مديحة الربيعي
أن تعيش في بلد, وتحمل جنسيته وتنتمي له تاريخاّ وفكراً, حتى أن جذور ألانتماء تلك تضرب عميقاً في روحك قبل عقلك, كل ذلك تلك المؤشرات تحتم أن تكون مواطناّ لك حقوق وعليك واجبات, هذا هو المفروض, أذا ما أختلت تلك المعادلة, فأعلم بأنك أنسان مسلوب الحقوق مناطٌ بواجبات.
المواطن يعطي يقدم يضحي, يجوع يتألم, يفقد في كل يوم عزيز, ويقدم القرابين على مذابح الحرية, بكل ألاوقات , وبشتى السبل,بين شهيدٍ في أرض المعركة, وشهيد لمقارعة الظلم, وشهداء بسبب التفجيرات, وقائمة العطاء والتضحيات تطول, في العراق, حتى أني بت أعتقد أن نخل العراق باسقاً لأنه يروى بالدم لا بالماء, لذلك هو أقوى من ينحني.
أما المسؤول, فدوره في البلاد يتمثل في التسلط, فرض ألاحكام, اتخاذ القرارات الفردية, السفر التجوال, شراء المنازل الفخمة, والبحث عن ألامتيازات والمخصصات, والصراع على الكرسي, والسعي للتوريث الحكم لأهله وأقاربه, ماعدا ذلك ليس على قائمة أهتماماته.
تلك الصورة التي تمثل حقيقة الهوة الكبيرة, بين المواطن والمسؤول والفرق بين حياة الحاكم والمحكوم, أشبه بطريقة عيش الظالم والمظلوم, في تلك الحالة لا يوجد في بلادي مواطنين بل نحن نطمح أن نكون كذلك, نتمنى أن تكون قيمة العطاء التي يقدمها المواطن تتناسب مع قيمة الخدمات, أن يجد العراقي من يسمع صوته, ومن يخدمه, من يكون مسؤولاً عن توفير لقمة العيش للأرامل, ويرى اليتيم بنفس العين التي يرى فيها أبن الوزير, لا أن يكون أعمى أمام اليتيم, ويرى أبناء المسؤول بألف عين, تنطبق على كل من يفعل, ذلك ألاية الكريمة" فأنها لاتعمى ألابصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور" (الحج46).
لا نحتاج حاكماً أعمى, بل نحتاج من يبصر شعبه بقلبه قبل أن يراهم بعينه, من يحكم بالحق, ويرى أن شعب العراق قدم وأعطى وضحى, ويستحق العيش أفضل من بقية الشعوب, نطمح أن لا يعامل المسؤول الناس بدرجات يحددها هو وطغتمه , مواطن من الدرجة ألاولى والثانية,حتى أن البعض ليس لهم درجة وهذا هو حال عموم أبناء الشعب من البسطاء والفقراء وكبار السن.
يحتاج العراقي أن يعامل كمواطن, فالمسؤول الذي ينظر لمن يحكمهم بأنهم مواطنون, وليسوا عبيداً يسوسهم, في تلك الحالة فقط, سيرى أن لهم حقوق, ويحرص على أن يخدمهم قبل أن يفكر, في أن يحكمهم, من يفكر بأنه خادم لشعبه وليس حاكم, ذلك هو نموذج القائد الذي يعامل العراقي بأنه مواطن ويبحث عنه الجميع.
https://telegram.me/buratha