طالما سمعنا من الإخوة الصوفية في مصر وبلاد المغرب العربي عبارات مثل: مدد يا سيدي، ومدد يا مولانا. وهي عبارات يرددونها عادة عند قبور الأولياء، طلبا للعون عند الخالق من أولئك الأولياء، وان يمدونهم بالبركة والرزق والعافية والحفظ وما الى ذلك.
ونحن في واقعنا الأمني المتردي، أصبح الشعب العراقي على قناعة بأن يدا غير يد الغيب، ربما لن تمتد لنجدتهم! فهم ليسوا كغيرهم، ولا نقول أنهم براغماتيين، وإنما هم يؤمنون بأن الابتلاء حق على المؤمن. فهم يبحثون عن حلول عملية للخلاص مما يمرون به من ويلات، ووجدوا أنفسهم وقد ابتلوا بحكومة غير كفئة، جثمت على صدور العراقيين لدورتين انتخابيتين وتسعى الى الثالثة!.مع أنها ليست في العير ولا في النفير، فلا خططها الأمنية نافعة، ولا دبلوماسيتها مع الدول المجاورة المصدرة الارهاب بمجدية، ولا كرمها البرمكي مع الأردن وجزر القمر بمفيد..والمتضرر الوحيد هو الشعب العراقي!.
فمن أين ياترى يطلب الشعب العراقي المدد؟!
تعالى عز وجل يقول: لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.
والحكومة انتخبها الشعب!.والأولياء ليس لديهم إلا الشفاعة، والشفاعة لمن ارتضى الله عز وجل، والله تعالى لا يغير ما بقوم، فيعود الأمر الى الإنسان ذاته..وإذا بنا ندور في حلقة مفرغة.
إذن فليس هنالك من مخرج للعراقيين سوى حكمة حكيم!
وهنا سيثار تساؤل: ما هي حكمة الحكيم؟!
تعالوا معي لنتعرف على حكمة الحكيم:
في عام 2003 بعد سقوط الصنم، فشت ظاهرة سرقة أموال الدولة – الفرهود أو الحواسم – حيث أخذ البعض بنهب الممتلكات العامة. وعند ذلك انبرى رجال الدين، وصدرت العديد من الفتاوى بتحريم سرقة تلك الأموال. وبسبب إنهيار مؤسسات الدولة، لم يجد الناس سبيلا الى إرجاع تلك الممتلكات، إلا بتسليمها الى الجوامع والحسينيات، لكونها المؤسسات الوحيدة التي بقيت قائمة بعد سقوط النظام، وكذلك للترابط بين فتاوى التحريم التي صدرت من العلماء، وبين المساجد والحسينيات كونها تابعة للجهات الدينية. وهكذا قام الناس بمختلف المناطق بتسليم المسروقات الى متولي ومشايخ المساجد والحسينيات.
وهنا ظهرت حكمة الحكيم! ..
ففي خضم تلك الأحداث؛ دعا سماحة السيد محمد باقر الحكيم، أئمة الجوامع والحسينيات المرتبطين بمؤسسة المجلس الأعلى، الى القدوم الى النجف الأشرف لحضور اجتماع مهم!.وفي ذلك الاجتماع تحدث سماحة السيد الحكيم عن ظاهرة الحواسم، ووجه أئمة المساجد الى عدم استلام المواد المسروقة من الناس! وعلل ذلك برؤية سديدة، إذ تحدث إليهم قائلا: انتم ما زلتم في بداية مسيرتكم في الدراسة الحوزوية، وغالبيتكم من محدودي الدخل، وأخاف عليكم من إتباع هوى النفس والوقوع في شباك الشيطان بسرقة تلك الأموال!.
وحينها كان ذلك الطرح غريبا بعض الشيء! لكن ما كان لإولئك المشايخ إلا السمع والطاعة لإرشادات قيادتهم، وبالفعل بعد أن تم تسليم المسروقات الى الجوامع والحسينيات، قام الكثير من متعهديها بسرقة تلك الأموال والممتلكات ووضعت في جيوبهم وأرصدتهم.
أما أتباع الحكيم فقد أنقذتهم حكمة الحكيم! وقدر الله وما شاء فعل.
ففي مثل هذه المواقف تظهر حكمة الحكماء في استباق الأمور ووضع الحلول قبل حلول المصاب والنكبات.
بعدها استشهد ذلك الحكيم وخلفه حكيم آخر، وهو سماحة السيد عبد العزيز الحكيم.
وفي مطلع عام 2005 استجدت بعض الأمور ونزلت بالعراق مصائب جديدة، حيث اخذ الإرهاب ينتشر في مناطق بغداد قادما من الفلوجة والموصل ومناطق أخرى.
وضاقت الحكومة ذرعا بالتصدي لموجات الإرهاب، وهناك انبرى سماحة السيد الحكيم ليضع بين أيدينا حلين بدلا من حل واحد!.
احد الحلول كان حلا استبقيا قدمه سماحته قبل حدوث موجات الإرهاب، وهو إقامة إقليم الوسط والجنوب.
والثاني قدمه في بداية فترة انتشار الإرهاب وهو تأسيس اللجان الشعبية لحماية المناطق السكنية من اختراق فلول الإرهاب.
إلا أن الحكومة لم تتقبل عروض سماحة السيد ولم تستجب لنداءاته، والشعب كان غافلا غير واعيا لأهمية تلك الحلول.
ولكم أن تتصوروا فيما لو تم تأسيس الأقاليم منذ ذلك الحين، كيف كانت اليوم أحوال محافظاتنا في الوسط والجنوب، ومقدار التقدم الأمني والعمراني والتنافس في شتى الميادين التي تخدم الوطن والمواطن.
وفيما لو تم تأسيس اللجان الشعبية لكفتنا مئونة الأجهزة الأمنية الفاسدة والفاشلة، والتي أثبتت فشلها بتصاعد التوتر الأمني والتفجيرات التي أصبحت شبه يومية. وطوال تلك السنين لاكتسبت تلك اللجان خبرة واسعة في تأمين مناطقها وتجفيف بؤر الإرهاب وخلاياها النائمة وبالتالي القضاء على الإرهاب. والمصيبة انه بعد التي واللتيا وبعد إن خربت مالطا، قامت الحكومة بتأسيس مجالس الإسناد والصحوات، والتي كان جل أفرادها من المليشيات والإرهابيين الذين كانوا يقاتلون الأجهزة الأمنية، فما حدا مما بدا؟!.
واليوم نجد ان الشعب يطالب بالأقاليم وتأسيس اللجان الشعبية لحماية المناطق السكنية لإيقاف انهار الدماء التي تراق يوميا على يد زمر الإرهاب.
ولسان حال العراقيين يقول : حكمتك يا حكيم!
https://telegram.me/buratha