بقلم الصحفي / كاظم جابر الموسوي
بينما كنت في طريقي إلى بغداد لفت انتباهي الى عبارة مكتوبة على لوحة لأحد المرشحين لأنتخابات مجالس المحافظات تقول ( العراق في قلوبنا) تبسمت وتعجبت من تلك العبارة التي ربما لم يعرف المرشح نفسه معنى وحجم تلك الكلمات التي يتشدق بها أحيانا البعض دون دراية أو علم بمضامينها وبما تحمل بين جنباتها من دلالات ومعان بحجم ذلك الشيء الذي ينبض به قلب المحب.. وتسآلت في قرارة نفسي أحقيقة أن العراق في قلوبهم كما خطت تلك الأنامل؟ وهل أمانه وأمنه واستقراره يهمهم؟ وهل يعي جيدا من كتب تلك العبارات وعمق المعنى الحقيقي لها؟ أم إنها كانت مجرد كلمات يخطها من يساير لحظات "الكيف" التي تصيب المرء لحظات استلامه لتلك "الدنانير" الهزيلة التي باتت اليوم تتحكم حتى في مشاعر وحياة البعض. ثم كيف يقولون تلك العبارات والواقع والأحداث تقول عكس كل ذلك الزيف والظلال والنفاق الذي تفرضه القوى على ضعاف النفوس حينما تتطلب مصالحها أن تكتب بدمها عن العراق "وغلاوته وحبه العاصف في قلوبهم, إذن كان الأجدر بمن كتبها أن يقول ( العراق من أجل جيوبهم) وليس في قلوبهم لان تلك حقيقة يعرفها القاصي والداني مهما حاول المتنفذون إخفائها خلف "روتوشات" التجميل والتزييف لان لسان حال الوطن يقول هكذا وهكذا ينطق ولكن المعنيين لا يفقهون "حديثه" ولا يسمعون كلماته.. فثروات العراق تنهب وتذهب إلى جيوب الفاسدين ومن بيدهم زمام الأمور يأكلون منها حد الشبع والتخمة بينما البسطاء لا يجدون "كسرة" خبز يابسة لسد رمق " جوعهم, ويبنون من تلك الثروات القصور السامقة ويشترون السيارات الفارهة التي "يدهسون" بها العباد ويتعالون بها على الخلائق. تدمرون وتدكون منازل البسطاء وتعيثون فسادا في مدنهم وقراهم,تنكلونهم , تشردونهم, تشتتونهم, تخلقون بينهم البغضاء والحقد والحسد, وتزرعون الغل والكره فيما بينهم البين بسبب سياساتكم التمييزية والعنصرية التي ترمي لأن تستميل فئة على أخرى من خلال شراء ذمم بعضهم وإغرائهم بالأموال والثروات, فيتناحرون فيما بينهم ويقتتلون فيما بينهم فيصبح كل حزب بما لديهم فرحون وأنت تتفرجون وتترقبون ذلك المشهد تحت حجة ان العراق في قلوبكم, أهكذا يكون حب الوطن بإشعال فتيل الاحتراب والاقتتال بين أبناءه. في الشوارع والساحات والمدن تسيل الدماء وتزهق الأرواح وتدهس الأجساد بالمصفحات وعربات الجيش والأمن أمام مراءى ومسمع من أولئك الذين يقولون أن العراق في قلوبهم ومع هذا لم يحركوا ساكن تجاه تلك الجرائم البشعة التي ترتكب في حق الأبرياء الذين لا ناقة لهم ولا جمل في حب وطنكم المزيف.. فبالله أي حب لهذا الوطن وأي عشق ذلك الذي تقولون والعراق ذاته يئن لوجع أبناءه ويتحسر لضياعهم وينوح لقلتهم وتنكيلهم وتشريدهم وتمزيقهم, أي حب وانتم تبيعون وتشترون في هذا الوطن وفي شعبه المغلوب على أمره وتحت مسميات باطلة ومصطلحات باطلة وكاذبة الوطن منها براء, أي حب تحملون للوطن في قلوبكم وانتم لم تفكروا يوما برقيه وازدهاره وأمنه وأمانه واستقراره ومصلحة أبناءه وصون دمائهم وحفظ كرامتهم والذود عنهم والتضحية من أجلهم وأجل وطنهم.. العراق للآسف ليس في قلوبكم كما تتشدقون, بل في جيوبكم ومن اجل جيوبكم التي تسعى جاهدة لأن تمتلئ من خيرات وثروات الوطن الذي تقولون أنه في قلوبكم..فبئسا لكم ياحكومة العراق .. فقد سرقتم العراق .
https://telegram.me/buratha