الآن: كنا على ثقة من أن مشروع القضاء على النظام في سوريا، سيمنى بالهزيمة ولن يحقق شيئا مما تمناه فريق الأشرار.
السبب الأساس وراء هذه الثقة، هو ما أعلنه سيد المقاومة مرارا وتكرارا: (مضى زمن الهزائم وجاء زمن الانتصارات).
لم نكن يوما من أصدقاء البعث بنوعيه السوري أو العراقي، ولا من المتغنين بالقومية العربية, ليس إنكارا للعروبة التي هي منتج من منتجات الإسلام, ولا لقناعة بمثالية النظام السوري, بل لقناعة أن السعي لإسقاطه يأتي لأنه يشكل خطرا على إسرائيل, التي تريد لها أمريكا أن تهدأ وتطمئن وتنام قريرة العين, وأن يحل محله نظام يحقق المطالب الإسرائيلية، أما الديموقراطية وحقوق الإنسان, فهي أشياء لن ينالها الشعب السوري على يد أي نظام قد يحل محله.
الذين حاربوا النظام السوري, وسارعوا للوقوف في خندق ثوار الجاهلية الوهابية المعاصرة, كان بينهم أناس وقفوا في الخندق الصدامي, من أجل حفنة كوبونات نفطية أما الذريعة التي تذرعوا بها لمساندة صدام فهي قوميته العربية, التي كانت في الحالة العراقية مدعومة بالنفطودولار,أما سبب تخليهم عن النظام السوري رغم ذات القومية, فلأنه لم يدفع لهم ولا لغيرهم ومن ثم فلا داعي لتضييع الوقت والجهد, في معركة كانوا يوقنون أنها خاسرة ماليا وسياسيا.
أما عن الدول العربية؛ (راعية الديموقراطيات والربيع العربي والخريف الأسباني), فهي مجرد إقطاعيات تعود لعصور ما قبل الدولة, وهي مجرد شركات متعددة الجنسية تدار من أوروبا أو من واشنطن.
إنها ليست دولا من الأساس, وليس لها علاقة بتلك التي يسمونها ديموقراطية من قريب أو من بعيد.
لذا فالصراع الذي دار في سوريا, هو جزء من الصراع العربي الصهيوني, والحرب التي شنتها تلك الجماعات الإرهابية, هي حرب بالوكالة عن أمريكا وإسرائيل, وهي امتداد للحرب التي خاضتها نفس تلك الجماعات في أفغانستان قبل أكثر من ثلاثين عاما.
عندما يتعلق الأمر بالصراع مع الصهاينة, فلا يسعك إلا أن تصطف مع من يقف ضدهم، رغم قناعتي أن الانتصار على الصهيونية, لن ينهي أوجاعنا وآلامنا ومصائبنا وخيبتنا وفشلنا, وهي الأشياء التي سمحت قبل أقل من قرن بإقامة هذا الكيان على أنقاض شعب مسلم عربي.
الغريب أن بعض الفصائل الفلسطينية المتأسلمة, اختارت أن تقف ضد النظام السوري الذي دافع عنها وآوى قادتها, عندما طاردتهم الدنيا؛ وهذا يفسر لنا أحد أسباب نجاح المشروع الصهيوني منذ بدئه, ولماذا تمكن من إلحاق هذا الكم من الهزائم, بأمة من ضمن قادتها هذا الكم الهائل من المرتزقة والمنافقين.
الآن تغيرت الصورة, وأضحى لدينا قادة من هذا النوع الذي وصفه ربنا عز وجل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) المائدة (54).
المتابع للطريقة التي جرى بها إدارة الأزمة السورية في طورها الأخير, يدرك حجم التطور في الأداء السياسي, ومدى القدرة على الاستفادة من موازين القوى العالمية, بالتوازي مع الصمود العسكري في الميدان, مما حقق نجاحا في الإدارة يترافق مع قوة الإرادة, وهو ما افتقده العرب والمسلمون في معاركهم السابقة.
مضى زمن الهزائم وولى, وجاء زمن الانتصارات, ولا زالت الساحة مفتوحة, لبذل مزيد من الجهد من أجل الحفاظ على كيان الأمة ومنع استباحته.
32/5/131016/ تحرير علي عبد سلمان
https://telegram.me/buratha