حسين الركابي
أسدل الستار في الآونة الأخيرة عن الوجه الحقيقي للجماعات الإرهابية، وان كان مشخص لدى معظم القوى السياسية"الوطنية" لكن اليوم اتضح جليا للمدافعين، والممولين، والحاضنين لهذا الفكر، والدافعين بعجلة القتل، والتفجير بشتى أنواع الأساليب؛ وقد تخفى حاملي هذا الفكر المتطرف، والشمولي طيلة هذه الفترة تحت يافطة الإسلام، والدين. إن استهداف إقليم كردستان العراق في الأيام القلية الماضية توضح مدى تطور وإمكانية هذه الجماعات، وبدأت تكشف عن خارطة جديدة ترسم ملامحها المستقبلية في المنطقة برمتها، وتوسع من دائرة الخطر في المحيط الإقليمي، والدولي؛ بعد إن ثبتت لها ركائز في قلب المنطقة العربية، وتهيئة لها ارض خصبة في العراق، وسوريا، لتنطلق منها إلى الدول الأخرى؛ وبالتالي سوف لا يسلم أي شبر في العالم إلا وتطالة تلك اليد الأموية أحفاد"هند" أكلت الأكباد، وتلتهم الجميع من حيث لا يشعر. فالإرهاب واحد في العالم، وان تختلف بعض الأساليب من مكان إلى أخر؛ لكن تصب جميع مشاربه في جدول واحد، والدليل على ذلك خلال شهر أيلول 2013 ضرب الإرهاب أكثر من مدينه، ومحافظة في العراق، وهجر مئات العوائل من المحافظات الشمالية، والمحافظات الجنوبية؛ حيث فجر موكب عزاء في مدينة الصدر للشيعية، وتلتها بيومين فجر في موكب عزاء أيضا في بغداد للسنة، وبعدها دار وجهة إلى كردستان العراق ليجد مبتغاة في ذلك الإقليم الأمن طيلة العقود المنصرمة. فمن هذا نشخص إن الإرهاب لا يختص بجزء معين من العراق، أو من المنطقة بالكامل، وإنما كل ما يجد ثغره هنا أو هناك يتوغل فيها، ولا يقف عند طائفة، أو قوميه، وهذا ما وضحناه في كتابتنا السابقة من إن الإرهاب لا يستثني احد، ولم تصارع اليوم تلك الجماعات من اجل سلطة، أو كرسي هنا وهناك؛ وإنما الصراع الذي اشتد وطيسا في هذه الأيام هو صراع"وجود" إما إن يكون الميدان لك إما إن يكون لي، ولا تقبل المعادلة بين الاثنين. فمن هنا لابد من تظافر الجهود العالمية، والإقليمية، ورؤية موحده وشاملة، والتي تكون من أول أولوياتها إن تجفف"البرك الأسنة" والحواضن الدولية، التي ينطلق منها وتمده ماديا، ولوجسيتا، وتعمل له مظلة شرعية تحت فتاوى" ضالة، ومظلة" من اجل خلط الأوراق، وجعل المنطقة بالكامل تدور في حلقة مفرغة، ودوامة الصراعات الإقليمية، والداخلية، طائفيا، وحزبيا، وقوميا؛ فالتجزئة في هذا الملف الأمني، والتنصل من المسؤولية لا يحد من هذا السيل الهائل، والمتدفق، نحو العراق والعمل المنظم على مستويات عليا؛ ولا يمكن لنا إن نقول تحصل ثغرات هنا وهناك، ولا يمكن إن نجزئ أعمالة؛ نحن اليوم بحاجة إلى رؤية موحدة مناطقية لتتحول الرؤية موحدة وطنية، لتطوير رؤية موحدة إقليمية في مواجهة الإرهاب؛ حتى نستطيع إن نقضي على الإرهاب وهو واحد، في فكرة، ومرتكزاته، وسلوكه؛ وفي نواياه الذي يستهدف اليوم البعض دون البعض الأخر، وفي المراحل القادمة سوف يلتهم الجميع.
https://telegram.me/buratha