ليست المرة الأولى التي يتأخر فيها إقرار الموازنة المالية حتى ينتفض دولة رئيس الوزراء نوري المالكي بهذه الطريقة المتشنجة والتي حطم فيها كل الثوابت والأسس الدستورية التي بنيت على أساسها التجربة الديمقراطية والدولة العراقية الحديثة ،والمراجعة البسيطة لموازنة السنوات السابقة تثبت ان إقرار الموازنة في نهاية او منتصف آذار قد تمت في أكثر من مناسبتين لكننا لم نشاهد او نسمع ثورة مشابهة للمالكي رغم ان القضية واحدة لكن الاختلاف يكمن في التوقيت والقرب من الانتخابات.
ومع حقيقة أهمية الموازنة الا ان إلقاء التهم في مرمى البرلمان دون ساحة الحكومة امر فيه مغالطة كبيرة والتفاف على الحقيقة طالما ان الحكومة هي مصدر تشريع القرار والحسابات، واذا ما علم الجميع مقدار الخلل والتخبط والتعديل والإضافة والتصحيح الذي تم على الموازنة بعد إرسالها وسحبها وإرسالها الى البرلمان من قبل الحكومة يعلم عندها حجم الفوضى التي تغلف وضع الموازنة واخر التعديلات ما تم إضافته من عشرات المليارات الى الانبار من اجل اعمارها بعد خرابها وبعد انتهاء معاركها التي لا زالت مستمرة وهذا الحذف والإضافة والتغيير من قبل الحكومة يؤكد حالة التخبط والفوضى التي تمت فيها كتابة الموازنة وعدم أهلية المشرع لوضع مثل هذه الموازنات الكبيرة ولو ان صياغات الموازنة وابوابها قد تمت بصورة صحيحة وبعيدا عن الاجتهادات الشخصية لما حدث هذا اللغط وهذا التأخير.
وتخبط الحكومة وجهلها بوضع الموازنات وتبويبها لا يعفي مجلس النواب من تقصيره في جديته التي فقدها بسبب التصارع السياسي والسباق الانتخابي بين المركز والإقليم لان المالكي يريدها صفقة مزدوجة محاورها ضمان بقاء الأكراد الى جانبه في الولاية الثالثة والحصول على تأييد الشارع بوقوفه ضد الكرد ابتداءا اما الكرد فيريدونها صفقة استثنائية أساسها المال مقابل المالكي ولان النوايا والخطوط متباعدة فقد وجد المالكي التخلي عن شراكة الكرد والاعتماد على تحشيد الشارع كونه من يعطي ويمنع .
إعلان المالكي عدم شرعية البرلمان يعني عدم شرعية حكومته لانه انعكاس للبرلمان وحل البرلمان يعني حل الحكومة التي انتهى وقتها منذ الولاية الثانية وحتى تبجحه بالسلطة العليا والمطلقة التي يمتلكها كذبة لا أساس لها لان البرلمان أساس السلطات ثم ما هي العلة من حل البرلمان ولم يتبق على مدته الا أسبوع او أسبوعين وربما اقل اذا ما اقر قانون الموازنة ومن الخطأ الذهاب الى المحكمة الاتحادية لأنها ستفسر الماء بعد الجهد بالماء وستفتح ثغرات تنفتح بعدها بوابات جهنم.
ان أفضل طريقة لحل الأزمات هو الجلوس الى طاولة الحوار والنقاش وليس بالتهديد والوعيد والالتفاف على الدستور الذي انتهى زمن الالتفاف عليه وولى مع الطغاة والجبابرة ومن يحاول ان يعيد رسم اللوحة السابقة فعلية ان لا ينسى ساعة القبض على الطغاة.وحتى نكون أكثر إنصافا فان المالكي يعرف قبل غيره ان اربيل افضل مكان لعقد الصفقات وتشكيل الحكومات وتمرير الموازنات.
https://telegram.me/buratha