عادل العتابي
اعتادت الدولة العراقية منذ تأسيسها، ومن خلال مختلف الحكومات التي مرت بالبلد، ان تمنح كل موظف وعامل في القطاع العام، راتبا تقاعديا يتناسب مع سنين الخدمة والدرجة الوظيفية، كتثمين لما بذله من جهد لخدمة البلد، ولكون المتقاعد بلغ من الكبر عتيا، وبالتالي فان الراتب التقاعدي سيكون بمثابة الضمان لذلك المتقاعد، مع مرور السنوات العجاف على العراقيين جميعا، اصبح الراتب التقاعدي قبل سقوط النظام السابق اشبه بالنكتة، اذ لايحصل المتقاعد الا على مبلغ زهيد لايسد حاجته الفعلية لمدة ايام وليس لشهر او شهرين. بعد سنوات من سقوط النظام السابق، مازالت رواتب المتقاعدين تؤشر على مقياس الخدمة والدرجة الوظيفية نوعا من الاهتزاز غير المستقر، فعلى الرغم من الزيادات الكثيرة والتغييرات التي حدثت على جدول رواتب المتقاعدين الا ان تلك الشريحة ما زالت تعاني من نقص واضح في توفير العيش الرغيد والمناسب لها ولعوائلها، وهذا يجعل البعض من المتقاعدين يلجأ الى الاساليب الحضارية للتعبير عن رفضه لهذا الواقع المؤلم، من خلال التظاهر السلمي ورفع المطاليب للنظر مجددا في تعديل سلم الرواتب للمتقاعدين.من جانب اخر يقدم اعضاء مجلس النواب والوزراء وذوي الدرجات الخاصة، جهودا واضحة لخدمة البلد من خلال المناصب التي حصلوا عليها بالانتخاب او التعيين، وهم يتلقون جراء ذلك رواتب عالية جدا، كما ان تقاعدهم لايساوي التقاعد الذي يحصل عليه الموظف او العامل الذي خدم الدولة لمدة تزيد عن الثلاثين عاما، بل يتعداه بمرات ومرات، ففي الوقت الذي يحصل فيه الموظف على مبلغ تقاعدي متوسط، يحصل البرلماني على الملايين من الدنانير وهو لم يقدم خدمة تضاهي خدمة الموظف العمومي، فكما هو معروف فان خدمة البرلماني هي لدورة انتخابية واحدة تمتد لاربع سنين، ربما يقضي البعض من النواب تلك السنين الاربع وهو لم يحضر غير اربع او خمس جلسات برلمانية.مع تزايد المطالب الجماهيرية في مختلف محافظات العراق على الغاء قانون التقاعد الخاص بالنواب والوزراء وذوي الدرجات الخاصة، الا ان كل تلك المطاليب الجماهيرية لم تحظى باذن صاغية من قبل البرلمانيين، ومن المؤسف حقا ان يقوم عدد من النواب ومن الكتل السياسية المختلفة بترويج معلومة مفادها انهم سوف يتنازلون عن رواتبهم امام كتاب العدول، وغير ذلك من التصريحات الرنانة التي غرضها الاول والاخير هو غرض انتخابي، اذ يعرف اؤلئك النواب قبل غيرهم ان الغاء الرواتب التقاعدية، امر مرهون بتشريع قانون جديد من مجلس النواب يلغي القانون او المادة القانونية التي منحتهم تلك الرواتب والمخصصات العالية جدا.واذا كان البعض من النواب يتخذ من قبة مجلس النواب مكانا محصننا، آمنا، بما تعطيه تلك القبة من حصانة، وهو ينفذ او يساعد على تنفيذ الاعمال الارهابية بحق هذا الشعب المظلوم، فيما يكون حضور البعض الاخر كما هو غيابهم عن الجلسات، فان القلة القليلة التي تريد تشريع قانون التقاعد الجديد، مطالبة بتقديم مقترحاتها الى رئاسة مجلس النواب، للاسراع بالغاء التقاعد الخاص، والنظر بعين الجدية لتشريع قانون تقاعد جديد ينظر الى كل العراقيين وكأنهم اسنان المشط، فليس من المعقول ان تبقى رواتب عامة الشعب متدنية ورواتب النواب عالية، بل عالية جدا.
https://telegram.me/buratha