المقالات

مقبرة الغري وبهشت الزهراء

1463 08:55:00 2013-10-09

الشيخ عبد الحافظ البغدادي الخزاعي

حين تنهض الأمة وترتقي , من المؤكد إن جميع بناها التحتية تنهض بالإجماع لتعطي طابعا عاما إن الدولة والشعب يريدان بناء وطنهم وحضارتهم .. هكذا تتكاتف جميع المؤسسات الحكومية والشعبية والمواطن العادي مع وجود قيادة حكيمة مخلصة ...تنهض الأمة وترتقي ....خلال زيارتنا الأخيرة للجمهورية الإسلامية الإيرانية كان جدول الزيارة مزدحما ولكن من خلاله زرنا مقبرة طهران { بهشت الزهراء } ذهب في مخيلتي صورة مقبرة وادي السلام الذي يرقد فيه الذين خدموا العراق بمواقفهم , وتشرفوا بأعواد المشانق وتدلت جثثهم بحبال الطغاة.. مقبرة تضم قبور قادة ثورة العشرين , وعلماء الشيعة وفقهائها , واحتضنت حصة كبيرة للمغدورين في حربي القادسية واحتلال الكويت ... ولا زالت تواري جثث الشهداء ... شهداء الحقد الأموي البعثي التكفيري .. مقبرة النجف بحجم مساحتها وطول دهرها أم تستقبل جثث العراقيين وغيرهم من المسلمين لكنها تعاني الفوضى والإهمال , رغم إنها تدر أموالاَ وهبات كثيرة ولكنها تتراجع عن قيم المدفونين وتعطي صورة سيئة للزائرين الأحياء إننا بلد لا نحترم موتانا مطلقا ...مقبرة بهشت الزهراء حين زرتها تفا جئت وكأني ازور حديقة غناء مملوءة بالورود ... شوارعها مرصوفة بالحجر المقرنص , والحدائق الغناء والأشجار الباسقة تغطي المقبرة , والمفرح في تنظيم هذه المقبرة إنها تعطي صورة مزدوجة فهي إضافة كونها تضم جثث الموتى والشهداء الإيرانيين , ولكن دفن المبدعين يكون بمعالم وأقواس وواجهات مكتوب فيها الحادثة التي تخلد ذلك الميت .. لذا لا نعجب من اتخاذ السيد روح الله الموسوي الخميني {قدسره} أن يجعلها مكانا ينزل فيه لإلقاء أول بيان للشعب الإيراني وإعلان الثورة ... ففي مقبرة بهشت الزهراء صرح كبير يحمل صورة الإمام وهو يعلن تشكيل أول حكومة انتقالية زمن الشاة ويلغي حكومة محمد رضا بهلوي .. ولا زال المكان حاضرا يقصده الزائرون والسياح .. وفي بهشت الزهراء نظام الإدارة يدار بالقطاع الاستثماري , فتم بناء 4 أربعة مطاعم كبيرة وشركات دفن وتغسيل وتشييع تقوم بجميع الأمور الشرعية للموتى دون أن يتحمل ذوي الميت أي عناء... أما نظافة المقبرة فحدث ولا حرج ولا يمكن المقارنة بشوارعنا النظيفة ناهيك عن مقارنتها بوادي السلام .. وحين تتجول في المقبرة فانك تنتقل إلى تاريخ إيران كله ..الرجال , المواقف .. الشهداء .. الجهاد .علماء أفذاذ . فهناك صرح كبير يحوي جثامين الذين اغتالتهم الفئات المنافقة .. باحة كبيرة كمسجد بارتفاع 10 أمتار وسط غابة من الأشجار وشوارع معبدة تضم رفات رئيس الجمهورية محمد علي رجائي ورئيس الوزراء باهونر وسبعين مسئولا آخرين قتلوا في الانفجار المدبر ضد نظام الجمهورية الإسلامية من منافقي خلق ... شهداء مكة المكرمة الذي قتلتهم قوات آل سعود في موسم الحج وهم ضيوف بيت الله .. لهم صرح فيه شبه للكعبة ويطوف حولها حجاج بيت الله .. الإيرانيون يبدو أنهم صمموا أن تكون دولتهم من الدول العظمى , وبناء الدول يأتي ضمن قانون ودستور يحترمه جميع المواطنين .. وبالمقابل القانون يعطي حق جميع المواطنين .. وبهشت الزهراء حظيت بتكريم القوانين أولا ثم تكريم الناس لموتاهم .. لا أن نعتبر الميت وسيلة للإثراء وجلب المال فقط دون احترام كما هو عندنا في وادي السلام .. والشعب الذي يحترم موتاه ويقدم لزوارهم خدمات وترفيه فهو شعب حي ..الدليل السياحي دلني على قبر اسم صاحبه " السيد احمد بلارك" قال انه يفوح منه عطر وأريج يخرج من تحت الأرض .. ومقابله حوض صغير بقياس 50 سم مربع ينبع فيه ماء كل يوم من الصبح إلى المساء .. وفعلا وصلنا القبر وشممنا الرائحة من بعد أمتار ورأينا عدد من النساء أقرباء الميت يجلسن عنده يقرأن القران والأدعية المأثورة ... وللشهداء الإيرانيين وللرموز الوطنيين حصة كبيرة في التكريم ... وقفنا عند قبر قال عنه المرشد السياحي ....جاء وفد أهالي غزة من الضفة الغربية المحتلة لزيارة صاحب القبر وبكوا كثيرا عنده .. وحين سألهم المرشد السياحي عن سبب اختيارهم هذا القبر بالذات ... قالوا انه هو سبب انتصارنا بالحرب الأخيرة على إسرائيل .. هذا هو العالم المسلم الذي طور المنظومة الصاروخية التي غيرت ميزان القوى في العالم , وغيرت ميزان الحرب العربية الإسرائيلية .. ولكن اغتالته المخابرات الأمريكية الإسرائيلية .. وتكريما له وضعت الجمهورية الإسلامية عددا من نماذج مصغرة للأسلحة التي أبدع في تطويرها وتصنيعها مقابل الترسانة الأمريكية والإسرائيلية ... وأخيرا قال المرشد من هذا المكان الذي يتمليْ بأنفاس شهداء الثورة الإسلامية ضد النظام الشاهنشاهي .. وقف الإمام الخميني {قدسسره} هنا يلقي خطاب بداية الثورة ...فهل هناك مجال للمقارنة بين فوضى مقبرة وادي السلام .. وبهشت الزهراء عليها السلام ....

الشيخ عبد الحافظ البغدادي الخزاعي

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
محمد الأعرجي
2013-10-10
يا شيخنا الفاضل ليست المقابر وحدها في العراق مهملة وغير نظيفة بل حتى اماكن المعيشة رديئة ولا تصلح للحياة بما فيها مدارس الطلاب والشوارع وهذا ليس تقصيرا من الدولة فقط بل هو خلل في مواطننا العراقي الذي لا ينهى نفسه من رمي الاوساخ حتى في جوار اضرحة الائمة خلال الزيارات . عند زيارتنا لأيران تتيقن ان الدولة تقدم خدمتها للمواطن وهذا دليل احترام الدولة للمواطن ويقابلها المواطن بنفس الاحترام عندما يحافظ على النظافة والمال العام . اما في العراق فيبدو ان الاحترام مفقود بين الطرفين للأسف ..
المغترب النجفي \ كندا
2013-10-10
ليش هو الانسان العراقي الي على قيد الحياة عنده قيمه عند حكومته حتى الاموات لم يرحمونا ونحن في الحياة فهل يكرموننا ونحن اموات الكل عند حكامنا لاشيء الاحياء والاموات والدليل شوف عيشة العراقيين يرثى لها كلها عوز ومعانات وازمات وامراض الله يخلي الريس نحن نريد مخلص وليس مخ لص ؟؟؟؟؟
رأي
2013-10-09
قهر الموت والحياة بالعراق قهر شكرا لهذه الجولة
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك