المقالات

الأغلبية الصامتة ومهارات الحاكم الديمقراطي!..

1890 2014-03-22

  إبتكرت الباحثة الألمانية "إليزابيث نويله – نويمان" نظرية مثيرة للجدل في الإعلام؛ النظرية تتلخص بأن الأغلبية يلوذون بالصمت؛ خشية الاضطــهاد وخوفاً من العـــزلة الاجتماعية، إذا ما أفصحوا عن آرائهم المعارضة للاتجـــاه الســائد، الذي تفـــرضه وســائل الاعــلام.

الأغلبية الصامتة كما تعتقد نويمان، موجودة تحت ظل كل الأنظمة الحاكمة، في الأنظمة الديكتاتورية يستبد الحاكم مستعينا بهراوات البوليس، وأدوات القمع والتنكيل التي يجيد إستخدامها كل المستبدين والطغاة، ويتوارثونها جيلا بعد جيل بعد تطويرها وتنميتها، مبتكرين دوما أساليب جديدة..

هنا في العراق جربت معنا أساليب لم تجرب مع غيرنا: تجفيف الأهوار، القصف الكيماوي لحلبجة، تهجير الكورد الفيليين وإلقائهم في العراء، بعد مصادرة أملاكهم، سحب الجنسية، أحواض التيزاب، معاقبة مدن بأكملها، كما حصل مع كربلاء والدجيل..والأمثلة أكثر من أن تحصى!

معظم ضحايا الأنظمة الإستبدادية، هم من الأغلبية الصامتة، وليسوا من معارضيه! فالمعارضين يتحسبون لبطش الديكتاتور وزبانيته، ويمكنهم أن يفلتوا، إلا أن الأغلبية الصامتة تعتقد أنها لم تفعل شيئا يغضب المستبد، ولذلك تتصرف بحسن نية، ولكنها تقدم نفسها قرابين لغضبه بحسن نية أيضا!

الصمت هو مصدر اللذة والمتعة الوحيد لدى الأكثرية الصامتة، لكن الحقيقة هي أنهم ليسوا صامتين بلا حراك، إذ أنك تشعر بهم متراصين بعضهم الى بعض، طلبا لدفء يوفره القطيع الذي ينتمون اليه، تحس بأنفاسهم تصعد من صدورهم، ترى عيونهم توشك أن تخرج من محاجرها، يشتكون بهمس أقرب الى الصمت، لا يرفعون أصواتهم رفضا أو قبولا، ولكنك لا تراهم كأفعال وتصرفات ترفض القبيح، لكنهم يحشرون أجسادهم كل ليلة في أسرتهم بين أسرهم، ينتظرون التغيير، مرددين يا ستار!

 في الأنظمة الديمقراطية إستبدل الحاكم الديمقراطي، هراوات البوليس ورصاص الجند بوسائل الإعلام، كأدوات لتحقيق نفس غايات المستبد الديكتاتور، المتمثلة بالسيطرة التامة على مقاليد الحكم، المستبد ولغبائه يصل الى أهدافه بالقمع والتنكيل والإضطهاد، والديمقراطي يصلها عبر وسائل قمع وإضطهاد ناعمة!

في قمع المستبد وقمع الديمقراطي ثمة نقاط لصالح الديمقراطي، الأول ينام خائفا من تغيير ربما يحدث من داخل بيت الطغيان، والديمقراطي ينام مطمئنا الى أنه أجاد الضحك على الذقون!

مهارات المستبد تقوده دوما الى خارج السلطة، ملاحقا مختبئا، ولذلك ينتهي أغلب المستبدين نهايات غير سعيدة بالنسبة لهم، فيما مهارات الديمقراطي تبقيه في السلطة، وحتى إذا خرج منها، فإنه يخرج كالشعرة من العجين، لأنه رتب أوضاعه مع من سيأتي من بعدهن بإتفاق ضمني غير معلن: أسكت عني فأسكت عنك!

كلام قبل السلام: بعض البشر مجـرد أفواه ناطقة، ينتقدون ويذمـون ولا شيء فوق ذلك، ولاشيء تحته، لا شيء قبله، لا شيء بعده!

سلام...

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك