ظافر الحاج صالح
ارتدت بدلة بيضاء، زاهية اللون، منقوشة بأزهار ولألئ جميلة، وضعت على رأسها طرحة، فبدت ملكة فاتنة، مغمورة بسعادة لا توصف، وأنيقة كأناقة عروس في أحلى أيام شبابها!
سألت والدتها: نحن ذاهبون إلى عرس من؟ فاحتارت الوالدة.. لم تعرف بم تجيب على فلذة كبدها!
كانت تزينها بعبرة مؤلمة، تكحلها بدموعٍ ! بدمٍ! بات غير معروف، فالمنظر واحد! وتدندن لها بآهات؛ أبكت اصلب صخرة وجدت على الأرض!
تزوجها وهي بعمر 9 سنوات، ما تزال بالمرحلة الابتدائية من الدراسة، أخذتهُ النزعة القبلية، والعادات التي توارثها من أسلافه؛ إلى أمر اعتبرهُ إهانة، نكست رؤوس العشيرة، وحطت من مقامها!
كيف تكون زوجة الشيخ الفلاني، وما تزال تدرس؟ أتخرج من البيت مرتديةً زياً مدرسي، غير العباءة والـ"بوش"؟ وبم ستنادى في المدرسة! (مرة الشيخ)، (الشيخة)، أم ( فلانة الوردة )! كيف يقبلها على نفسهِ، فهذهِ الأمور من المحرمات؛ بأن يتم تلقيبها من غيرهِ بـ" الوردة"! وهل يقيم لها مأدبة عشاءٍ احتفاءً بنجاحها؟ أم .. بأول مولود لها؟
هو لم يعرف للمدرسة معنى، قبل أن يعرف لها طريق! قرر أن يحفظ ماء وجههِ؛ لأنهُ يرى في " الجهل "، وتحطيم مستقبل المرأة، أو (الطفلة) واضطهاد حقوقها، كونها تفهم آمرا هو لا يفقه فيه شيئا، حفظ لماء الوجه!
قرر أن تكون الطفلة، عفوا ( الزوجة ) في عقر الدار، لا تخرج منهُ إلا ما ندر، ولغرض معين بعلمهِ، حتى وان حرق الدار وهي فيه، فهذا شرعيٌ، ومن حق الزوج على زوجتهِ أن تمتثل لأوامرهِ، وان كان قد حطم ماضيها ومستقبلها! فعليها التزام أوامره، ترك الدراسة، وتنفيذ ما يمليهِ عليها "الرجل التسعيني"، (اعتذر إن كنت سببت لك آلما بتذكيرك أن عمرك بلغ التسعين عاما)، الذي يتمتع بجاهٍ، ونفوذ كبير في عشيرتهِ.
هذا هو الأمر الذي جعل والد الفتاة "يبيعها "، عفوا "يزوجها "، لرجل يمتلك من المال والنفوذ ما يكفي لأن تحيا الطفلة، عفوا "زوجة الشيخ التسعيني"، حياة رغيدة، بحسب ما يراه والدها، وحينما سألوه: كيف استطعت بيع ابنتك؟ أ طاوعك قلبك على فعل ذلك؟ أجابهم وبكل عنصرية: فعلتها بموجب القانون المشرع، من قبل جهات (هو يرى إنها) مختصة! هل تفقهون شيئاً أكثر من القوانين؟
تغابى الوالد عن أمور كثيرة، من ضمنها؛ لم يمض على تركها الرضاعة فترة طويلة، وهي ما زالت تلعب بالعاب للأطفال، ولا تعرف شيئا عن الزواج وحقوق وواجبات الزوجة!
فسلاما على دراسة ضاعت، سلاما على طفولة اغتصبت، سلاما على حقوق انتهكت، سلاما على إعدامات بحق الإنسانية طبقت، وسلاما على عراق عاث فيه المفسدون بإسم الدين، الذين سيخلدهم التأريخ مسيئين لا مصلحين!
https://telegram.me/buratha