المقالات

قراءات انتخابية ()

1233 2014-03-10

نـــــــــزار حيدر

في البدء، حقيقتان مهمتان، وهما:
اولا: ان العراقيين يتطلعون الى التغيير بسبب الوضع العام السيء الذي يمرون به، ان على صعيد العملية السياسية برمتها، او على صعيد التعليم والصحة والأمن والخدمات والبيئة والإدارة وغير ذلك. 
الا اللمم من المستفيدين من الوضع الحالي، وهم، بالمجمل، السياسيون والمنتفعون منهم بشكل مباشر.
ومن الواضح جدا، فان الحياة العامة في اي بلد من البدان هي نتيجة (السياسة) التي تحكمه، فالاقتصاد والنظام الاداري والقضاء والاعلام وكل شيء هو نتيجة السياسات التي تحكم البلد، قسم منها يتأثر بشكل مباشر بتغيّر هذه السياسات، وقسم منها لا يتغير كونه مرتبط بالدولة كمؤسسة مستقرة وغير قلقة، ولذلك نلحظ ان المجتمع في البلاد الديمقراطية يسعى لتغيير الحزب الحاكم، اذا فكر في التغيير، لا فرق في ذلك بين ان يكون النظام رئاسيا او برلمانيا، فإذا كان رئاسيا فيغير الحزب الحاكم من خلال تغيير الرئيس، اما اذا كان النظام برلمانيا، فيسعى لتغيير الأغلبية تحت قبة البرلمان، ليغير الحزب الحاكم.
ثانيا: ان التغيير الذي ينشده العراقيون لا يتحقق الا بأحد طريقين لا ثالث لهما، فاما ان يجري التغيير عن طريق الانقلاب العسكري، السرقة المسلحة، كما كان عليه الحال في العراق اكثر من نصف قرن مضى تقريبا، واما ان يأتي هذا التغيير عن طريق صندوق الاقتراع، وهو الامر المعمول به في الدول الديمقراطية كافة، فهو مبنى عقلائي بلا منازع.
لا شك ان الطريق الاول مرفوض من قبل كل العراقيين بلا استثناء، الا اللمم ممن يحنون الى الماضي ويتمنون اعادة عقارب الزمن العراقي الى الوراء، ليعودوا يحكمون العراق بالحديد والنار، تساعدهم في ذلك جماعات العنف والإرهاب التي لازالت تقتل وتدمّر لتخريب العملية السياسية والنظام الديمقراطي برمته.
نحن، إذن، امام مفترق طرق، فاما ان نعض على نواجذنا وجراحنا لحين الوقوف بعد أسابيع امام صندوق الاقتراع لنمارس حقنا الانتخابي، ومن خلاله نحقق التغيير المرجو، او ان نتصور بان ذلك لا يغير من الامر شيئا وكأننا نستسلم لطريق التغيير الثاني، واقصد به العودة الى لعبة الانقلابات العسكرية.
ان من لا يتصور إمكانية التغيير عن طريق صندوق الاقتراع، فإنما يستسلم للطريق الاخر شاء ذلك ام ابى، فهي معادلة واضحة لا تقبل الجدال كثيرا، فالتغيير المرجو، اما ان يأتي عن طريق صندوق الاقتراع، او ان يأتي عن طريق السرقة المسلحة، فأي الطريقين سيختار العراقيون نهاية الشهر القادم؟.
بالنسبة الى المرجعية، فإنها حسمت رأيها في آلية التغيير عندما قالت:
[ان احد المطالب الجوهرية للانتخابات هو التغيير نحو الأفضل، الذي يمكن ان يضمن تحققه بالمشاركة أولا وحسن الاختيار ثانيا، ومعنى ذلك ان الانتخابات هي الالية الأساسية لتكوين حكومة رشيدة وصالحة ومجلس نيابي يقوم بدوره كما يفترض وفق الدستور ومصالح الناس، وان يكون هناك نمط من التجديد بالنسبة إلى مجمل الوضع الحكومي وفق ما يرغب فيه الناس، وان التغيير المطلوب هو ذلك التغيير الذي يكون شيئا صحيحا ومناسبا ومفيدا للمجتمع بصورة عامة].
صندوق الاقتراع، إذن، هو آلة التغيير الوحيدة التي تعتقد بها المرجعية الدينية، وهو ما يجب ان يتمسك به العراقيون باي شكل من الأشكال، لان البديل لهذه الآلة هو (الانقلاب العسكري) وإذا كان هناك من يرى طريقا ثالثا للتغيير، فليذكره لنا، فقد نشاطره الرأي ونعمل على تحقيق التغيير المرجو من خلاله.
ان على العراقيين ان يعتقدوا بصندوق الاقتراع كأفضل وأحسن آلة لتحقيق التغيير، شريطة ان يمارسوا التغيير من خلاله، بالفعل وليس بالتمنّي، اما اذا وقفوا أمامه ليعيدوا استنساخ الوضع بحجة او باخرى، فان التغيير سوف لن يحصل ابدا، فالعبرة ليست في صندوق الاقتراع وإنما فيما يضع فيه الناخبون من آراء وأصوات، فمثله كمثل الحاسوب، فهو يُنتج لك على أساس التغذية التي قدمتها له، فهو لا ينتج من عنده، ولا يفكر بالنيابة عنك، ابدا، فهو نتيجة لتغذية معينة، وهكذا هو صندوق الاقتراع، فهو نتيجة لخيارات الناخبين، فإذا لم يغيروا شيئا من خلاله، فانه سوف لن يعطي نتائج مغايرة لما وضع فيه الناخبون من آراء وأصوات.
تعالوا، إذن، أيها العراقيون، نمارس التغيير من خلال صندوق الاقتراع.
بقي ان أجيب على سؤال وردني من احد الاحبة، يقول: هل ان الله تعالى سيحاسب جدتي العجوز التي لا تقرا ولا تكتب اذا اخطأت الاختيار، فصوتت للص مثلا او لمرشح فاسد؟.

الجواب: انها سوف تسال اقرب الناس اليها قبل ان تختار المرشح الذي ستصوت له، أليس كذلك؟ من اجل ان لا تحرم العراق من صوتها، عندها سيكون (مستشارها) هو المسؤول امام الله وأمامها في آن.اخيرا.. لو ان الناخب صوّت لمرشح يعتقد، بينه وبين الله تعالى، انه يستحق الثقة، الا انه غيّر وبدّل بعد ان حجز مقعده تحت قبة البرلمان، فان وزره لا يقع على الناخب، فذمته بريئة، شريطة ان لا يجدد له الثقة مرة اخرى.
آذار 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك