عبدالله الجيزاني
الدول تمر بمراحل مختلفة، لكل مرحلة استحقاقاتها، وتختلف هذه المراحل بحسب الظرف الداخلي والإقليمي والدولي، حيث أن مرحلة التأسيس في العادة تختلف عن مراحل التثبت والانطلاق، وكذا يتحكم الوضع الإقليمي أو الدولي بالية التعامل مع استحقاقة. وعلى هذا كان العراق بعد 2003 يمر بمر بمرحلة التأسيس، وهذا تطلب تصاعد الدعوات لمشاركة المواطن في هذه المرحلة من خلال التفاعل مع العملية السياسية واستحقاقاتها، لذا طالبت المرجعية مثلا بمشاركة واسعة وفاعلة في الانتخابات وقبلها المطالبة بأجرائها، وبعد أن تمت العملية الانتخابية الأولى وتمت كتابة الدستور استمرت دعوة المرجعية تلك، لان النظام في الدولة يمر بمرحلة التثبيت، ولكن تعثر هذه المرحلة وتراجعها في بعض الأحيان جعل المشاركة الواسعة والواعية في الانتخابات أمر في غاية الأهمية، لان أي تكاسل أو مقاطعة في هذه المرحلة الأكيد سيعرض البناء للانهيار والعودة إلى نقطة مادون الصفر، والشعب أكثر معرفة ودراية بمعنى ذلك.ومع كل التبريرات التي يطلقها الشارع في تبرير المقاطعة لكنها لا تصمد أمام حقيقة أن المشاركة بالانتخابات لا علاقة لها بالأداء الحكومي، وان صندوق الانتخابات هو الوسيلة التي يعاقب الشعب من خلالها المقصر ويكرم المنتج، ومقاطعة الصندوق ستحقق العكس، وسيبقى المقصر والفاسد في موقعه لان أنصاره سيدلون بأصواتهم أليه وأمام مقاطعة الأغلبية سيحقق النصاب المطلوب لإبقائه في موقعه. وفي الاستحقاق الانتخابي القادم المقاطعة تعني التخلي عن رسم خارطة البلد لفترة تصل لربع قرن من الزمن، حيث تشهد المنطقة حالة من الاضطراب يقرأها المختصون بأنها ستغير خارطة المنطقة بالكامل، وربما ستلد الدولة فيها دول جديدة، وهذا يعني أن البلد الآن بحاجة لقيادة قادرة على مواجهة هذه الموجه، لديها المقبولية بين كل فرقاء الساحة، وتمتلك حنكة وحكمة تمنحها قدرة على استيعاب الجميع لغرض تجاوز العاصفة التي ستجتاح المنطقة وسيكون العراق في وسطها بلا شك، وان أي خطأ في الاختيار أو ترك المجال لأنصار الفساد بتقرير مصير هذه المرحلة، فمعناه أن العراق سوف يكون اسم ضمن تاريخ المنطقة، وسوف تستحدث دول على أرضه في المرحلة الأولى لتلحقها صدامات ومواجهات بينها، ولذا فأن مقاطعة الانتخابات المقبلة وعدم الاختيار بوعي معناه التضحية بالعراق الموحد، وفتح الأبواب واسعة أمام حالة عدم الاستقرار التي لا ثبات بعده لأكثر من ربع قرن كما أسلفنا، وعليه فان الاستحقاق الانتخابي سوف يكشف حقيقة كل أبناء الشعب، ويعبر عن مدى صحة الشعارات التي تطرح من قبل البعض، فلا يمكن لوطني أن يرضى لوطنه أن تُقطع أوصالة، وكذا لا يمكن لمؤمن أن يسمح لوطنه أن يتحول من بلد واحد إلى ساحة تستباح على أديمها دماء أبناء الوطن الواحد لتحقيق أغراض وأهداف الصهيونية والاستكبار العالمي، ومن هنا تبرز خصوصية المرحلة المقبلة، فكما تفاعل الشعب وشارك في مرحلتي التأسيس والتثبيت، مطلوب مشاركة واعية لمواجهة مخاطر انعكاس ما يحصل في الإقليم...
https://telegram.me/buratha