قال الامام محمد الجواد (ع) : من أصغى إلى ناطق فقد عبده ، فإن كان الناطق عن الله فقد عبد الله ، وإن كان الناطق ينطق عن لسان إبليس فقد عبد إبليس.
ذلك توجيه من الجهة المعصومة؛ الله عز وجل، النبي محمد صلى الله عليه وآله والائمة المعصومين عليهم السلام، بأن نتبع القدوة الصالحة والمنهج السوي في بناء مرتكزاتنا الفكرية وفي سائر ممارساتنا.
بالإضافة الى ذلك، هنالك ثمة أمر آخر؛ يتمثل بعنصر الممانعة, والتي هي روح العمل الديني والسياسي.
فعلى السياسي المتدين ان يتبع منهجا سياسيا قائما وفق مباديء وقيم سامية, مرتكزة على أساس معاييرٍ عقلانية صارمة, ومعززة بإتباع المُثل الإسلامية العليا، كمثال عهد أمير المؤمنين علي ابن ابي طالب عليه السلام الى مالك الاشتر.
ومن التوجيهات السديدة للامام علي عليه السلام في عهده لمالك الاشتر :
((وأشعر قلبك الرحمة للرعية ، والمحبّة لهم ، واللطف بهم ، ولا تكونن عليهم سبعاً ضارياً تغتنم أكلهم ، فإنّهم صنفان : إمّا أخ لك في الدين ، أو نظير لك في الخلق)).
(( وليكن أبعد رعيتك منك ، وأشنأهم عندك ، أطلبهم لمعائب الناس ، فإنّ في الناس عيوبا )).ً
((إنّ شر وزرائك من كان للأشرار قبلك وزيراً ، ومن شركهم في الآثام ، فلا يكونن لك بطانة ، فإنّهم أعوان الأثمة ، وإخوان الظلمة)).
ولا نريد ان نخوض في مضامين تلك الكلمات النورانية وتعلقها بواقعنا السياسي فالمعنى واضح والاشارة بينة.
وفي ذلك العهد المقدس، الكثير من النصوص العالية المضامين والتي كمثل صاحبها ينحدر منها السيل ولا يرق اليها ميكافيلي!.
وكذلك من تلك المُثل الإسلامية العليا رسالة الحقوق للامام زين العابدين السجاد عليه السلام حيث جاء فيها :
وحقوق رعيتك ثلاثة أوجبها عليك: حق رعيتك بالسلطان ، ثم حق رعيتك بالعلم فان الجاهل رعية العالم ، ثم حق رعيتك بالملك.
ومنها : حق الحاكم عليك :
(فأما حق سائسك بالملك فأن تطيعه ولا تعصيه إلا فيما يسخط الله عز وجل فانه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق) .
((وحق السلطان أن تعلم أنك جعلت له فتنة ، وأنه مبتلى فيك بما جعل الله عز وجل له عليك من السلطان )).
وهنا لابد من الإشارة الى ضرورة كون الحاكم صاحب علم ودراية وعارف بسياسة المجتمع قبل حكمه والتسلط عليه.
وانه لا طاعة للحاكم عند سيره على غير سبل الهدى والإصلاح في المجتمع الذي يحكمه.
وان يعي الحاكم ان حكمه للبلاد تكليف وليس تشريف، وان الحكم فتنة وليس شرفا ومكانة اجتماعية على غرار ما يراه الطغاة والظلمة.
وبإتباع الحاكم لتلك المرتكزات والمُثل العليا يكون قد حفظ ذاته الإسلامية، الايمانية، والإنسانية وضَمن السير على السراط السوي في الحياة السياسية والاجتماعية.
اما السياسيون الميكافيليون، فقد وولغوا في غي ميكافيلي واتخذوا منهجه في السياسة دينا يدينون به ومرجعا لا يخرجون عن تعاليمه قيد انملة.
وكأن السياسةَ اختراعٌ اوجده ميكافيلي، او آلة صنعها ولا يمكن إدارة تلك الآلة الا بواسطة ( الكاتلوج المرفق بها)!.
وكأنه لم توجد سياسة إسلامية يمكن ان يرجع اليها ويقتدى بمسيرتها.
الغاية لدى سياسيينا تبرر الوسيلة!. والعمل السياسي يجب ان يكون براغماتي!.
ولا بأس ببعض الديماغوجية او الكثير منها!.
ومن منهج الإسلام يأخذون قوله تعالى : من اضطر غير باغ ولا عاد فلا اثم عليه.
فهم يتبعون ميكافيلي حذو النعل بالنعل والقذّة بالقذّة، الا في القضايا الاقتصادية، لان منهجهم الاقتصادي لا يقبل به احد على مستوى التنظير والحكيم بالإشارة يفهم!!.
كلا .. يا سياسيينا وسادتنا وقادتنا .. ما هكذا تورد الابل!.
يا أيها السياسيون ما كان اسلافكم قوم سوءٍ، وما كان دينكم ميكافيليا.
36/5/131027
https://telegram.me/buratha