير على أرض الواقع الدولي وجاءت بعد الانسحاب الاميركي من عنترياته الخجولة في ضرب سوريا إثر الموقف الحازم والقاطع لايران وروسيا وحزب الله .اتصال هاتفي فقط لم يكشف عن تفاصيله بالكامل بعد من قبل الطرفين الاميركي والايراني حيث لا زال الغموض يكتنف ما دار فيه، حتى قلب موازين الحكمة والحنكة نحو العصبية والكذب والافتراء والتهويل والتطبيل التضليلي خاصة على المستوى الاعلامي في دول "عرب الردة" قبل أبناء عمومتهم من بني صهيون الذين لم يتمكنوا من كتمان قلقهم وفزعهم ودفعهم للضغط على سيد البيت الابيض ليتذبذب وكعادة القادة والمسؤولين الاميركان في تصريحاتهم ومواقفهم تجاه الطرف الآخر، فكيف لو كان هناك لقاء ومصافحة وصور تذكارية وحوار ثنائي بين "اوباما" وروحاني فماذا كان سيحصل آنذاك لشلة الفتنة والنفاق والارهاب آنذاك والعمالة والركوع ؟.استياء وغضب وقلق الكيان الاسرائيلي من زيارة الرئيس الايراني لنيويورك وتبعاتها واضح جداّ ومفهوم لانه شهد ان المنطق والحكمة والتدبر اخذ مكان سيفه ونهجه الارهابي ليكون القوة الحاكمة في العالم وأن رسالة السلام التي يطلقها الشعب الايراني أصبح مسموعاً بشكل أفضل - حسب تصريحات الشيخ روحاني؛ لكن ماذا عن قلق قادة بلدان ما يسمى ب"محورالاعتدال العربي" وشقيقاتها وأسباب الخوف والاضطراب الذي حكم عليهم مما سمي ب "التقارب الاميركي - الايراني" حتى دفع بالكثير منهم للهرولة نحو عاصمة الارهاب الحكومي والطلب منها بالضغط على البيت الابيض لتعديل مواقفه تجاه طهران وسحب بساط التعقل والحكمة من تحت اقدام "اوباما" .فقد كشفت القناة الثانية في التلفزيون الاسرائيلي عن سلسلة تبادل للرسائل ولقاءات غير علنية جرت في الاسابيع الاخيرة أي قبل وخلال وبعد زيارة الرئيس الايراني لنيويورك، بين مسؤولين اسرائيليين وآخرين رفيعي المستوى من دول عربية خليجية لا ترتبط بالظاهر بعلاقات دبلوماسية مع تل ابيب، لتنسيق الجهود والخطوات ضد ايران، وبدء التقارب بينها وبين الولايات المتحدة؛ خشية أن "تنجح طهران في خداع الادارة الاميركية" - حسب تعبيرهم، ودفعها الى ابرام صفقة معها، تكون دون مستوى تفكيك البرنامج النووي الايراني. ورغم أنه لم يتم بعد الكشف عن مجمل تفاصيل الرسائل المتبادلة بين الطرفين وما دار من كلام خلال اللقاءات المذكورة والتي جرت كالعادة في تل ابيب، لكن الاتجاه والهدف يشير الى سعي هذا العربي نحو تشكيل جبهة جديدة مع المحتل الصهيوني تحت تسمية "جبهة القلقين" يقف على رأس تأسيسها جزار الفلسطينيين "بنيامين نتنياهو"؛ جبهة يراد لها ان تشكل سداً منيعاً ضد محور المقاومة والصمود بقيادة ايران تضم العديد من دول "عرب الردة" - حسب ما كشف عنه المندوب الاسرائيلي لدى الامم المتحدة "رون بروسؤور" في حديثه للقناة الاسرائيلية الثانية .. مضيفاً "ان السعودية ودول الخليج قلقة بالفعل من تحول ايران الى قوة نووية ويتحدثون عن ذلك مع الجميع.. ولا اريد ان اتحدث عما نفعله معهم للتصدي لذلك بالتعاون مع حلفائنا...".فيما اشارت القناة الاسرائيلية العاشرة الى حالة الاحباط السائدة لدى هذه الدول العربية الاقليمية، من سياسة طهران وحكمتها وتدبيرها وقدرتها على جر واشنطن للركض خلفها، بغية الوصول الى اتفاق وتسوية للخلاف على البرنامج النووي، مشيرة الى ان الخاسر الاكبر من كل ذلك، هم حكام العرب هؤلاء الذين "أدركوا أن اميركا لا تفهم الا لغة القوة، بل ان زعيم اكبر دولة في العالم يزحف امام زعيم دولة اقليمية كانت حتى الأمس القريب يتهمونها بأنها عامل تهديد للمنطقة واستقرارها" .وكانت صحيفة "هاأرتس" الاسرائيلية قد كتبت قبل ذلك أن "التحسن في العلاقات بين واشنطن وطهران، يقرب اكثر من حالة التقارب القائمة بين اسرائيل والدول العربية الخليجية" - حسب تعبيرها، كاشفة من ان الوزيرة الاسرائيلية " تسيبي ليفني" قد اجتمعت مع وزراء خارجية كل من تركيا، قطر، المغرب، الكويت، الاردن، مصر، العراق ونبيل العربي في نيويورك على هامش اعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة للتنسيق معاً ضد ايران، في الوقت الذي التقى فيه وزير الخارجية الاميركي "جون كيري" نظيره الايراني "محمد جواد ظريف"، حيث توجه دبلوماسي سعودي الى نظيره الاسرائيلي، وتساءل امامه "ماذا يجري هنا"؟!.وبحسب المصدر الاسرائيلي نفسه، فان تلك الايام شهدت ايضاً محادثات بين دبلوماسيين اسرائيليين ونظرائهم من دول عربية خليجية من بينها الامارات وايضا الاردن، حيث ظهرت علامات القلق من التقارب "الاميركي - الايراني" !!.كيف يمكن لعلاقة شابها سوء الظن وانعدام الثقة جراء الظلم والاستعمار والسلطة ونهب الثروات والتدخل في الشؤون الداخلية لايران طيلة ستة عقود ونيف منذ الانقلاب الأسود ضد حكومة "مصدق" عام 1949 ومن ثم فرض حظر قاس وظالم اقتصادي ومالي منذ انتصار الثورة الاسلامية المباركة عام 1979 استهدفوا به لقمة عيش الشعب الايراني وحتى أدوية الأمراض المستعصية، ان تعود الى مسارها الطبيعي بمكالمة هاتفية أستمرت لبضع دقائق حتى أهتزت مضاجعكم وقلقتم وأضطربتم وفزعتم هكذا ؟ .كيف يمكنكم الاطمئنان لابتسامة ووعود ذئب متوحش مصاص للدماء عقد العزم على تهميش شعوبكم ونهب ثرواتكم وأستباحة مقدساتكم واستهداف استقراركم وأمنكم وحكوماتكم وجعل أحتلال أراضيكم من النيل الى الفرات في مقدمة سياساته العدوانية حتى ذهبتم اليه مسرعين مهرولين لترتموا في أحضانه وتطلبون المساعدة منه وتشكيل "جبهة" معه ضد بلد لا ذنب له سوى أن جعل القضية الفلسطينية وتحرير اولى القبلتين وجميع الاراضي العربية المحتلة على أولويات أهتماماته وفي مقدمة سياساته في وقت كنتم ولا زلتم تهللون وترقصون لذلك العدو المحتل الغاصب لفلسطين فرحاً لانتصاراته وتقدمون له التنازلات تلو الاخرى على طبق من ذهب دون أن يعيركم أدنى أهمية ؟فمهلاً مهلا يا عرب الردة والجاهلية والقبلية أطمأنوا كثيراً وناموا رغداً دون هواجس أو قلق أو مخاوف حتى تخرج الروح من الجسد أو تزيلكم شعوبكم الأبية والحرة والواعية الداعية للديمقراطية والعدالة والمساواة، أن الجمهورية الاسلامية في ايران لم ولن تدخل يوما ما في ناديكم؛ نادي الهرولة وطأطأة الرأس والانصياع والمذلة والخذلان لراعي البقر الأميركي وطفله المدلل الكيان الصهيوني المحتل، وستواصل سياساتها الثابتة حتى أستئصال كامل هذه الغدة السرطانية من جسد الأمة العربية والاسلامية وإعادة الحقوق المشروعة المسلوبة للشعب الفلسطيني بالكامل وفي مقدمتها تشكيل دولة فلسطين وعاصمتها القدس بعودة كل اللاجئين والمشردين الى ديارهم .
https://telegram.me/buratha